السليمانية/ سوزان طاهر
تعتبر مشاركة النساء السياسية، على أساس الفكر والأفعال، ذات أهمية وتأثير كبير في العملية السياسية لأي بلد، بل وإنها عملية ديمقراطية وأحد الأساسيات لحقوق الإنسان، والتي تؤدي إلى توجيه القرارات والمسائل بشكل أفضل وأكثر فائدة. وبالرغم من وجود نظام الحصص النسائية، "الكوتا" إلا أن مشاركة النساء في الإقليم، تبدو أكبر من نظيراتها في المحافظات العراقية الأخرى، حيث تتميز الأحزاب الكردية بدعمها للمرأة بشكل كبير نوعاً ما.
وفقاً لنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة في إقليم كردستان، بلغ إجمالي عدد الأصوات في الدوائر الرئيسية الستة مليون و508 آلاف و928 صوتاً، منها 272 ألفاً و892 صوتاً للنساء، أي بنسبة 15% من إجمالي الأصوات.
رئاسة القوائم
وبهذا الصدد تؤكد الباحثة في الشأن السياسي نرمين عبد الله إلى أن مشاركة المرأة الكردية في انتخابات البرلمان العراقي المقبلة، تبدو أكبر من المرات السابقة، وهذا يعد تطوراً نوعياً. ولفتت خلال حديثها لـ (المدى) إلى أن "هناك 4 نساء تولوا رئاسة القوائم الانتخابية في محافظاتهن من الأحزاب الكردية، وهذه سابقة تحصل لأول مرة، ومن المؤكد أن هناك نساء كثر سيصعدن للبرلمان، دون الاعتماد على الكوتا". وأضافت أن "المشاركة السياسية للمرأة في كردستان هذه المرأة تشهد تقدماً كبيراً، ويعتقد بأن عدد المصوتين من النساء سيرتفع أكبر من المرات السابقة، والدورات الماضية، وهذا بفضل حالة الوعي التي وصلت لها المرأة". وقال مدير مكتب الانتخابات في السليمانية أمانج عزيز، إن "تسعة أحزاب سياسية قدمت مرشحيها لخوض الانتخابات المقبلة لمجلس النواب العراقي، وبلغ عددهم 130 مرشحاً، بينهم 37 امرأة و94 رجلاً، إضافة إلى أربعة مرشحين مستقلين، وجميعهم ذكور".
30 % من التمثيل
وبيّن عزيز أن "جميع القوائم التزمت بتعليمات المفوضية التي تنص على ألا تقل نسبة مشاركة النساء عن 25 %، لكن هذه النسبة تُعد أقل مما كانت عليه في انتخابات برلمان كوردستان الأخيرة، حيث بلغت آنذاك 30 %"، عازياً هذا التراجع إلى طبيعة القانون الانتخابي العراقي الذي حدد النسبة بـ25 %". من جانب آخر تؤكد الناشطة والمحامية ريناز عمر إلى أنه "بالرغم من انخفاض نسبة المرأة في انتخابات البرلمان العراقي، قياسا بانتخابات برلمان كردستان، لكن هذه المرأة كان اختيار النساء بشكل أدق".
وبينت في حديثها لـ (المدى) إلى إن "مشاركة المرأة هذه المرة كانت دقيقة، حيث تم اختيار نساء قياديات لتولي رئاسة القوائم، وبالتالي من المتوقع فوز حوالي 16 مرشحة من مجموعة النساء في محافظات إقليم كردستان، وهذا رقم مرتفع وفيه زيادة عن عدد مقاعد الكوتا البالغة 12 مقعداً فقط، وبالتالي هناك ارتفاع بأربعة مقاعد، وهذا مؤشر إيجابي مهم". وأشارت إلى أن "هناك إيمان جيد من قبل الأحزاب الكردية بالمرأة، مع التطور الذي حصل في الإقليم، حيث شغلت المرأة مناصب كانت حكراً على الرجل من بينها، منصب محافظ، ووزير، وقاضي، وحتى رئاسة برلمان، وهذا تقدم نوعي، ولكن نطمح للمزيد".
ولأكثر من عقود، شهد إقليم كردستان تنافساً محموماً بين الحزبين الكبيرين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، واللذان يتقاسمان السلطة منذ عقود. ووفقاً لإحصاءات حكومة الإقليم، فإن نسبة الموظفات في قطاعي الصحة والتعليم أكبر من نسبة الرجال، ولكن هذه النسبة ماتزال تقتصر على الوظائف الدنيا في المديريات. وكانت الكوتا البرلمانية للنساء تُشكل (25) في المائة، في السنوات ما بين 2004 و2009، إلا أنه منذ الانتخابات البرلمانية عام 2013، صارت المرأة تملك (30) مقعداً برلمانيا من أصل (100) مقعد، أي بواقع (30) في المائة، وهي من أعلى نسب الكوتا في المنطقة.
ورغمَ أن الحاضنة المُجتمعية في إقليم كوردستان، لا تزال تتحكم بصناعة قراراتها العشيرة ورجال الدين والعادات والتقاليد، إلا أن القوانين، على ما يبدو، في إقليم كردستان، لعبت دوراً محورياً هاماً في تجاوز قضايا ومسائل جوهرية كانت عالقة.
طموح أكبر
في سياق متصل يرى الخبير المختص في الشأن السياسي والانتخابي رفعت سليم إلى أن ارتفاع تمثيل المرأة وعدم اختصارها على الكوتا، يعد تطوراً مهماً، ويعكس مدى قدرة الإقليم، وأحزابه، على الاستجابة لقضايا المرأة.
وأوضح خلال حديثه لـ(المدى) إلى أن "اختيار 4 نساء لرئاسة القوائم الانتخابية يشير إلى مدى الاحترام الذي تحظى به المرأة الكردية، ومن المتوقع أن تفوز مجموعة من النساء خارج نظام الكوتا". وتابع أن "الإيمان بالمرأة وأهمية صناعتها للقرار، يعكس تطور المجتمع وتقدمه، وهذه الخطوة لم تكن وليدة اللحظة، وانما عززت من خلال عدة مراحل، وهناك طموح لأن تتولى المرأة مناصب أعلى، من بينها رئاسة الإقليم، أو رئاسة الحكومة في الفترة المقبلة". وفي كردستان أختيرت "نوخشه ناصح" محافظاً لحلبجة، كأول إمرأة تتولى هذا المنصب، كما شغلت "ريواز فائق" منصب رئاسة برلمان كردستان، خلال الدورة السابقة لبرلمان الإقليم.










