 بغداد / سجى رياض

يشهد سوق الذهب العالمي موجة ارتفاع متواصلة بفعل التوترات الجيوسياسية وضعف الثقة بالعملات التقليدية، فيما يرى خبراء أن المعدن الأصفر قد يواصل مساره الصاعد ليصل إلى 4 آلاف دولار للأونصة، وهو ما ينعكس إيجاباً على احتياطي العراق من الذهب، لكنه في الوقت نفسه يحمل آثاراً سلبية على القوة الشرائية للمواطنين وأسعار المصوغات.
وقال مدير البحوث الاقتصادية في المركز العالمي للدراسات التنموية في المملكة المتحدة، الدكتور صادق الركابي، إن «تزايد مشتريات البنوك المركزية حول العالم كوسيلة لتنويع الاحتياطيات، بالإضافة إلى دخول سيولة كبيرة إلى صناديق الذهب وشرائه كملاذ آمن في ظل تصاعد التوترات الدولية ومخاوف الاستقرار السياسي، أسهم في رفع سعر المعدن الأصفر».
وأضاف أن «ضعف الدولار الأميركي يجعل الذهب أرخص للمشترين بالعملات الأخرى، كما أن توقعات انخفاض أسعار الفائدة تُقلّل جاذبية الأصول ذات العائد الثابت وتزيد من الإقبال على الذهب».
من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه إلى أن «الارتفاع المستمر في أسعار الذهب يعود إلى تراجع الثقة بالعملات التقليدية، وعلى رأسها الدولار الأميركي، فضلاً عن انخفاض معدلات الفائدة الحقيقية، مما يجعل الذهب خياراً جذاباً للتحوّط من التضخم». وتابع أن «الزيادة الحالية في الأسعار تعكس تحوّلاً في سلوك المستثمرين الذين باتوا يبحثون عن أصول مستقرة في ظل التقلّبات النقدية والمالية العالمية».
وفيما يتعلق بانعكاس الارتفاع على المواطن العراقي، أوضح الركابي أن «من يمتلك مدخرات من الذهب سيحقق ربحية اسمية في حال البيع عند مستويات سعرية أعلى، بينما سيواجه المستوردون للسلع المرتبطة بالذهب تحديات متعلقة بالتضخم وأسعار النفط وسعر الصرف».
وبيّن أن «تأثير ارتفاع الذهب على سعر الدينار يعتمد بالدرجة الأولى على سياسات البنك المركزي وتدفق الإيرادات النفطية وليس على سعر الذهب بشكل مباشر».
أما عبد ربه فلفت إلى أن «ارتفاع الأسعار سينعكس مباشرة على سوق المصوغات، مما يرفع كلفة الزواج والمهر ويضعف القوة الشرائية للطبقات الوسطى والفقيرة».
وأفادت تقارير محلية بأن احتياطي الذهب لدى البنك المركزي العراقي بلغ نحو 24 تريليون دينار، بنسبة نمو سنوي بلغت 13.3% وهي النسبة الأعلى منذ تأسيس البنك. وفي هذا الصدد، قال الركابي إن «ارتفاع أسعار الذهب يرفع من قيمة الاحتياطي العراقي ويحسن ملاءة البنك المركزي»، لكنه حذّر من «اللجوء إلى بيع جزء من الذهب لزيادة المعروض من الدولار، لأن ذلك قد يؤدي إلى تآكل الاحتياطي الذي يدعم استقرار الدينار». وأكد عبد ربه أن «استمرار صعود الذهب سيضع تحديات أمام البنك المركزي العراقي في إدارة الاحتياطي وتنويع الأصول، إذ سيستفيد البنك من ارتفاع قيمة الذهب في احتياطاته، لكنه قد يواجه ضغوطاً في حال اضطر للتدخل لتثبيت سعر الصرف أو دعم الدينار».
وأضاف أن «ارتفاع أسعار الذهب قد يشكل ضغطاً غير مباشر على العملة المحلية، لأنه يزيد الطلب على الذهب كمخزن للقيمة ويُضعف الثقة في الدينار على المدى المتوسط، خصوصاً إذا ترافق مع تقلبات في سوق الصرف أو زيادة في الإنفاق الحكومي دون غطاء إنتاجي حقيقي».
وأشار إلى أن «العلاقة بين الذهب والدينار ليست مباشرة، لكنها تُعد مؤشراً مهماً على مزاج السوق وتوقعات التضخم، وهو ما قد يؤثر فعلياً على سعر صرف الدينار مقابل الدولار الأميركي».