بغداد/ تبارك عبد المجيد
أطلق الخبير البيئي مرتضى الجنوبي تحذيرا شديد اللهجة بشأن ظاهرة متنامية في المناطق القريبة من الحقول النفطية، حيث تنتشر المقطورات والبراميل البلاستيكية التي يعيد الأهالي استخدامها لخزن مياه الشرب أو مياه الغسل دون أن يدركوا حجم المخاطر الكامنة فيها.
وقال الجنوبي في حديث لـ(المدى)، إن "هذه البراميل لم تكن مخصصة أصلا للاستخدام المنزلي، بل كانت تُستعمل في الحقول النفطية لتخزين مواد كيميائية خطيرة تُستخدم أثناء عمليات استخراج ومعالجة النفط، مثل مزيل الاستحلاب الذي يفصل النفط عن الماء، ومانع التآكل الذي يحمي الأنابيب من الصدأ، ومثبط الرغوة الذي يدخل في مراحل معالجة النفط المختلفة".
وأكد، أن "هذه المواد تحتوي على مركبات عضوية سامة مثل الأمينات والفينولات والهيدروكربونات، وهي مواد تُعد من المسببات المحتملة للسرطان بحسب تصنيفات منظمات الصحة العالمية"، مشيرا إلى أن آثارها تبقى عالقة داخل جدران البراميل حتى بعد غسلها مرات عديدة، مما يجعل استخدامها في خزن المياه خطرًا كبيرًا على صحة الإنسان والبيئة.
وحذر الجنوبي من أن التعرض لهذه المواد قد يسبب تهيج الجلد والعينين، كما قد يؤدي إلى أضرار في الكبد والكلى والجهاز العصبي في حال الاستخدام الطويل، فضلًا عن تلوث المياه التي يتم خزنها داخل تلك البراميل، الأمر الذي يجعلها غير صالحة للاستهلاك البشري أو الحيواني.
واضاف أن المشكلة لا تتوقف عند الجانب الصحي، بل تمتد إلى أبعاد قانونية وبيئية خطيرة، إذ تُهرّب هذه البراميل من داخل الشركات النفطية العاملة، خصوصا الشركات الصينية، بالتعاون مع بعض العاملين فيها، لتُباع لاحقاً في الأسواق المحلية بأسعار منخفضة دون أي رقابة أو إشراف من الجهات المختصة.
وأشار الجنوبي إلى أن "هذه الظاهرة مستمرة منذ أكثر من خمسة عشر عاما، في ظل غياب المتابعة البيئية والمحاسبة القانونية، ما جعلها تتحول إلى ممارسة اعتيادية بين الناس الذين يجهلون خطورتها، فيما تتجاهل المؤسسات المسؤولة حجم الكارثة المتصاعدة".
ووجه المختص بالشأن البيئي نداء عاجل إلى سكان المناطق القريبة من الحقول النفطية، دعاهم فيه إلى "التوقف عن شراء أو استخدام هذه البراميل والمقطورات لخزن المياه، حفاظًا على صحتهم وصحة أطفالهم، مؤكدًا أن الخطر حقيقي ويمسّ حياة الناس يوميًا، وأن الوعي هو خط الدفاع الأول أمام هذه الكارثة الصامتة".










