ترجمة: حامد أحمد
في خطوةٍ لتعزيز الشراكة وتطوير العلاقات الاستراتيجية في قطاعات حيوية مختلفة بين العراق ودول الاتحاد الأوروبي، تشارك بغداد وأربيل في فعاليات الاجتماع السنوي الرابع لمجلس التعاون بين الاتحاد الأوروبي والعراق في بروكسل، الأحد 19 تشرين الأول، لمناقشة قضايا مهمة تتعلق بالهجرة والديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية وأمن الطاقة، ضمن علاقةٍ متناميةٍ بين أوروبا والعراق الاتحادي وإقليم كردستان. ونقل موقع K24 الإخباري عن ممثل حكومة إقليم كردستان لدى الاتحاد الأوروبي، دلاور آشكيي، قوله إن أجندة الاجتماع الرابع لمجلس التعاون العراقي – الأوروبي تعكس الطموح المتزايد والتعاون المتبادل بين أوروبا والعراق.
وتبرز قضايا الهجرة وحقوق الإنسان كموضوعات ذات أهمية خاصة، إذ ينظر الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة إلى العراق وإقليم كردستان بوصفهما شريكين أساسيين في إدارة تدفقات الهجرة ومعالجة الأسباب الجذرية للنزوح، بما في ذلك الصراع وعدم الاستقرار والفقر.
وقال آشكيي إن من المتوقع أن تركز مناقشات الأحد على بناء حلولٍ مستدامةٍ، وتعزيز الأطر القانونية الخاصة باللجوء والهجرة، وضمان الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان. ومن منظور الاتحاد الأوروبي، تمثل هذه القضايا مزيجاً من المبدأ الإنساني والسياسة الواقعية، فيما يرى العراق وإقليم كردستان في هذا التعاون فرصةً للحصول على الدعم الدولي في استضافة أعدادٍ كبيرةٍ من النازحين، وتنسيق الجهود لتهيئة الظروف الملائمة للعودة الطوعية والآمنة والكريمة.
وقد كان الاتحاد الأوروبي داعماً ثابتاً للتحول الديمقراطي في العراق منذ عام 2003، إذ استثمر كثيراً في تعزيز مؤسسات الدولة، وترسيخ سيادة القانون، ودعم المجتمع المدني النشط. وسيوفر الاجتماع منصةً لمراجعة التقدم المحرز، ومناقشة التحديات المستمرة في ترسيخ الديمقراطية، وتجديد الالتزام المتبادل بهذه القيم الأساسية.
الاقتصاد والتعاون الاستثماري
تحمل القضايا الاقتصادية وزناً كبيراً في الاجتماع، فالعراق يسعى إلى تنويع اقتصاده بعيداً عن الاعتماد المفرط على عائدات النفط، فيما يروّج إقليم كردستان لنفسه كمقصدٍ جاذبٍ للاستثمار الأجنبي. ويمثل الاتحاد الأوروبي شريكاً رئيسياً في مجالات التجارة والتكنولوجيا والاستثمار، وتعزيز العلاقات الاقتصادية معه أولويةٌ قصوى لكلٍّ من أربيل وبغداد.
وأشار ممثل حكومة الإقليم لدى الاتحاد الأوروبي إلى أنه من المتوقع أن يبحث الاجتماع سبل توسيع التعاون الاقتصادي، بما في ذلك تسهيل دخول المنتجات العراقية والكردية إلى الأسواق الأوروبية، وتشجيع الاستثمار الأوروبي في القطاعات غير النفطية مثل الزراعة والصناعة والتكنولوجيا، إلى جانب تقديم الدعم الفني للإصلاحات الاقتصادية الجارية.
أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإن عراقاً وإقليماً كردياً مستقرين ومزدهرين يمثلان مصلحةً استراتيجيةً، لما لهما من دورٍ في تعزيز الاستقرار الإقليمي وخلق فرصٍ جديدةٍ للشركات الأوروبية.
الطاقة: محور استراتيجي للمستقبل
يُعَدّ ملف الطاقة من أبرز القضايا الاستراتيجية على جدول الأعمال. ففي ظل الاضطرابات الجيوسياسية والحاجة الملحّة لتنويع مصادر الطاقة، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى بناء شراكاتٍ طويلة الأمد وموثوقة لتعزيز أمنه في مجال الطاقة، حيث يمتلك كلٌّ من العراق الاتحادي وإقليم كردستان احتياطياتٍ ضخمةً وغير مستغلةٍ بالكامل من الغاز الطبيعي، مما يجعلهما موردين محتملين مهمين للأسواق الأوروبية.
وسيُشكّل اجتماع لوكسمبورغ فرصةً مهمةً لتطوير الحوار الاستراتيجي في مجال الطاقة، وبحث المتطلبات السياسية والمالية والبنى التحتية اللازمة لتحويل هذه الإمكانيات إلى واقع. ويُنظر إلى هذا الموضوع بوصفه أداةً رئيسيةً لتعميق التحالف الاستراتيجي طويل الأمد بين الاتحاد الأوروبي والعراق وإقليم كردستان.
وكما أوضح ممثل حكومة الإقليم في الاتحاد الأوروبي، آشكيي، فقد بدأت العلاقات الرسمية مطلع عام 2005، حينما عبّر الاتحاد الأوروبي عن التزامه طويل الأمد تجاه العراق الجديد عبر فتح مكاتب تمثيلية في كلٍّ من بغداد وأربيل. وقد عكست هذه الخطوة منذ البداية الواقع الفدرالي الجديد للعراق والطبيعة المميزة لإقليم كردستان من حيث الوضعين السياسي والإداري.
وفي السنوات اللاحقة، تعمّقت هذه العلاقات، خصوصاً خلال فترات الأزمات، إذ قدّم الاتحاد الأوروبي مساعداتٍ إنسانيةً واسعةً في مواجهة موجات النزوح، ولا سيما أثناء هجمات تنظيم داعش الإرهابية. كما كان الاتحاد الأوروبي شريكاً محورياً في التحالف الدولي لهزيمة داعش، مساهماً في جهود الاستقرار وإزالة الألغام وإصلاح قطاع الأمن في المناطق المحررة.
ومع مرور الوقت، تطورت هذه العلاقة من إدارة الأزمات إلى تخطيطٍ استراتيجيٍّ منظمٍ وطويل الأمد، تُوّج بإنشاء الاجتماعات السنوية لمجلس التعاون عام 2022. ويعكس انعقاد الاجتماع الحالي في لوكسمبورغ، وهو الرابع من نوعه، مدى تأصيل هذه العلاقة المؤسسية ونضوجها، تأكيداً على الالتزام المشترك بالحوار المنتظم رفيع المستوى كآليةٍ أساسيةٍ لمواجهة التحديات المشتركة واستثمار الفرص المتبادلة.
عن موقع K24 الإخباري










