السليمانية / سوزان طاهر
مع احتدام المنافسة الانتخابية في إقليم كردستان، تبرز مطالب شريحة الشباب كأولوية رئيسية على أجندة المرشحين والقوائم المتنافسة.
ومع استمرار الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية، فإن مطالب الناخبين الكورد تتوزع ما بين اقتصادية وخدمية، وأخرى سياسية، لإنهاء الأوضاع السيئة التي عاشها المواطن الكوردي.
وانطلقت يوم امس الجمعة الحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي الكردستاني للمشاركة في الانتخابات البرلمانية العراقية بدورتها السادسة، في مدينة أربيل بإقليم كردستان، وحضر الحفل رئيس الحزب مسعود بارزاني ونائبا رئيس الحزب، وسط حضور جماهيري واسع.
وفي كلمة له خلال الحفل، حمّل بارزاني الحكومةَ الاتحاديةَ مسؤوليةَ عدم الالتزام بالدستور، مؤكدًا أن «ذلك من شأنه أن يحلّ المشاكل الراهنة»، مشددًا على أن «قانون الانتخابات الحالي ليس عادلاً ويجب تعديله للانتخابات المقبلة».
وقال بارزاني: «كل عملية انتخابية مهمة، وسعدت بأن عددًا من العرب والتركمان تم اختيارهم ضمن قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وجود المكونات ضمن قائمة الحزب يعزز قوّة قائمتنا، والدولة العراقية تأسست على أساس التعاون بين الكورد والعرب».
اتفاق الحزمة الواحدة
وفي الأثناء، يؤكد الباحث في الشأن السياسي لطيف الشيخ أن كمَّ المشاكل الكبيرة التي يعيشها المواطن الكوردي، يجعل الانتخابات المقبلة حاجةً ملحّةً، وينظر إليها بأهمية كبيرة.
وقال الشيخ في حديثٍ لـ«المدى» إن «أهم ما يُنظر إليه في هذه الانتخابات المقبلة هو أن يتمكن الكورد، وخاصة الحزبان الكبيران، من حسم ملف تشكيل حكومة الإقليم بحزمة واحدة واتفاق واحد، لتقاسم المناصب فيما يخص حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية».
وأضاف أن «أهم ما يعني المواطن الكوردي هو أن يتمكن النواب الكورد في البرلمان المقبل من ضمان حقوق شعب كردستان، بما يخص رواتب المواطنين وإنهاء الأزمة الاقتصادية التي عاشها المواطن على مدار السنوات الماضية».
ومنذ قرابة ربع قرن، كان المشهد الكوردي جزءًا محوريًا في التوازنات الانتخابية العراقية، إذ عادةً ما لعبت الأحزاب الكوردية دور «البيضة القبان» في تشكيل الحكومات.
لكن السنوات الأخيرة شهدت تصاعد الأزمات الاقتصادية في الإقليم، وتراجع الثقة الشعبية، فضلًا عن خلافات مزمنة بين الحزبين الرئيسيين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني).
هذه الأزمات، إلى جانب التوترات الإقليمية، تجعل من الانتخابات المقبلة اختبارًا حساسًا للبيت الكردي، حيث تتقاطع العوامل المحلية والإقليمية في تشكيل الموقف السياسي، وتترك الباب مفتوحًا أمام احتمالات التأجيل أو إعادة ترتيب الأولويات.
إنهاء المشاكل الاقتصادية
من جهة أخرى، يؤكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني برهان الشيخ رؤوف أن الانتخابات مرحلية ومفصلية جدًا لإقليم كردستان.
وأوضح خلال حديثه لـ«المدى» أن «الأهم في الدورة البرلمانية المقبلة هو إقرار قانون النفط والغاز، الذي سينهي جميع المشاكل الاقتصادية العالقة بين بغداد وأربيل منذ سنوات».
وأشار إلى أن «أساس المشاكل السابقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان خلال المرحلة الماضية هو عدم الالتزام بتطبيق بنود الدستور، وعدم الالتزام بالاتفاقات المبرمة بين الطرفين، وبالتالي فإن حل المشاكل الاقتصادية يكمن في تشريع قانون النفط والغاز الذي ينهي الجزء الأكبر من الخلافات».
وشهدت مدن إقليم كردستان أزمةً اقتصاديةً خانقة ألقت بظلالها الثقيلة على حياة المواطنين، في ظل أزمة الرواتب منذ أشهر.
هذه الأزمة لا تهدد فقط الوضع المعيشي، بل كانت تنذر بانهيار شامل على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ورغم تضمين حصة الإقليم في الموازنة الاتحادية لعام 2023، إلا أن الخلافات بين بغداد وأربيل حالت دون تحويل الأموال بشكل منتظم، إذ ترفض بغداد صرف مستحقات النفط دون إشراف مباشر، فيما تصر حكومة الإقليم على استقلالية إدارة الموارد، وفي النهاية بقي آلاف الموظفين دون رواتب، وسط تفاقم معاناتهم وغياب أي حلول استراتيجية.
لكن خلال الأسابيع الماضية، وقعت بغداد وأربيل اتفاقًا وُصف بالتاريخي، يخص استئناف تصدير النفط، وصرف رواتب الموظفين بشكل منتظم.
إضعاف الإقليم
في سياق آخر، يشير عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام إلى أن الانتخابات المقبلة مصيرية جدًا بالنسبة لإقليم كردستان، ويجب أن يعود الإقليم إلى مكانته وقوته.
ولفت خلال حديثه لـ«المدى» إلى أنه «في الدورة الأخيرة جرت عدة محاولات لإضعاف الإقليم وعدم أخذ دوره ومكانته في بغداد، لكن خلال الدورة المقبلة يجب أن تعود الأوضاع إلى سابق عهدها، وتعود الاستحقاقات الكردية».
ونوّه إلى أن «هناك استحقاقات كوردية تراجعت في المؤسسة العسكرية والأمنية، وأيضًا في التمثيل داخل الحكومة والوزارات، فيما يخص الوكلاء والمديرين العامين، وهذه كلها يجب أن تُراعى في إطار تشكيل حكومة تحافظ على التوافق والشراكة والتوازن».
أبرزها قانون النفط والغاز ومراعاة التمثيل: ماذا يريد الكورد من الانتخابات المقبلة؟

نشر في: 19 أكتوبر, 2025: 12:10 ص









