متابعة / المدى
بعد محاولتين فاشلتين، نجحت السياسية اليابانية سناي تاكاشي في أن تصبح أول امرأة تقود الحكومة في تاريخ اليابان، بعد فوزها برئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، في خطوة وصفتها وسائل الإعلام بأنها ميلاد “المرأة الحديدية اليابانية”.
تاكاشي، البالغة من العمر 64 عاماً، انتُخبت زعيمة للحزب الحاكم في الذكرى السبعين لتأسيسه، مما يمهد لتوليها رسمياً منصب رئيسة الوزراء منتصف أكتوبر الجاري عقب تصديق البرلمان على تعيينها.
ولدت تاكاشي عام 1961 في محافظة نارا، وسط أسرة متواضعة، فوالدها موظف بسيط ووالدتها ضابطة شرطة. لم تكن السياسة ضمن اهتماماتها الأولى، إذ عملت في شبابها عازفة طبول في فرقة “هيفي ميتال”، واشتهرت بحماسها المفرط في العزف الذي كان يؤدي إلى كسر العصي، كما مارست الغوص وعُرفت بشغفها بالسيارات الرياضية، ولا تزال سيارتها المفضلة من طراز “تويوتا سوبرا” معروضة في متحف بمدينة نارا.
قبل دخولها عالم السياسة، عملت كمقدمة برامج تلفزيونية، مما منحها حضوراً إعلامياً بارزاً ظل يرافقها طوال مسيرتها. وبدأ اهتمامها بالشأن العام خلال دراستها في الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، حين عملت في مكتب عضوة الكونغرس الأميركية باتريشيا شرودر، المعروفة بانتقادها للسياسات اليابانية. هناك أدركت تاكاشي أن اليابان بحاجة إلى تعزيز استقلالها في مواجهة التصورات الخارجية.
دخلت تاكاشي المعترك السياسي عام 1992 كمرشحة مستقلة دون نجاح، لكنها فازت في الانتخابات اللاحقة عام 1993، ثم انضمت إلى الحزب الليبرالي الديمقراطي عام 1996، وفازت منذ ذلك الحين بعشرة انتخابات متتالية. تولت مناصب وزارية عدة، أبرزها وزيرة الاتصالات، ووزيرة الاقتصاد والأمن القومي. تُعد تاكاشي من أبرز تلامذة رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، وتتبنى رؤيته الاقتصادية المعروفة باسم “آبينوميكس”، التي تقوم على الإنفاق الحكومي الواسع وتسهيل الإقراض. وخلال حملتها الأخيرة، أعلنت رغبتها في أن تكون “المرأة الحديدية لليابان”، في إشارة إلى إعجابها بمارغريت تاتشر، أول رئيسة وزراء لبريطانيا.
ورغم توجهاتها المحافظة، أظهرت مرونة سياسية بتعهدها بدعم النساء العاملات من خلال تخفيضات ضريبية على خدمات رعاية الأطفال، وتوسيع الخدمات الصحية المخصصة للنساء. وتقول إنها استمدت صلابتها من تجربتها الشخصية في رعاية كبار السن داخل أسرتها، مؤكدة أنها تسعى إلى “بناء مجتمع لا يضطر فيه أحد لترك عمله بسبب مسؤولياته الأسرية”.
ومع استعدادها لتولي رئاسة الوزراء رسمياً في 15 أكتوبر، تواجه تاكاشي تحديات اقتصادية وديموغرافية كبيرة، وتضع في مقدمة أولوياتها استعادة الثقة بالحزب الحاكم وتعزيز مكانة اليابان على الساحة الدولية. وبصعودها إلى قمة السلطة، تبدأ اليابان فصلاً جديداً في تاريخها السياسي، تُكسر فيه التقاليد كما كانت تاكاشي تكسر عصي الطبول في شبابها.










