ثائر صالح
يعتبر الكثير من المهتمين بتاريخ الموسيقى الألماني سيلڤيوس ليوپولد ڤايس أشهر وأمهر عازف ومؤلف لوت (العود الأوروبي) وأغزرهم انتاجاً على الإطلاق. ولد ڤايس في 12 تشرين أول 1687 في مدينة قرب برسلاو (ڤروسواڤ في بولندا اليوم) وتوفي في مدينة دريسدن في 16 تشرين الأول 1750، بذلك يكون مجايلاً لباخ الكبير فهو أصغر بعامين وتوفي الاثنان بفارق ثلاثة أشهر، ويقارنه الكثيرون بباخ نفسه، منهم الباحث يوهان نيكولاوس فوركل ناشر أول وأشهر سيرة حياة لباخ (1802) وكان صديقاً لأبناء باخ.
تعلم ڤايس العزف على اللوت في طفولته على يد أبيه الذي برع على اللوت هو الآخر، ثم عمل في بلاط برسلاو وهو في العشرين من عمره، ذهب بعدها إلى روما في 1708 برفقة الأمير البولندي سوبيسكي، وربما تعرف هناك على سكارلاتّي (الأب والإبن). عاد إلى الولايات الألمانية في 1714 بعد وفاة الأمير، وعمل في كاسل ثم في دوسلدورف قبل أن يحصل على عمل في بلاط دريسدن سنة 1718 عند الملك أغسطس القوي ليقضي باقي حياته فيها، وبحلول العام 1744 كان ڤايس يحصل على أعلى أجر بين كل الموسيقيين في البلاط. أصبح صديقاُ لإبن باخ، ڤلهلم فريدمان الذي عمل معه في دريسدن، وزار لايبسج في 1739 ليلتقي بباخ الأب. وقد حصلت مبارزة شهيرة بين الإثنين في الارتجال، ڤايس على اللوت وباخ على الهاربسيكورد، في أصعب شكلين موسيقيين هما الفنتازيا التي تعبر من الأشكال الموسيقية القريبة إلى الارتجال، والفوكا وهي أحد أكثر الأشكال الموسيقية المقيدة تعقيدا. ولربما التقى العملاقان في مناسبات اخرى، فالاحترام والإعجاب كان متبادلاً بينهما. وقد قام باخ بإعادة توزيع أحد أعمال ڤايس سوناتا اللوت رقم 47 ليجعل منها سوناتا للكمان واللوت (BWV 1025).
يعتقد أنه ألف قرابة ألف عمل كلها لأداة اللوت، بقي لنا منها حوالي 850 جلها ما أسماه سوناتا منفردة للوت، وهي تختلف عن السوناتا التي ظهرت لاحقاً في الفترة الكلاسيكية. فهي تسمية تعادل ما نسميه اليوم متتابعة، التي كانت تسمى كذلك افتتاحية وهي عبارة عن سلسلة من الرقصات المعروفة في عصر الباروك وأكثرها فرنسية الأصل. ألف كذلك أعمال للحجرة للأوركسترا مثل كنشرتات اللوت، لم يصلنا منها سوى جزء اللوت دون جزء الأوركسترا. وقد جرت محاولات لإعادة بناء هذه الكونشرتات وقدمت على يد عازفي لوت متحمسين لأعمال هذا الموسيقار الكبير.
كانت الفرقة الموسيقية في بلاط دريسدن واحدة من أشهر الفرق في أوروبا ضمت أفضل الموسيقيين من إيطاليا وبوهيميا والولايات الألمانية، على الأخص نذكر فرانشسكو ڤراچيني ويوهان دافيد هاينَشِن المؤلف العظيم الذي توفي مبكرا وجورج پيسندل عازف الكمان الشهير ويوهان آدولف هاسه (أغزر مؤلف أوبرا إيطالية) وآخرين. وقد تميزت موسيقى بلاط دريسدن بحيوية الإيقاع وجرأة الهارموني والاستعمال المميز للأدوات النحاسية والخشبيات ضمن الأوركسترا.
موسيقى الاحد: 275 عام على وفاة ڤايس

نشر في: 19 أكتوبر, 2025: 12:01 ص









