TOP

جريدة المدى > سياسية > ملف المفقودين يراوح مكانه وآلاف العائلات تترقب "الوداع الأخير" وسط اتهامات بالإهمال

ملف المفقودين يراوح مكانه وآلاف العائلات تترقب "الوداع الأخير" وسط اتهامات بالإهمال

بعد 35 عاماً على انتهاء الحرب العراقية - الإيرانية

نشر في: 12 أكتوبر, 2025: 12:06 ص

 متابعة/ المدى

بعد مضيّ أكثر من ثلاثة عقود على انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، لا تزال آلاف العائلات تنتظر رفات أبنائها من المفقودين. ورغم الجهود المشتركة التي تبذلها اللجان المختصة بإشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإنجاز الملف، فإنه يواجه انتقادات تتعلق بالإهمال وتأخر الحسم، وإن كان قد دخل مراحله النهائية، بحسب ما أعلنت وزارة الدفاع العراقية.
وقال مدير الإعلام والتوجيه المعنوي في وزارة الدفاع العراقية اللواء تحسين الخفاجي: "ما زال هناك مفقودون من الحرب العراقية الإيرانية التي انتهت منذ أكثر من ثلاثة عقود"، مبيناً أنه "عندما يصل رفات المفقود بعد أن يتم التأكد من الحقيقة فهذا بمثابة رد الجميل لذويه، وهي مسؤولية أخلاقية من قبل الدولة والوزارة التي كان ينتمي إليها المفقود وفي الوقت نفسه شكل من الاهتمام بعائلات المفقودين".
وأضاف: "‏هناك حقوق شرعية وورثة وأمور مهمة جداً يحتاجها ذوو المفقودين عندما يحصلون على الرفات"، لافتاً إلى أن "التأكد من هوية الرفات يتم عن طريق منظمات حقوق الإنسان والصليب الأحمر والدوائر المختصة، إضافة إلى تحليل الحمض النووي الـ (DNA) الذي يوضح ويعطي البصمة الوراثية لكل عائلة".
وبيّن المتحدث أنّ "رفات الكثير من المفقودين وجدت معه الأوراق الثبوتية، أما مجهولي الهوية فيتم التأكد منهم عن طريق تحليل لـDNA "، موضحاً أن "تبادل الرفات مع الجانب الإيراني منوط باللجان المختصة التي تأخذ على عاتقها تحديد وقته، إنها تقوم بإنجاز كبير، وقد وصلت إلى مراحل نهائية في هذا المجال". وأشار إلى غياب أرقام محددة "بالنسبة للعراقيين الذين عُثر على رفاتهم، لكن عملية التبادل تمت بين العراق وإيران عبر منظمة الصليب الأحمر الدولية وممثلين من وزارة الدفاع".
ويوم الأحد الماضي، جرت في منفذ الشلامجة الحدودي بمحافظة البصرة مراسم تبادل رفات لجنود عراقيين وإيرانيين سقطوا خلال الحرب العراقية الإيرانية، شملت 70 عراقياً و48 إيرانياً، معظم رفات العراقيين كانت مجهولة الهوية. وعملية التبادل هذه ليست الأولى، إذ جرى خلال العام الماضي والأعوام التي سبقته تبادل دفعات متعددة من قبل اللجنة العراقية الإيرانية المشتركة، التي اتفق البلدان على تشكيلها بهدف البحث عن رفات ضحايا الحرب، وبإشراف من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وتجرى العمليات وفقاً لاتفاق جنيف لعام 2008 الذي وقع برعاية اللجنة الدولية للصليب الأحمر، غير أنّ الإحصاءات الرسمية بشأن إجمالي ما تم تسليمه واستلامه ما زالت غير متوفرة. وبينما تؤكد وزارة الدفاع العراقية أن اللجان المشتركة "أنجزت عملاً كبيراً وتقترب من إغلاق الملف نهائياً"، يرى أهالي المفقودين أن الطريق لا يزال طويلاً حتى الوصول إلى لحظات "الوداع الأخير"، فكل دفعة تصل من الرفات تمثل لهم بصيص أمل يتمسكون به مع إرهاق الانتظار.
وتقول أم محمد، وهي والدة أحد الجنود المفقودين منذ عام 1984: "منذ 38 عاماً أنتظر لأعرف مصير ابني. تعبنا من الوعود وكل مرة نسمع عن دفعة جديدة من الرفات نعيش على الأمل". وتضيف بصوت متعب يغلب عليه الحزن: "نريد فقط أن ندفن أبناءنا بكرامة قبل أن نموت"، متسائلة: "لماذا كل هذا الإهمال الحكومي للملف، تجب مراعاة معاناتنا".
من جانبه، يؤكد الناشط في مجال حقوق الإنسان باسم المرسومي أنّ ملف المفقودين في الحرب العراقية الإيرانية "إنساني قبل أن يكون سياسياً"، منتقداً ما أسماه بـ"الإهمال المزمن" من قبل الحكومات المتعاقبة للملف. ويضيف: "لو كانت هناك إرادة حقيقية لتمت معالجة الملف منذ زمن، فالتقنيات الحديثة في الـDNA يمكن أن تنهي كثيراً من الغموض، لكننا نصطدم دائماً بالبيروقراطية والبطء".
ويتابع: "نحاول مع ذوي المفقودين الحصول على معلومات، على قوائم تتعلق بالملف، لكن الأمر مهمل بشكل واضح. حتى الآن لا توجد لدى الجانب العراقي إحصائيات رسمية واضحة من الممكن أن نستند إليها بشأن من تبقى من المفقودين ومن عثر على رفاته، وهذا نتيجة الإهمال". ويرى مراقبون أن ملف المفقودين يمثل أحد أكثر الملفات الإنسانية تعقيداً في إرث الحرب، إذ يتقاطع فيه العاطفي بالسياسي والإنساني، فإلى جانب الجهود الحكومية، تؤدي منظمات دولية مثل الصليب الأحمر دوراً محورياً في الإشراف على عمليات البحث والتبادل، والتأكد من مطابقة المعايير القانونية والإنسانية لاتفاقات جنيف.
ويتبادل العراق وإيران بين فترة وأخرى رفات ضحايا قضوا في الحرب، التي مر على انتهائها أكثر من ثلاثة عقود، وعرفت بـ"حرب الخليج الأولى" (تعرف محلياً بحرب قادسية صدام)، وبأنها أطول حروب القرن العشرين، التي نشبت بين العراق وإيران في 22 أيلول 1980 وانتهت في 8 آب 1988.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

الفصائلُ تُصعِّد ضد السوداني وتهدد حياة موظفين بعد
سياسية

الفصائلُ تُصعِّد ضد السوداني وتهدد حياة موظفين بعد "خطأ الوقائع"

بغداد/ تميم الحسن تحوّلت ما عُرف بـ"فضيحة الوقائع" إلى منصة للهجوم على رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، وإلى ذريعةٍ متداولةٍ لمنعه من الترشح لولاية ثانية. واعتبرت فصائلُ مسلّحة وقوى سياسية - بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram