TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من "ما ننطيها" إلى "لتضيعوها"

العمود الثامن: من "ما ننطيها" إلى "لتضيعوها"

نشر في: 5 أكتوبر, 2025: 12:05 ص

 علي حسين

بعض القوى السياسية منفعلة.. في كل يوم نرى الكثير من السياسيين يرفعون اصابعهم بوجه كل من يتحدث عن التغيير والاصلاح.. ذبابهم الالكتروني على أهبة الاستعداد لملاحقة ومحاصرة كل من تسوّل له نفسه الحديث عن اخطاء العملية السياسيةوخيباتها.. يريدون من العراقيين جميعا ألا يغادروا عصر السمع والطاعة.. يقولون لك إن مناصبا وكراسينا لا تمس ولا يجوز الاقتراب منها.
تسأل فرقة "ما ننطيها".. لماذا تريدون الاستئثار بالسلطة الى ابد الآبدين؟ يقولون وكلهم إيمان وحماسة وانفعال أيضا: ألم تروا المنجزات التي تحققت خلال السنوات العشرين الماضية
عندما تدمر مؤسسات الدولة، بدلا من تطويرها على اسس ديمقراطية.. فان هذا الامر يرخّص الدماء والارواح التي قدمها العراقيون على مدى عقود طويلة من اجل ان يتنفس أبناؤهم هواء الديمقراطية الحقة.
وعندما يصر البعض على الاستحواذ على المناصب العليا.. ويستخدم مقربوه حيلا وألاعيب لتخوين الآخرين وإقصائهم.. وعندما يحاصر الكفاءات ويجبرون على الهجرة.. عندما يسرق بلد في وضح النهار، عندما يبرر التغييب ومطاردة اصحاب الرأي.. عندما تسلم مؤسسات الدولة الى أصحاب "الثقة" لا أصحاب الخبرة، وعندما لا يرى رئيس الوزراء في القضاء سوى القوانين التي تحصن سلطاته وتصونه.. فإننا بالتأكيد سائرون في طريق الخراب.
في تجارب الشعوب التي طالما أتمنى ان يتعلم منها ساستنا نجد صورا أخرى لزعامات قدمت لشعوبها الافعال بدلا من الخطب والشعارات.. زعماء قدموا لشعوبهم ما لم يعرفوه من قبل.. في سنغافورة والبرازيل وتركيا استطاع حكام بفضل نزاهتهم وإصرارهم على إشاعة روح العدالة الاجتماعية أن يحدثوا اكبر التحولات السياسية والاقتصادية في العالم. اما نحن مساكين هذه البلاد الذين عشنا سنوات من الأسى والصراع على المنافع والمغانم، فقد توهمنا أن حكامنا سيجعلون الحرية حق والأمان حقا، وحب الحياة حقا فإذا نحن أمام مسؤولين يصرون على ان يحولوا الحق إلى ضلالة والحياة إلى جحيم يكتوي بنارها معظم العراقيين.
للاسف استبدل ساستنا نموذج الكفاءة بنموذج "الثقة" وهو النموذج السائد الآن في مؤسسات الدولة، بمعنى أنه تعبير حقيقي عن الحالة السياسية، ومن ثم سنجد آلاف من أهل "الثقة" في مجالات عديدة وليس فقط في السياسة، ولن نحتاج مجهودا كبيرا حتى نجدهم في كل مكان، فقد طفحت شاشات الفضائيات طوال السنوات الماضية بعدد لا بأس به من نموذج "أهل الثقة" الذين يظهرون كلما احتدم الصراع على المناصب والمكاسب، لتجدنهم يقفون بالمرصاد لكل من تسوّل له نفسه الاقتراب من قلعة الحكومة الحصينة.
ودعونا نسأل سؤالاً بريء؛ ما الذي يريده البعض بشعارات "ما ننطيها" "ونحن امة" و "لتضيعوها"؟.. هل من اجل مزيد من إهدار سنيّ حياتنا؟.. أم يريد منا ان نظل نتحمل الأخطاء والخطايا الى نهاية العمر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جائزة الجوائز

العمود الثامن: لماذا خسرت القوى المدنية ؟

العمود الثامن: مع الاعتذار لعشاق الانتخابات !!

عندما يجفُّ دجلة!

الأقليات وإعادة بناء الشرعية السياسية في العراق: من المحاصصة إلى العدالة التعددية

العمود الثامن: مع الاعتذار لعشاق الانتخابات !!

 علي حسين أثار المقال الذي نشرته أمس في هذا المكان بعنوان " لمذا خسرت القوى المدنية " انزعاج البعض ، وشتائم البعض الآخر وسخرية مَّن يعتقد أننا نعيش أزهى عصور الديمقراطية ، وأن...
علي حسين

باليت المدى: الأخوات العشر

 ستار كاووش ثلاث ساعات بالقطار كانت كافية للوصول من شمال هولندا الى مدينة كولن الألمانية. هي ثلاث ساعات فقط، لكنها كانت كفيلة أيضاً بنقلي من عالم الى آخر. ترجلتُ عند محطة كولن وسحبتُ...
ستار كاووش

حوار نووي ساخن: هل تهدد موسكو وواشنطن بعضهما الآخر بالأسلحة الفتاكة؟

د. فالح الحمـــــراني منذ أن أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 29 تشرين الأول بيانًا يأمر فيه البنتاغون ببدء تجارب الأسلحة النووية "على قدم المساواة". وموضوعة الأسلحة النووية باتت الشغل الشاغل ليس لوسائل الإعلام...
د. فالح الحمراني

الفوز اللافت لزهران ممداني: "مقاربة عراقية"

د. أحمد عبد الرزاق شكارة الفوز اللافت لزهران ممداني في انتخابات عمدة نيويورك يجعلنا نفكر في الدلالات والتداعيات لمثل هذا الزلزال ليس فقط على الصعيد الأمريكي وإنما في العراق ذاته في مقاربة (مع الفارق...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram