المثنى / كريم ستار
بعد انطلاق العام الدراسي الجديد، تواجه محافظة المثنى واحدة من أكبر أزماتها في قطاع التعليم، حيث تتفاقم مشكلة نقص الأبنية المدرسية وتدهور القائم منها، إلى جانب توقف مشاريع البناء الجديدة بسبب غياب التمويل. هذا الواقع شكَّل ضغطًا مضاعفًا على المدارس والمعلمين وأولياء الأمور، وألقى بظلاله على جودة التعليم في عموم المحافظة.
يقول مدير التخطيط في محافظة المثنى، قابل حمود، إن المحافظة تضم أكثر من تسعمئة وخمسين مبنىً مدرسياً في مختلف المراحل الدراسية، لكنها تحتاج إلى ما يزيد على مئتين وثمانين مدرسة إضافية لتلبية الزيادة في أعداد الطلبة.
وأضاف حمود لـ (المدى): "أي توقف في تنفيذ مشاريع بناء المدارس ضمن الخطة السنوية سيؤدي إلى تفاقم النقص الحاصل، خصوصًا مع تزايد أعداد الطلبة في مرحلة التعليم الابتدائي، هذا التراكم سيزيد من الضغط على المدارس الحالية ويؤثر سلبًا على جودة التعليم".
مدارس متهالكة وكرفانات مؤقتة
لا تقتصر المشكلة على قلة الأبنية، بل تمتد إلى تدهور أوضاع المدارس الموجودة فعلاً، ففي ناحية الكرامة، ما تزال مدارس متوقفة عن العمل منذ أكثر من عشر سنوات، بينما يعتمد الأهالي في بعض المناطق على كرفانات مدرسية مؤقتة وسط مخاوف من انهيارها في أي لحظة.
بدورها، تقول أم محمد، وهي من سكان منطقة البو موسى: "مدرسة أم الربيعين متهالكة، لكن أين نرسل أولادنا؟ الصف الواحد يضم أكثر من ستين طالبًا، والمدارس تعمل بنظام الدوام المزدوج، مستحيل الطالب يفهم الدرس بهذا الزحام".
أما أبو علي من منطقة البيضة، فيضيف: "متوسطة أبي تمام آيلة للسقوط، وتم ترميمها مؤقتًا، والطلاب موزعون على مدارس بعيدة، هذا الوضع غير مقبول مع بداية العام الدراسي".
بالمقابل، يشكو المعلمون من أن ازدحام الصفوف أصبح فوق طاقتهم، إذ يقول الأستاذ خليل، أحد مدرّسي المرحلة الابتدائية: "قبل سنوات كنا نستقبل الطلبة في صفوف منظمة، أما الآن فالصف الواحد يضم عشرات الطلاب، وبعضهم لا يجد مقعدًا، العملية التعليمية تتدهور يومًا بعد آخر".
من جانبه، أكد مسؤول إعلام مديرية تربية المثنى، عباس الزيدي، أن الأزمة تعود بالدرجة الأولى إلى نقص التمويل/ وقال، إن "المديرية العامة لتربية المثنى تحتاج إلى أكثر من مئتي مدرسة لفك الازدواجية في الدوام. لا يوجد لدينا دوام ثلاثي، لكن الازدواجية مستمرة في العديد من المدارس".
وأضاف: "لدينا نحو خمس عشرة مدرسة مصنفة كـ "آيلة للسقوط"، وتمت إحالتها إلى مشاريع الهدم وإعادة البناء، ولا يوجد دوام فيها حاليًا، كما أن العام الحالي شهد نقصًا كبيرًا في المخصصات المالية، ما حال دون تنفيذ مشاريع بناء جديدة".
وأشار إلى أن المديرية أحالت أكثر من ستين مشروعًا لبناء مدارس جديدة هذا العام، لكنها توقفت بسبب غياب التمويل اللازم، موضحًا أن الحكومة خصصت ثلاثة مليارات دينار لتأهيل وصيانة المدارس، إلا أن المديرية لم تتسلّم المبلغ حتى تاريخ التصريح، ما تسبب في توقف أعمال الصيانة.
يرى المراقب المحلي عواد الكعبي أن الاعتماد على الكرفانات والمدارس المستأجرة لا يمكن أن يكون حلًا دائمًا، ويقول: "الاعتماد على حلول مؤقتة يضعف من جودة التعليم ويؤثر نفسيًا على الطلبة والمعلمين، ويجب الإسراع في توفير أبنية ثابتة لضمان بيئة تعليمية آمنة".
فيما أكد قابل حمود أن المحافظة تعمل بالتنسيق مع وزارة التربية على وضع خطط جديدة لبناء مدارس في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، واستئناف المشاريع المتوقفة، مشيرًا إلى أن "بداية العام الدراسي الجديد تمثل حافزًا للمحافظة لتسريع خطواتها في معالجة الأزمة".
مع كل عام دراسي جديد، تتجدد في المثنى أزمة الأبنية المدرسية بين نقص المدارس وتدهور القائم منها وتوقف التمويل. ورغم الوعود الحكومية المستمرة، يبقى مستقبل آلاف الطلاب مرهونًا بمدى قدرة المؤسسات التعليمية على تجاوز هذه العقبات، وتوفير بيئة تعليمية آمنة تحفظ حق الأطفال في التعلم الكريم.










