TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العلمانية

العلمانية

نشر في: 19 مارس, 2011: 05:16 م

غي هارشير ترجمة: رشا الصباغ(الجزء الثالث عشر)سعياً لوعي ينفتح على مديات تنويرية هي من مستلزمات البناء الديمقراطي الجديد، وتحصيلاً لفائدة الاطلاع على تجارب العالم في الارتقاء بالانسان وحقوقه، تعيد آراء وأفكار  نشر كتاب العلمانية، على حلقات، للكاتب غي هارشير وبترجمة رشا الصباغ.
الفصل الرابع بعض المنظورات الفلسفيّة حول العلمانيّة المعاصرةأوروبا والعلمانيّتان لقد حان الوقت على الأرجح لاستخلاص بعض النتائج الفلسفيّة المتعلّقة بالجدالات التي مزّقت، وغالباً بطريقة مبهمة، أنصار العلمانيّة في مستهلّ القرن الحادي والعشرين هذا. يدور الجدال حول رهانات المفهوم، وعلى الأخصّ، حول طريقة الردّ على تنامي تيّارات التعصّب والأصوليّة- هذه التيّارات التي تجسّد نفي وإنكار المبادئ العلمانيّة. كنت قد بدأت هذا المؤلَّف بالتمييز، لأسباب تعليميّة، بين مدلولين لمصطلح (العلمانيّة). الأوّل يقتضي فصلاً جذريّاً للدولة عن المذاهب؛ والثاني، أو العلمانيّة بالمعنى الواسع للتعبير، هو الذي تعترف به- وتطبّقه عموماً -الدول الديموقراطيّة المعاصرة: إنّه يجمع بين مبدأ حريّة الضّمير ومبدأ عدم التمييز لأسباب دينيّة (أو، بشكل أوسع، بسبب ارتباطات روحيّة). فالدولة (ملكٌ) للشعب كلّه laos)، لا لأتباع تصوّر ما للحياة الصالحة، دينيّاً كان أم دنيويّاً. أجل، بهذا الصدد بدأت النقاشات بين المدافعين عن هذه العلمانيّة (الواسعة) والمناضلين في سبيل علمانيّة (فصليّة) بصورة صارمة. لقد رأينا في الفصل الثاني كيف تتفاوت العلاقات بين الكنيسة والدولة بشدّة في قلب الاتّحاد الأوروبيّ. فهناك في أوروبا بلدان ذات تقليد بروتستانتيّ أو أنغليكانيّ (وثمّة أيضاً اليونان، وهي بلد أورثوذكسيّ) فيها دين (مقرّر) بدرجات مختلفة، بل دين رسميّ. وبلدان أخرى تعيش في ظلّ نظام العبادات المعترف بها. كما أنّ فرنسا فصليّة بصورة جذريّة (ولكنّها تقدّم دعماً ماليّاً للمدارس الخاصّة، الكاثوليكيّة في غالبيتها العظمى، وترتضي وضعاً قانونيّاً خاصّاً للألزاس- موزيل). ثمّة إذن أولئك الذين ينافحون عن المرونة والتعدّديّة في الأنظمة، مكتفين بمبادئ حريّة الضّمير واللاتمييز (حياد الدولة، واليوم حياد المجتمع، بالنسبة للدين المعلَن). وأولئك الذين يحلمون بأن يمتدّ مبدأ الفصل على النموذج الفرنسيّ ليشمل أوروبا، بل العالم قاطبة؛ ويجذّرون علاوة على ذلك هذا الفصل بمعارضتهم المساعدات الماليّة الممنوحة بمقتضى قانون دبريه للمدارس الدينيّة، باسم مبدأ (للمدرسة العامّة، أموالٌ عامّة، وللمدرسة الخاصّة، أموالٌ خاصّة). الأوّلون لديهم النظام الأوروبيّ، ذاك الذي يجسّده في آن الاتّحاد والمجلس الأوروبيّان. إنّ علاقات كنائس/ دول لا تدخل في الواقع ضمن اختصاصات الاتّحاد، على الأقلّ مباشرة. ولكنّه يُعنى بهذا الموضوع بصورة غير مباشرة، وسيعمل بالأحرى على إدماج ميثاق الاتّحاد الأوروبيّ للحقوق الأساسيّة في دستور هذا الاتّحاد. أما في ما يخصّ المجلس الأوروبيّ والاتّفاقيّة الأوروبيّة لحقوق الإنسان التي أُقرّت في حضنه، فإنّه من خلال المادّة المتعلّقة بحريّة الضّمير والمادّة 14 (التي أُكملت بالملحق الثاني عشر) المتعلّقة باللاتمييز، قد تناولت محكمة ستراسبورغ (بطريقة ممعنة في لا مباشرتها وممعنة- أو مبالِغة؟- في حذرها) موضوع كوكيناكيس، ففي تلك القضيّة التي تَواجَه فيها أحد أتباع شهود يهوه، المتّهم بالتبشير، مع الدولة اليونانيّة، دانت المحكمةُ اليونانَ بالطبع لأنّها تصرّفت بطريقة غير متكافئة مع الفعل غير القانونيّ لكوكيناكيس (التبشير محظور بموجب دستور هذا البلد)، ولكنّها امتنعت عن إبداء رأيها حول هذا الحظر وكذلك حول البند الخلافيّ والذي ينصّ على أنّ (ديانة المسيح الأورثوذوكسيّة الشرقيّة) هي الديانة (السائدة في اليونان). أي أنّ أنصار العلمانيّة (الواسعة) يحتلّون في أوروبا موقعاً من القوّة بحيث يمكنهم التصدّي (لهجوم) أولئك الذين يرون في المبدأ الانفصالي ألف باء العلمانيّة، ويعتبرون سائر الأنظمة الأخرى أشكال اقتراب ناقصة -ومستوجبة للنقد بصفتها كذلك - من المثل الأعلى. ولا ينبغي للنقاش بين علمانيّة (عقائديّة) (فصليّة وأكثر تصلّباً) وعلمانيّة (منفتحة) (أكثر مرونة و(حياديّة)- وأكثر شيوعاً) أن يشوَّش بمحاولات، تحدثنا عنها آنفاً، تهدف إلى إعادة استعمار المجال العامّ. إن علمانيّة منفتحة لا يمكن أن تُختزَل إلى علمانيّة رخوة، إلا للإيهام بأنّ حزمَ المبادئ وصلابتها وقفٌ على المتطرّفين والمتعصّبين. زد على ذلك أنّ تناقض هذين المفهومين لا يسمح بإدراك الفوارق بين النظم العلمانيّة - بين فرنسا والولايات المتّحدة، مثلاً، على وجه صحيح.     العلمانيّة في الولايات المتّحدة  يحيط بهذا الموضوع كثيرٌ من الجهل والإبهام. فالولايات المتّحدة فصليّة من بعض الوجوه أكثر من فرنسا: إذ لا تقدّم السلطات العامّة على سبيل المثال، دعماً ماليّاً للمدارس الدينيّة. ولكنّ التعديل الأوّل في دستور الولايات المتّحدة لا يأتي، إذا توخّينا الدقّة، على ذكر كلمة (فصل)، بل يتضمّن فقط، بخاصّة، (البندين الدينيّين)، وهما يتعلّقان بعدم وجود أديان رسميّة و

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram