TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > استطلاع يظهر أن الأوكرانيين لم يعودوا يقتنعون بإمكانية هزيمة بوتين

استطلاع يظهر أن الأوكرانيين لم يعودوا يقتنعون بإمكانية هزيمة بوتين

مستعدّون لتقديم تنازلاتٍ من أراضيهم مقابل السلام

نشر في: 6 أكتوبر, 2025: 12:04 ص

 ترجمة المدى

بعد أكثر من ثلاث سنوات على بدء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، امتدّت آثارها داخل أوكرانيا إلى ما هو أبعد من خطوط الجبهة. فقد أنهكت موجات الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات المسيّرة المتواصلة الشعبَ الأوكراني، بينما تتعرّض كييف بانتظام لهجمات ضخمة، ولم تعد المدن الواقعة في غرب البلاد، بما في ذلك كييف، في مأمنٍ من الضربات الجوية الروسية القاتلة.
حتى على بُعد مئات الأميال من جبهات القتال، يرى المدنيون الكلفة البشرية للحرب، إذ يتنقّل المحاربون القدامى من الشباب الذين فقدوا أطرافهم في محطات القطارات، ومترو الأنفاق، والمتاجر.
لا شكّ في أنّ التوق الشديد للسلام يسود البلاد، لكن هناك شعورًا لا يقلُّ قوّةً بأنّ التنازلَ عن أيّ جزءٍ من الأراضي لروسيا، مقابلَ إنهاءٍ محتملٍ للقتال، سيجعل التضحياتِ الهائلةَ التي قُدِّمت بلا معنى.

الإنهاك الناجم عن الحرب
في المراحل الأولى من الحرب الروسية ضد أوكرانيا، أظهرت استطلاعاتُ المعهد الدولي لعلم الاجتماع في كييف أنّ نحو تسعةٍ من كلّ عشرة أوكرانيين قالوا إنه، تحت أيّ ظرفٍ من الظروف، لا ينبغي التنازل عن أيّ جزءٍ من الأراضي التي سيطر عليها الجيش الروسي.
أمّا أحدثُ الاستطلاعات، فتُظهر أن نحو نصف الأوكرانيين ما زالوا يرفضون بشكلٍ قاطعٍ أيّ تنازلاتٍ إقليمية، في حين أنّ حوالي 39% أصبحوا مستعدّين للنظر في مثل هذه الفكرة.
وأظهر استطلاعٌ آخرُ أجرته مؤسسة «غالوب» في يوليو/تموز الماضي، أن 69% من الأوكرانيين يؤيّدون الآن إنهاءَ الحرب عبر التفاوض في أقرب وقتٍ ممكن، مقارنةً بـ24% فقط يفضّلون مواصلة القتال حتى تحقيق النصر الكامل.
في عام 2022، كانت الصورة معاكسةً تقريبًا: 73% أرادوا الاستمرار في القتال، و22% فقط دعموا خيار المفاوضات. هذا التحوّل شبه الكامل يعكس الإنهاكَ المتزايدَ الناجم عن الحرب في المجتمع الأوكراني.

التنازل عن الأرض
على الرغم من تغيّر مواقف بعض الأوكرانيين تجاه فكرة التنازلات الإقليمية، فإنّ الخطوة ما زالت تُعتبر تنازلًا هائلًا، ولن تُقبل إلّا إذا جاءت مشفوعةً بآلياتٍ أمنيةٍ قويّة — تشمل تمويلًا عسكريًا واسعًا، وتوريدَ أسلحةٍ، وضماناتٍ دولية.

لكن حتى هذا لا يكفي لمعظم الأوكرانيين.
وصفت عضوةُ البرلمان الأوكراني، يوليا كليمنكوف، من حزب «هولوس»، هذه الفكرةَ بأنها «انتحارٌ سياسيّ». وأضافت في حديثٍ لها لصحيفة آي بيبر: «أيّ تنازل، حتى لو كنا نتحدث عن مترٍ مربعٍ واحد، هو أمرٌ مستحيل. الخيار الوحيد ربما يكون نوعًا من تجميد خط القتال — هذا هو الحلّ الوحيد القابل للنقاش داخل المجتمع الأوكراني».
وتضيف أن التنازلاتِ الإقليميةَ الأوكرانية تُعتبر مرفوضةً سياسيًا وغير قابلةٍ للتطبيق قانونيًا، إذ يمنع تعديلُ الدستور أثناء تطبيق الأحكام العرفية، وحتى في أوقات السلم يتطلب أيّ تعديلٍ دستوريّ تصويتين منفصلين في البرلمان الأوكراني خلال عامٍ واحد، كلٌّ منهما بحاجةٍ إلى موافقة 300 نائبٍ على الأقلّ من أصل 450.
من الخيارات التي يعتبرها بعض الأوكرانيين أكثر واقعيةً، تجميدٌ فوريّ للجبهة الحالية، يترافق مع تسويةٍ دبلوماسية، من دون التنازل عن الأراضي التي تحتلها روسيا حاليًا.
يعتقد كثيرٌ من الأوكرانيين أنّ حتى التنازل عن أراضٍ لن يُنهي الحربَ بشكلٍ دائم.
فالنتاين بونداريتس، لاعبُ بوكرٍ شعبيّ من كييف، يقول: «يرى الأوكرانيون أن التسويةَ المرحليةَ أكثرُ واقعيةً، وتشمل تجميدَ خطّ الجبهة، وتبادلَ الأسرى، وآلياتٍ قانونيةً وماليةً للتعويضات، وضماناتٍ أمنيةً دولية».
ويضيف أن البعض يرى أن تخفيفًا محدودًا للعقوبات على روسيا قد يدعم استقرارَ المنطقة مؤقتًا، «لكن يجب أن يكون ذلك مشروطًا بتنفيذ التزاماتٍ محدّدة — لا أن يُمنح كهديةٍ للمعتدي».
أمّا غابريلا كوركوف، مديرةُ علاقاتٍ عامةٍ من كييف، فتقول: «لا أعتقد أن التنازلَ عن الأرض سينهي الحرب. من شبه المؤكد أن روسيا ستتوقف مؤقتًا لتعيد تنظيم صفوفها ثم تعود للمزيد. لا يعني ذلك أن التنازلات يجب أن تُستبعد نهائيًا، لكنها على الأرجح ستوقف القتالَ مؤقتًا فقط — ستكون هدنةً لا سلامًا».

الدور الأميركي
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد ذكر سابقًا أن على أوكرانيا أن تتنازل عن بعض أراضيها كجزءٍ من اتفاقٍ لإنهاء الحرب. لكن في الشهر الماضي، نشر على منصة «تروث سوشيال» قوله إنّ كييف بمقدورها «استعادة جميع الأراضي الأوكرانية ضمن حدودها الأصلية».
وبعد أيام، صرّح نائبُ الرئيس جي دي فانس أن الولايات المتحدة تدرس تزويدَ أوكرانيا بصواريخَ بعيدةِ المدى قادرةٍ على ضرب أهدافٍ داخل العمق الروسي، بما في ذلك موسكو.
فولوديمير هورباتش، المدير التنفيذي لمعهد المرحلة الانتقالية لمجموعة يوروآسيا الشمالي في كييف، يقول: «لقد تحقق تقريبًا نوعٌ من التكافؤ على طول الجبهة، لكنه لا يشمل القدرات الصاروخية لضرب الأهداف العسكرية داخل روسيا. إذا استطعنا تحقيق التكافؤ هناك أيضًا، فستصبح مواصلة الحرب أمرًا عديم الجدوى بالنسبة للمعتدي». ويضيف: «الأمر الأهم الذي يجب إدراكه في هذه الحرب هو أنها ليست حربًا يجري خوضها حول الأراضي، بل هي حربٌ وجودية. الروس ينكرون الهويةَ الأوكرانية باعتبارها شيئًا مختلفًا عن الهوية الروسية. أوكرانيا وأوروبا لا تملكان سوى طريقةٍ واحدةٍ للتعايش مع روسيا، وهي أن نبقيهم ضمن مدى النيران».
وكانت روسيا قد نفذت مساءَ الجمعة ما وصفته أوكرانيا بأنه «أكبرُ هجومٍ حتى الآن» على منشآت الغاز الأوكرانية، وذلك وفقًا لما أعلنته شركة «نفطوغاز»، وهي أكبر شركةٍ وطنيةٍ للنفط والغاز في البلاد.
وقالت الشركة إنّ القوات الروسية شنّت أكبرَ ضربةٍ على منشآت إنتاج الغاز منذ بداية الغزو عام 2022، مما تسبب بأضرارٍ خطيرة. من جانبها، أكدت وزارةُ الدفاع الروسية الجمعة أنها نفّذت ضرباتٍ ليليةً واسعة النطاق ضد منشآت الصناعات العسكرية الأوكرانية، وكذلك ضد البنية التحتية للغاز والطاقة.
وفي إطار الردّ، كثّفت القواتُ الأوكرانية هجماتها العميقة بالطائرات المسيّرة على مصافي النفط داخل الأراضي الروسية خلال الأشهر الأخيرة، مما أدّى إلى نقصٍ في الوقود في بعض المناطق الروسية.
واستهدفت طائرةٌ مسيّرةٌ أوكرانية الجمعة شبكةَ مصفاة «أورسك» للنفط والغاز في مدينة أورسك الروسية، قرب الحدود مع كازاخستان، مسبّبةً اندلاعَ حرائق.
وجاء هذا الهجومُ بالتزامن مع تقريرٍ يفيد بأنّ روسيا أجرت ترقياتٍ على صواريخها الباليستية لتتمكّن من تجاوز أنظمة الدفاع الجويّ الأمريكية «باتريوت» المنتشرة في أوكرانيا.
وتشمل هذه الترقياتُ على الأرجح صواريخَ «إسكندر-إم» و«كينجال»، التي يبلغ مداها نحو 500 كيلومتر و480 كيلومترًا على التوالي.
عن وكالاتٍ وصحفٍ عالمية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

واتساب يُطلق ميزة تسجيل الرسائل تلقائيًا

واتساب يُطلق ميزة تسجيل الرسائل تلقائيًا

متابعة/ المدى أعلن تطبيق واتساب عن تحديث جديد يضيف ميزة مبتكرة تسمح للمستخدمين بترك رسائل صوتية أو فيديو مباشرة عندما لا يتم الرد على مكالمة صوتية أو فيديو، كبديل أكثر سلاسة للبريد الصوتي التقليدي....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram