TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أصول الحكم في دولة الفتلاوي

العمود الثامن: أصول الحكم في دولة الفتلاوي

نشر في: 12 أكتوبر, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

اذا كنت مثل جنابي تتابع رغم أنفك، سماع أخبار هذه البلاد العجيبة، فإن هناك جيشاً قوامه مئات السياسيين تستطيع أن تُطلق عليهم، وأنت مرتاح الضمير، صفة "المتقلبين" فهم يتقلبون يمينا ويسارا وشمالاً وجنوبا حسب ما تقتضيه حالة الدولار والمناقصات والعمولات .
كنت مثلكم قد سمعت ما قالته "المستشارة" حنان الفتلاوي، قبل أعوام، وهي تخبرنا بصريح العبارة ان ما تحقق اثناء حكومة المالكي الاولى والثانية من إنجازات يجب على جميع العراقيين ان يفتخروا بها، ثم فجأة خرجت علينا لتندب حظها لأن من وثقت بهم من جماعة دولة القانون قد خذلوها وحرموها من أن تجلس على كرسي البرلمان الذي احتلته اكثر من عشر سنوات وحصلت من خلاله على براءة اختراع لمنتج اسمه "7× 7"، آنذاك قالت وبالحرف الواحد: "أستحق الإعدام في الساحات العامة لأنني وثقت بجماعة دولة القانون"، بعدها خرجت لتقول إن السيد نوري المالكي يحمي الفاسدين .. ولأن السيدة حنان الفتلاوي "نشيطة" سياسياً، فإنها تستمر بمفاجآتها على القنوات، وعلى أية حال كانت هي نفسها مفاجأة الديمقراطية العراقية الحديثة، فمن كان يتوقع أن تصل موظفة بسيطة إلى مرحلة تأسيس حزب وشراء فضائية؟، مثلها مثل الكثيرين من الذين حصدوا المناصب والأموال من خلال خطاب طائفي إقصائي، ظلّ يتصدر المشهد في كل انتخابات، مثلما تصدر أحمد الجبوري "أبو مازن" مزادات بيع المناصب.
قبل ايام وفي حوار مثير بشرتنا حنان الفتلاوي بأنها عائدة إلى قبة البرلمان ومن خلال دولة القانون حصرا، واكدت لنا " بالفم المليان" أن الخير قادم على يد ائتلاف دولة القانون، لكنها قبل ايام خرجت علينا في بودكاستك غريب وعجيب لتسخر منا نحن المواطنين قبل ان تسخر مما يجري في ساحة الديمقراطية العراقية، فقد أخبرتنا وهي متألمة انها كانت تخجل من عائلتها عندما يسألونها: "شسويتي" وهي التي كانت تطالب على مدى ثمان سنوات بمنح السيد نوري المالكي جائزة الإعمار والتنمية.
في مرات كثيرة يعاتبني بعض القرّاء لأنني أكتب بإعجاب عن مدن مثل دبي وسنغافورة وطوكيو، وأقول: تأملوا حياتنا، عن ماذا نكتب؟ تأملوا معي السذاجة السياسية وغياب العدل والقانون، ورائحة الكذب التي تخرج من أفواه من يدعون السياسة، عن ماذا نكتب؟ عن الدولة التي سُرق فيها تريليون دولار بوضح النهار؟! .
كلّ العالم ينظر اليوم إلى العراق ويضرب كفّاً بكفّ، ويشعر بالأسى على بلدٍ كان يراد له أن يلتحق بقطار العصر، فارتدّ الى مجرد دولة يضحك فيها نواب" الشعب" على المواطنين بمانشيتات عن الاصلاح والعدالة الاجتماعية، وعن انصر اخاك ظالما او مظلوما.
عندما يتقدم مواطن لطلب وظيفة بسيطة مثل أحواله، سيُطلب منه أن يملأ استمارة عن عائلته وخبرته ومؤهلاته، وسيرته، لكننا في اختيار نوابنا، لا نسأل عن الكفاءة والنزاهة وإنما يطربنا الصوت العالي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. سامي سلطان

    منذ 2 شهور

    انهُ مقال رائع يضاف اللى المقالات السابقة للصحفي البارع علي حسين

  2. سامي سلطان العراقي

    منذ 2 شهور

    أنهُ مقال رائع وفي الصميم كباقي مقالات الصحفي القديرعلي حسين الذي يسلط الضوء على مساحات مهمة تستهدف رفع الوعي المجتمعي ليصل الى حقيقة الحيف الذي يتعرض لهُ على ايدي القابضين على السلطة من الطائفيين الذين أشاعوا الفساد في كل مفاصل الدولة، هذا إذا كانت دولة

  3. ابو عماد

    منذ 2 شهور

    الفتلاوي بطلة معادلة ٧×٧ التي ارعبت المليشيات السنيه على إيقاف الإرهاب على الشيعة الذين لا مدافع عنهم الا الله... اوقفتهم في وقت كانوا يقتلوننا في كل الشوارع والحسينيات والمساجد ... حيث أصبحت حسينياتنا محاطة بصبات الكونكريت ونحن اغلبيه بينما جوامعهمهابيون

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram