ميسان/ المدى
في رحلة يومية لا تخلو من المخاطر، وفي مشهد مؤلم يتجدد يومياً وسط إهمال حكومي، تتصاعد الإنتقادات والتحذيرات اليومية. محطات إخبارية محلية ومدونون على صفحات التواصل الاجتماعي، نقلوا صوراً مؤثرة لأطفال قرية "الجيازنة" التابعة لقضاء المجر الكبير، لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، يضطرون يوميا للتزاحم فوق مشحوف (قارب خشبي) لعبور النهر الذي يفصلهم من مدرستهم، فهم يواجهون خطراً محدقاً ومأساة تهدد حياتهم، إذ ما فاجأتهم رياح شديدة أو موجة مياه قوية.
وليس لهؤلاء الأطفال من بديل، فالطرق التي تمر بالقرية تحتاج إلى وقت طويل حتى يصلوا مدرسهم.
وكان أهالي القرية، قد وجهوا مناشدات متكررة إلى إدارة المحافظة والحكومة المركزية، لإنهاء معاناة أبنائهم التي طال أمدها، مؤكدين أن مشروعاً صغيراً لبناء جسر يمكن أن ينقذ حياة العشرات من الأطفال، إلا أن غياب التنفيذ حوله إلى مطلب مؤجل رغم بساطته وأهميته القصوى.
ولم يصدر عن الحكومة المحلية في ميسان أي تعليق على الملف، إلا أن مكتب النائب عن المحافظة، جاسم عطوان الموسوي، وبعد انتشار صور الأطفال، أكد أنه "خاطب فريق الجهد الخدمي والهندسي في محافظة ميسان، لغرض إنشاء جسر في المنطقة للتقليل من معاناة الأهالي وخصوصاً تلامذة المدارس، وتجنيبهم مخاطر العبور بواسطة القوارب".
ويصف أحد أهالي قضاء المجر، رحلة أطفالهم اليومية بـ "رحلة الموت"، وقال علي الساعدي، إن "أطفال قرية الجيازنة يخوضون كل يوم رحلة الموت للوصول إلى المدرسة، وإن الأهالي يعيشون قلقاً دائماً خشية أن يغرقوا في النهر في أي لحظة"، مضيفاً، "طالبنا مراراً وتكراراً بإنشاء جسر مشاة بسيط، فالمسافة قصيرة والحل ممكن، لكننا لم نلمس أي استجابة حقيقية من الحكومة المحلية"، مبيناً أن "الوعود تتكرر في كل موسم دراسي، ومعها يتجدد الخوف ذاته بلا أي حل".
ناشطون في المحافظة أكدوا، أن "المشهد يعكس واقع القرى المنسية في معظم المحافظات"، وقال الناشط عن محافظة ميسان، محمد اللامي، إن "المشحوف الذي كان رمزاً للتراث الشعبي في الجنوب العراقي، أصبح اليوم دليلاً على فشل السياسات الخدمية وضعف التخطيط الحكومي والعجز عن تقديم الخدمات". مضيفاً أن "القضية لا تتعلق بمجرد جسر، بل بفكرة غياب الخدمات في القرى بشكل شامل".
وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، علق ناشطون ومدونون على صور الأطفال، وقال الصحافي سلام العراقي، في تدوينة له على الفيس بوك، إن "تلاميذ قرية الجيازنة يواجهون صعوبات كبيرة أثناء ذهابهم إلى المدرسة حيث يضطرون إلى عبور النهر بواسطة القوارب"، مؤكدة أن "ذلك يعرضهم لمخاطر عديدة".
ومع اقتراب موسم الأمطار، تتزايد المخاوف من ارتفاع مناسيب المياه في النهر، الأمر الذي يجعل عبوره أكثر خطورة على حياة الأطفال، وسط أزمة تكشف ضعف التنسيق بين الحكومات المحلية والمركزية في معالجة الملفات الخدمية العاجلة، خصوصاً تلك المتعلقة بحقوق الأطفال والتعليم.










