TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: صورة وصور واموال!!

العمود الثامن: صورة وصور واموال!!

نشر في: 16 أكتوبر, 2025: 12:50 ص

 علي حسين

في منتصف القرن العشرين كتب الفرنسي رولان بارت بحثاً عن الصورة وعلاقتها بالسياسة قائلاً: "هذه الصور ما هي إلا مجموعة من الإعلانات التي لا تحظى باحترام الجمهور"، وأعتذر لكم عن العودة إلى عالم الكتب والفلاسفة>
لكن ماذا أفعل فقد تعلمت من أساتذه أجلاء أن أفضل شيء يقوم به الكاتب هو البحث في الكتب عن حكايات التاريخ وعبره، وتذكير الناس مرة ومرتين وثلاثاً بما يجري حولهم، ولهذا تجدني مضطراً لأكرر الأسئلة نفسها بين الحين والآخر، ولا شيء يتغير سوى إجابات أصحاب الفخامة والمعالي.
منذ أيام امتلأت شوارع العراق بصور السادة المرشحين، صور نشاهدها لسياسيين ظل الواحد منهم يطارد الآخر، ثم بين لحظة وضحاها نجدهم يتخذون نفس الرصيف والجزرات الوسطية دعاية لانتخاباتهم ، ينظر اليهم المواطن ويهز يده، فماذا فعلت الانتخابات السابقة والتي سبقتها ، والتي ستاتي بعدها ، ربما نجد الجواب عند المرشح " ابو تراب التميمي ، الذي اخبرنا ان وجوده لمدة ثلاثة اشهر على كرسي البرلمان سيعادل كل البرلمانات العراقية منذ عام 2005 وحتى هذه اللحظة ، وربما عند السيدة احلام اللامي التي قالت انها وافقت على الترشيح لانها تريد ان تحاسب معظم الفاسدين
، سيقول البعض يا رجل ألا تفرح بالعرس الديمقراطي ، نعم يا سادة أفرح ، ولكن ماذا عن الفشل الذي استمر سنوات كان فيها النواب قد حولوا مجلس النواب الى قاعة لبيع المناصب ، وحلبة للمكالمة ، ومنصة لبث الفرقة واشاعة الطائفية ، لكننا مع الصور التي تمتلأ بها شوارع العراق نكتشف أن الانتخابات الجديدة ستكون فصلاً من تمثيلية دفع المواطن العراقي ثمن سوء إخراجها وكتابتها.
لعل موضوعي الأساسي في هذا المقال، ليس السخرية من الانتخابات وهي حق مشروع للمواطن ، أنا شخصياً مع أي برلمان يحاسب المفسد والقاتل وتقتص منه عبر سياسة متكاملة واضحة ومدروسة، فهذا أمر جيد لكن غير الجيد،هو تلك الطريقة التي يدار بها البرلمان من قبل الكتل الكبرى في البلاد التي كانت تسعى دوماً لأن يكون البرلمان طرفاً في الحرب الضروس من اجل المصالح ، ودخول العراقيين لعبة التجاذبات الطائفية التي يجيدها السياسيون ، لكني ارى من الأجدى والأفضل والأكثر احتراماً للناس إيقاف هذه الحملات الانتخابية التي تصرف اموالها من اموال البلاد مؤقتاً.. فليس من المعقول ان نجد نائب حديث العهد يصرف كل هذه الاموال على حملته الانتخابة دون ان يسأله أحد : من أين لك هذا ؟ .
لن يتحقق الاستقرار والازدهار إلا إذا تخلصنا من سياسيي الأزمات، الذين أثبتت التجربة أنهم جاؤوا لخدمة مصالحهم، فازدادوا ثراء فوق ثرائهم، فأساؤوا للتجربة السياسية الجديدة والتي لم يكتب لها النجاح للأسف.
المشكلة لم تكن في الصور، ولا في الشعارات التي يطلقها البعض، بل في الخداع، خداع الناس مرة ومرتين وعشراً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جائزة الجوائز

الأقليات وإعادة بناء الشرعية السياسية في العراق: من المحاصصة إلى العدالة التعددية

عندما يجفُّ دجلة!

كلاكيت: المدينة والسينما حين يصبح الإسفلت بطلًا

مأزق المكوَّن المسيحي في العراق: قراءة في محنة الوجود والذاكرة

العمود الثامن: ماذا نريد من الانتخابات؟

 علي حسين قال لي أحد الزملاء هل أنت متفائل بنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت امس ؟ قلت له أنا"متشائل"على طريقة الكاتب الفلسطيني الراحل أميل حبيبي، ومثل بطل روايته أبي سعيد، أريد ألاّ أحترس...
علي حسين

قناطر: لا بندقية بيد الرئيس

طالب عبد العزيز مع أنَّ الخلطة غير المتجانسة هي الصفة العامة للمرشحين في الدورة الانتخابية الحالية، فهي نسيج غريب، ينطبق عليه المثل العراقي (من كل زيج رَكَّه)، أو هي (زبالة الخيّاط)، إلا أنه وبعد...
طالب عبد العزيز

مأزق المكوَّن المسيحي في العراق: قراءة في محنة الوجود والذاكرة

جورج منصور شكَّل الوجود المسيحي في بلاد النهرين، منذ نهايات القرن الأول الميلادي، امتداداً طبيعياً لتاريخ البلاد. هنا قامت أولى الكنائس، وتأسست المدارس والرهبانيات، وانطلقت منها الترجمات الأولى التي نقلت الفلسفة اليونانية إلى العربية...
جورج منصور

قراءة في كتاب (البعث كما عرفته)

زهير كاظم عبود يقدّم الكتاب بمقولة لقائد بعثي سابق (سامي الجندي) يقول فيها: أصبح البعثيون بلا بعث، والبعث بلا بعثيين، أيديهم ملطخة بالدم والعار، يتسابقون إلى القتل والظلم والركوع أمام مهماز الجزمة. تُعبّر الصراحة...
زهير كاظم عبود
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram