بغداد / المدى
دعت مؤسسة «أصول» للتطوير الاقتصادي والتنمية المستدامة إلى اعتماد أدوات مالية مبتكرة لمعالجة التحديات التي تواجه السياسة المالية في العراق، مشددة على ضرورة تحريك الأصول والسيولة باتجاه النشاط الإنتاجي والتشغيلي بدلاً من الاعتماد على الإنفاق الحكومي المباشر.
وقال رئيس المؤسسة خالد الجابري في تصريح صحفي، إن المرحلة الحالية تتطلب «رافعات مالية حقيقية» قادرة على إعادة تنشيط الاقتصاد العراقي من الداخل، موضحًا أن الاعتماد على الحلول الترقيعية، مثل خفض سعر الصرف أو إعادة تسعير الأصول، لا يمثل حلولًا واقعية، بل يؤدي إلى ترحيل الأزمات.
وبيّن أن الرافعة المالية ليست إنفاقًا إضافيًا، بل «تحريك ذكي للأصول والسيولة نحو أهداف إنتاجية وتشغيلية»، من خلال إجراءات تشمل تخفيف الأعباء الضريبية عن القطاع الخاص، وتوسيع قاعدة الإنتاج عبر قرارات مالية وجمركية، إضافة إلى تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP) لجمع التمويل الحكومي بالكفاءة التشغيلية للقطاع الخاص.
وأشار الجابري إلى أهمية تيسير تسجيل الشركات ومنح حوافز تشجيعية لاستقطاب الموظفين المنتقلين من القطاع العام إلى الخاص، مثل الإعفاء من التسجيل في الضمان الاجتماعي واحتساب فترات الخدمة التقاعدية لهم، مؤكدًا أن هذه القرارات تحمل أثرًا اقتصاديًا مباشرًا رغم أنها ليست مالية بطبيعتها.
ولفت إلى أن السندات التحفيزية تمثل إحدى الأدوات الأكثر قدرة على تحقيق أثر مضاعف في النمو دون زيادة العجز المالي، كونها تُحرّك رأس المال الراكد نحو النشاط الإنتاجي، مقترحًا إصدار سندات موجهة مثل «سندات التنمية المحلية» و«سندات التحول الوظيفي» لتمويل مشاريع تشغيلية عبر السوق بدلاً من الموازنة.
وأضاف أن هذا النوع من السندات يتيح للحكومة تمويل برامج اقتصادية بمشاركة القطاع الخاص، مع تحملها الضمان الائتماني بدل الكلفة المباشرة، على أن تُعاد الأموال لاحقًا إلى الدورة المالية عبر الإيرادات والأرباح الضريبية الناتجة عن النمو.
وأكد الجابري أن هذه السياسة المالية الحديثة «تختلف جذريًا عن التمويل التقليدي»، إذ تهدف إلى تحويل العجز إلى أداة تنموية تُحفّز التشغيل والإنتاج وتعيد التوازن بين القطاعين العام والخاص، معتبرًا أن «العراق بحاجة إلى حلول محلية الصنع يمكن أن تصبح نموذجًا عالميًا».
وأشار إلى أن تطبيق هذه الأدوات سيُمكّن الدولة من دعم الشركات التي توظف خريجين أو موظفين حكوميين، من خلال تمويل ميسّر وإعفاءات ضريبية مشروطة بالأداء.
وفي سياق متصل، كان محافظ البنك المركزي علي العلاق قد كشف أن إجمالي الديون الداخلية والخارجية للعراق بلغ نحو 150 مليار دولار، منها 91 تريليون دينار ديون داخلية و54 مليار دولار ديون خارجية، مشيرًا إلى أن عجز الموازنة كبير ولا يمكن تغطيته عبر القروض أو السندات، وأن البنك الفدرالي الأميركي لا يفرض قيودًا على العوائد النفطية العراقية.
وبحسب تقرير للبنك المركزي، ارتفع الدين الداخلي في تموز 2025 إلى 90.3 تريليون دينار، بزيادة 2.91 % عن حزيران الماضي، و16 % مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، فيما عزا البنك هذا الارتفاع إلى تراجع قروض المصارف الحكومية بنسبة 1.72 %.
كما أشار مرصد «إيكو عراق» إلى أن مبيعات النفط لم تعد كافية لتغطية النفقات الجارية للدولة، والتي تبلغ نحو 11 تريليون دينار شهريًا، مشيرًا إلى أن هذه النفقات تشكل الجزء الأكبر من المصروفات العامة.
مؤسسة اقتصادية تدعو لابتكار أدوات مالية جديدة لمعالجة العجز دون إرهاق الموازنة

نشر في: 20 أكتوبر, 2025: 12:33 ص









