د. فالح الحمــراني
تفاعلت وسائل الاعلام الروسية مع انباء أكدت وجود اتفاق روسي / إيراني لأقامه شبكة دفاعات مضادة قد تشمل أيضا أجواء العراق، ويأتي ذلك على خلفية دخول معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة الروسية - الايرانية حيز التنفيذ رسميًا، ورفض موسكو بشدة إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران بتفعيل ما يسمى بآلية سناك باك..
وأشار الخبراء في تعليقاتهم على تلك التطورات بأنه لم يعد سراً أن الدفاعات الجوية الإيرانية فشلت في مواجهة القنابل الجوية والضربات الصاروخية من الطائرات خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل. ومن السذاجة الاعتقاد بأن طهران لا تتخذ أي إجراء تحسباً لهجوم جديد. وقد زعمت عدة وسائل إعلام إقليمية، نقلاً عن مستشار حكومي إيراني، أن إسرائيل تسعى لشن هجوم متزامن ومتعدد الأطراف على طهران، بالإضافة إلى قواعد أو أهداف تابعة لحلفاء إيران في اليمن والعراق.
وأفادت تقارير صحفية أن بغداد وطهران، توصلتا على المستوى الحكومي، إلى ضرورة العمل المشترك، إذ عجز العراق عن منع الطائرات الإسرائيلية من التحليق فوق أراضيه لقصف إيران.
كما أفادت مصادر مطلعة إن هذه القضية نوقشت على مستوى رئيسي المخابرات في القوات المسلحة لكلا البلدين. وكانت أهم نتائج المحادثات، كما نقلت تلك المصادر أن "طهران اقترحت انضمام بغداد إلى مفاوضات متعددة الأطراف مع روسيا والصين وكوريا الشمالية للحصول على أنظمة دفاع جوي حديثة، مما يمنح كل من العراق وإيران قدرات أكبر لصد أي هجوم جوي إسرائيلي. وتردد مؤخرا ان العراق وعلى خلفية ضغوط أمريكية اتفق مع كوريا الجنوبية لاستيراد صواريخ مضادات دفاعية.
وافاد مصدر في وزارة الدفاع الإيرانية أن إيران حصلت مؤخرًا على عدة طائرات مقاتلة روسية من طرازي ميج-29 وميج-30، بالإضافة إلى قطع غيار ضرورية لتشغيل مقاتلات سو-35. ومقاتلات ميج-29 التي حصلت عليها مُحدثة، وتتمتع بقدرات قتالية تُضاهي مقاتلات الجيلين الرابع والخامس. والغرض منها هو توفير غطاء جوي للمجال الجوي الإيراني، ولا سيماً ضد مقاتلات إف-15 وإف-16 الإسرائيلية
ولمواجهة مقاتلات F-22 وF-35، تحتاج إيران إلى مقاتلات Su-35. وتعمل إيران أيضًا على الحصول على مقاتلات صينية من طراز J-10 وJ-20 وJ-35، لكن استخدامها في المستقبل المنظور يبدو مستحيلًا، أولًا لأنها تتطلب أنظمة دفاع جوي ورادارات صينية متكاملة، وهو ما تفتقر إليه إيران، وثانيًا، يحتاج الطيارون الإيرانيون إلى تدريب مكثف للانتقال إلى هذه المقاتلات. وكانت إيران قد استوردت طائرات MiG-29 روسية من الاتحاد السوفيتي. ويبدو أيضًا أن إيران تخطط لشراء نظام الدفاع الجوي S-400 في المستقبل القريب (إن لم تكن قد فعلت ذلك بالفعل) إذا اقترحت على العراق الانضمام إلى قدرات الدفاع الجوي الروسية.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق، أن روسيا اقترحت بناء نظام دفاع جوي متكامل مع طهران، لكن إيران رفضت، مفضلةً أصول دفاعها الجوي الخاصة.
وعلى تلك الخلفية أعلنت موسكو، في الثاني من تشرين الأول، دخول معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع طهران حيز التنفيذ رسميًا، مؤكدةً رفضها الامتثال للعقوبات التي أعاد مجلس الأمن الدولي فرضها على إيران بموجب آلية إعادة فرض العقوبات التلقائية لعدم امتثالها لاتفاقية عام 2015.
وتتضمن الاتفاقية الاستراتيجية، التي وُقّعت على أعلى مستوى في نيسان الماضي، أحكامًا تتعلق بـ «التعاون الأمني والدفاعي" بين البلدين لمواجهة "التهديدات العسكرية أو الأمنية المشتركة"، لكنها لا تُلزم أيًّا من الطرفين بالدفاع المشترك.
وقالت صحيفة (برافدا. رو) إن موسكو ستعزز بشكل كبير قدرات إيران والعراق على مواجهة العدوان الإسرائيلي والأمريكي، مما سيجبر إسرائيل على التفكير في خططها لشنّ هجمات على البلدين، مما سيؤدي حتمًا إلى سقوط العديد من الضحايا في صفوف طياريها.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في تعليق لها إن دخول معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع طهران حيز التنفيذ رسميًا يُمثل علامة فارقة في تاريخ العلاقات الروسية - الإيرانية، التي ارتقت إلى مستوى جديد نوعيًا من الشراكة الاستراتيجية الشاملة. وتحدد الوثيقة مبادئ توجيهية أساسية لجميع المجالات ذات الأولوية للتعاون الثنائي طويل الأمد. كما تنص على تعزيز التفاعل على الساحة الدولية في سياق النظام العالمي متعدد الأقطاب الناشئ، بما في ذلك التنسيق الوثيق داخل المنظمات متعددة الأطراف الرائدة، وبذل جهود مشتركة لتعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة، ومواجهة التحديات والتهديدات المشتركة.
تعكس الاتفاقية، حسب الوزارة، الخيار الاستراتيجي للقيادات السياسية العليا في روسيا وإيران لتعزيز علاقات الصداقة وحسن الجوار بشكل شامل، بما يخدم المصالح الأساسية لشعبي البلدين.
ووفقا للاتفاقية يلتزم الطرفان بتعميق وتوسيع العلاقات في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك. كما اتفقت موسكو وطهران على الحفاظ على التعاون التجاري والاقتصادي، والتعاون في التدريبات العسكرية المشتركة. وفي حال تعرض أحد الطرفين للعدوان، يجب على الطرف الآخر الامتناع عن تقديم المساعدة للمعتدي. ولن تسمح روسيا وإيران باستخدام أراضيهما لدعم الحركات الانفصالية التي تهدد سلامة أراضيهما. كما تعتزم الدولتان مقاومة العقوبات، وتعتبران فرضها غير قانوني. وستمتنعان عن الانضمام إلى القيود التي يفرضها طرف ثالث على بعضهما البعض، وتضمنان عدم استخدام التدابير الأحادية الجانب. إضافة الى اتفاق موسكو وطهران على تعزيز التعاون الإعلامي لمواجهة التضليل والدعاية السلبية.
ستقدم الدولتان المساعدة في منع الكوارث الطبيعية والكوارث التي من صنع الإنسان، وتتعاونان لإنشاء بنية تحتية للدفع مستقلة عن الدول الثالثة. وكذلك على أنه سيمر خط أنابيب الغاز من روسيا إلى إيران عبر أذربيجان؛ ويتفق الطرفان على أساليب التسعير. تهتم موسكو وطهران بمشاريع مشتركة في مجال الطاقة النووية السلمية، بما في ذلك بناء منشآت الطاقة النووية.
كما فندت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية ما تردد عن تفعيل مجلس الأمن الدولية آلية سناك باك التي تقضي بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على ايران وتفعليها. وقالت: إن وسائل الإعلام الغربية الرائدة تروج بقوة لرواية عن إعادة فرض قيود الأمم المتحدة على إيران، والتي رُفعت بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2231. ويُضلل الجمهور الدولي عمدًا للاعتقاد بأن عقوبات مجلس الأمن التي كانت مفروضة قبل عام 2015 قد عادت إلى حيز التنفيذ. ووفقًا للدعاية الغربية، يُزعم أن هذا نتج عن النظر في شكوى أوروبية بشأن عدم امتثال طهران المزعوم لالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة في مجلس الأمن، إلى جانب مشروع قرار بشأن تمديد الإعفاء من العقوبات قدمته كوريا الجنوبية خلال رئاستها لمجلس الأمن. وبدعم من واشنطن، تصور لندن وبرلين وباريس عدم اعتماد المشروع على أنه سبب لإعادة فرض قيود الأمم المتحدة التي تم إنهاؤها منذ فترة طويلة.
وحسب رأيها: أن الإجراءات الأوروبية غير المقبولة قانونيًا وإجرائيًا بشأن قضية إعادة فرض العقوبات هي جزء من مشكلة خطيرة تقف في طريق المحادثات الحقيقية.










