TOP

جريدة المدى > سياسية > عاماً على دستور العراق .. وثيقة وُلدت بالأمل تحولت لمصدر إنقسام وصراع على السلطة

عاماً على دستور العراق .. وثيقة وُلدت بالأمل تحولت لمصدر إنقسام وصراع على السلطة

من وَعدْ بالديمقراطية إلى أداة للهيمنة

نشر في: 16 أكتوبر, 2025: 01:22 ص

 ترجمة/ حامد احمد

تناول تقرير لموقع، ذي ناشنال الإخباري، مرور الذكرى العشرين لكتابة الدستور العراقي الذي صادف في 15 تشرين الأول 2005 في وقت بيَّن فيه مراقبون ومنتقدون بأنه منح حقوقا على الورق فقط، لكنه فشل في معالجة قضايا حيوية تاركا أسئلة كثيرة دون إجابة حيث أصبح أحد أعمق خطوط الانقسام في البلاد واداة تستخدمها الأحزاب السياسية للتشبث بالسلطة.
ويشير التقرير الذي ترجمته (المدى)، الى انه قبل عشرين عامًا من هذا الأسبوع، تحدّى العراقيون التفجيرات واصطفّوا أمام مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم على دستور جديد، كانت أصابعهم البنفسجية الملطّخة بالحبر، الذي لا يُمحى لمنع التزوير، مرفوعة في الهواء رمزًا للأمل والتحدّي. في ذلك الوقت، قيل لهم إن هذا الدستور – الذي وُلد من رحم الخوف والاحتلال الأجنبي والعجلة – سيكون حجر الأساس لعراقٍ جديد، ديمقراطي ومستقر، بعد الإطاحة بدكتاتورية صدام حسين التي استمرت لعقود إثر الغزو الأمريكي عام 2003. اليوم، يقف الدستور باعتباره الأساس القانوني للدولة، لكنه أيضًا مصدر دائم للتوتر السياسي. فبالنسبة لكثير من العراقيين، يمنح الدستور حقوقًا على الورق لكنه يترك أسئلة كثيرة دون إجابة في الواقع. ويقول منتقدون إنه أصبح أحد أعمق خطوط الانقسام في البلاد وأداة تستخدمها الأحزاب السياسية للتشبث بالسلطة. يقول محيي الأنصاري من مركز الرشيد للتنمية، في ندوة نُظمت السبت الماضي بمناسبة مرور مئة عام على أول دستور عراقي: "الدستور غطاء تستخدمه الأحزاب السياسية لاستخراج المزيد من الامتيازات لأنفسهم، وتُكيّفه بحسب ما تريد." أول مرة شارك فيها الأنصاري، رئيس حركة البيت العراقي، في الانتخابات كانت عام 2010، عندما فاز ائتلاف العراقية العابر للطوائف بـ 91 مقعدًا، متقدمًا على ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي حصل على 89 مقعدًا. لكن ائتلاف العراقية حُرم من تشكيل الحكومة بعد قرار مثير للجدل من المحكمة الاتحادية العليا، قضى بأن الكتلة الأكبر التي تتشكل داخل البرلمان – وليس الكتلة الفائزة بالانتخابات – هي التي تُكلّف بتشكيل الحكومة. يضيف الانصاري قائلا: "ذلك القرار دمر الديمقراطية الوليدة"، مشيرا الى انه "لا يثق بالأحزاب السياسية الحالية لتعديل الدستور". ورغم أن الدستور ينص على مبادئ مثل الفيدرالية، والفصل بين السلطات، والتعددية السياسية، وضمان الحقوق والحريات، يرى حسام الحاج، رئيس مركز بغداد للدراسات الشرق أوسطية، أن الدستور لا يزال يحوي "ثغرات، والأحزاب السياسية تتعامل معه بانتقائية؛ تأخذ منه ما يناسبها وتعرقل تطبيق الباقي." على مدى العقدين الماضيين، يقول الحاج، إن الأحزاب السياسية العراقية "ابتكرت دستورًا موازيًا"، في إشارة إلى الأعراف السياسية التي أسستها القوى المختلفة للإبقاء على النخبة الحاكمة في مواقعها.
وأضاف الحاج في الندوة التي نظمها مرصد الديمقراطية العراقي "ذلك الدستور الموازي يمتلك قوة القانون، والنظام الحالي هو نتاج له، لا نتاج الدستور الذي يسعى لإعادة المؤسسات إلى أُطرها القانونية."

فترة استثنائية وصياغة مضغوطة
يشير التقرير إلى أن عملية صياغة دستور 2005 تداخلت مع ظروف استثنائية، فقد عملت الجمعية الوطنية الانتقالية ضمن مهلة زمنية ضيقة فرضها قانون إدارة الدولة الانتقالي الذي صاغه الأمريكيون، في ظل بيئة أمنية متوترة تميزت بالتمرد والاقتتال الطائفي وانعدام الثقة بين السنة والشيعة والأكراد.
وكانت الجمعية المنتخبة في كانون الثاني 2005 – التي قاطعها معظم العرب السنة – مكلفة بإعداد دستور دائم خلال أشهر قليلة.
ولعب المسؤولون الأمريكيون، بمن فيهم السفير آنذاك زلماي خليل زاد، دور الوسيط الرئيسي للضغط من أجل التوصل إلى تسوية تُرضي واشنطن وتلبي مهلة الجدول الزمني. بدوره، يقول خليل زاد: " كانت فترة صعبة جدا، الانتخابات قاطعها جزء كبير من السنة العرب، وكان هناك عنف يحصل على نطاق واسع والبلد يحكمها الاستقطاب."
وأضاف أن "الخشية كانت من تصاعد الانقسام الطائفي، فكان التقدير أن الدستور يمكن أن يكون عقدًا وطنيًا للمصالحة"، رغم أنه "كان يمثل تحديًا كبيرًا." وأوضح أن "الدور الأمريكي كان الضغط من أجل مشاركة واسعة في الصياغة وفي دعم النص النهائي، وأنه اضطر أحيانًا إلى التنقل بين المكونات المختلفة لضمان إشراك الجميع."
خلال أشهر قليلة، خاضت القوى السياسية مفاوضات مكثفة توصلت إلى نص طموح وغامض في الوقت نفسه، جمع وعودًا متناقضة لإرضاء الجميع دون إرضاء أحد بالكامل. وظلّت الخلافات قائمة بين الشيعة والسنة والأكراد حول قضايا جوهرية مثل الفيدرالية، والنفط وتوزيع الموارد، والدين والقانون، والأحوال الشخصية، وحقوق الأقليات، والمناطق المتنازع عليها – وهي قضايا لا تزال حتى اليوم نقاط نزاع تقوّض فكرة الفيدرالية التي نص عليها الدستور. عمار الحكيم، رئيس تيار الحكمة، قال خلال ندوة لمعهد أبحاث الشرق الأوسط الأسبوع الماضي: "كل طرف في هذا الدستور ركّز على حقوقه أكثر من واجباته ... فتجد كل مكوّن ناقش مواد معينة تخصه دون أن يلتفت إلى المواد التي قد تمثل إلتزامًا تجاه الشريك الآخر."

دعوات لمراجعة العقد السياسي
في السنوات الأخيرة، تزايدت أصوات السياسيين العراقيين – بمن فيهم من ساهموا في صياغة الدستور – الذين يحمّلونه مسؤولية الأزمات السياسية والاقتصادية المتكررة في البلاد. فالدستور ينص على تشكيل لجنة برلمانية بعد الاستفتاء للنظر في تعديله، ويضع آلية تتطلب موافقة البرلمان ثم استفتاء شعبي، لكن تلك اللجنة جُمّدت أعمالها بسبب الخلافات العميقة.
وقال الحكيم: "نحن بحاجة إلى عقد سياسي واجتماعي جديد، وهذا يتطلب مراجعة الدستور وضمان توافق مواده مع التطورات التي شهدها العراق خلال العشرين عامًا الماضية." وشدد على ان أي تعديل يجب ان يكون حصيلة " توافق وطني ". الى ذلك، يقول علي حميد، رجل أعمال بغدادي: "إن الذين تسببوا بالمشاكل واستفادوا منها، لا يمكنهم تقديم حلول". وأضاف قائلا: "أولًا، يجب على الشباب إعادة التفكير في نظرتهم للانتخابات، سواء في التصويت أو الترشح، ليكون لهم مقعد على الطاولة السياسية." مشيرا الى انه "بعد ذلك، يمكن الدفع باتجاه التغيير، " لكن من المرجح انه سيحتاج إلى فاعل خارجي كما حدث عندما كُتب الدستور أول مرة."
عن ذي ناشنال الاخباري

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ثلاثة منتخبات تحجز مقاعدها مبكراً في ربع نهائي كأس العرب 2025

القضاء يحسم 853 طعناً على نتائج الانتخابات

الداخلية: العراق بنى منظومة متطورة لمكافحة المخدرات

التخطيط تتجه لتوسيع الرقابة النوعية لتشمل الصادرات والواردات عالية المخاطر

قبول 1832 طالباً في المنح المجانية لكليات المجموعة الطبية

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

الفصائلُ تُصعِّد ضد السوداني وتهدد حياة موظفين بعد
سياسية

الفصائلُ تُصعِّد ضد السوداني وتهدد حياة موظفين بعد "خطأ الوقائع"

بغداد/ تميم الحسن تحوّلت ما عُرف بـ"فضيحة الوقائع" إلى منصة للهجوم على رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني، وإلى ذريعةٍ متداولةٍ لمنعه من الترشح لولاية ثانية. واعتبرت فصائلُ مسلّحة وقوى سياسية - بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram