TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > تلوث خطير يهدد نهر الفرات في المثنى

تلوث خطير يهدد نهر الفرات في المثنى

نشر في: 21 أكتوبر, 2025: 12:02 ص

 السماوة / كريم ستار

تتفاقم معاناة سكان محافظة المثنى يوماً بعد آخر، بسبب كارثة بيئية تهدد حياتهم وصحتهم، بعد توقف محطة مجاري السماوة منذ أشهر، الأمر الذي أدى إلى تصريف مباشر لمياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى نهر الفرات عبر خمسة عشر مصباً داخل المدينة وضواحيها.
أصبح المشهد المأساوي مألوفاً للسكان، إذ تنبعث الروائح الكريهة من مجاري المياه السوداء الممتدة نحو النهر الذي يمثل المصدر الأساس لمياه الشرب والزراعة في المحافظة.

ورغم التحذيرات المتكررة من منظمات بيئية وناشطين محليين، فإن الأزمة ما زالت تراوح مكانها وسط عجز واضح في المعالجات الحكومية وغياب الحلول المستدامة. ويعبّر الأهالي عن استيائهم وخوفهم من تفاقم الأمراض، في وقت تتراجع فيه كميات المياه العذبة وتزداد نسبة الملوثات.
يقول المواطن حسين داخل، أحد سكان حي القشلة المطل على النهر: «لم نعد نحتمل هذه الروائح ولا المنظر المؤذي. مياه المجاري تصب مباشرة في الفرات دون أي معالجة، وأطفالنا يعانون من أمراض جلدية وتنفسية. نطالب الحكومة بالتدخل العاجل، فالوضع لم يعد يُطاق».
ويعكس المشهد البيئي في المثنى تراكمات سنوات من الإهمال وغياب التنسيق بين الجهات المسؤولة عن المياه والمجاري والبيئة. فالمشكلة لا تقتصر على توقف محطة المعالجة فحسب، بل تمتد إلى ضعف البنية التحتية، ونقص التمويل، وضعف الإجراءات الرقابية.
مدير إعلام الموارد المائية في المثنى، أحمد الأعرجي، أوضح أن جزءاً من المشكلة لا يقع ضمن صلاحيات دائرته، مشيراً إلى أن مسؤولية متابعة جودة المياه وقياس نسبة الملوحة تقع على مديرية الماء وليس الموارد المائية. وقال: «مهمتنا تقتصر على إيصال الحصص المائية وتوفير المياه لمحطات الإسالة، أما قضية المجاري فهي من اختصاص مديرية ماء المثنى، خصوصاً ما يتعلق بقياس نسبة الأملاح وجودة المياه».
وأضاف الأعرجي أن «قضية المجاري قديمة ومستمرة منذ سنوات، وقد أقمنا أكثر من دعوى ورفعنا تقارير للوزارة بشأن التجاوزات على الأنهر. الحل الجذري يكمن في إنشاء محطات معالجة حقيقية تُنقل إليها المياه الثقيلة ومياه الصرف الصحي ليُتعامل معها بشكل علمي، لكن العملية بطيئة جداً بسبب غياب التخصيصات المالية وعدم وجود صيانة كافية لمحطات المعالجة الحالية».
من جانبه، أكد مدير بيئة المثنى، أمير كاظم، أن دائرته تلقت شكاوى عديدة من المواطنين بشأن تلوث نهر الفرات، مشيراً إلى أن شح المياه وتراجع مناسيبها زادا من تركّز الملوثات في النهر والمصادر المائية الأخرى.
وقال كاظم: «وردتنا الكثير من الشكاوى حول الملوثات التي تصيب نهر الفرات بسبب شحة المياه، ما أدى إلى تلوث المصادر المائية وانتشار أمراض في الجهازين الهضمي والتنفسي، فضلاً عن الأمراض السرطانية التي تزايدت في بعض المناطق».
وأضاف أن «مخلفات المجاري تُعد من أكثر مصادر التلوث خطورة على المياه، ونحن نتابع هذه الظاهرة عبر فرق رصد ميدانية تعمل بشكل مستمر داخل المحافظة. ارتفاع الملوحة في المياه لا يؤثر فقط على صحة الإنسان، بل أيضاً على خصوبة التربة والزراعة والمياه الجوفية».
وبيّن كاظم أن دائرته فاتحت الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المقصرين، قائلاً: «فاتحنا مديرية مياه المجاري وقدمنا شكاوى رسمية بشأن محطات التصريف غير العاملة، وفرضنا غرامات مالية على المخالفين، كما أغلقنا عدداً من محطات تصريف مياه المجاري التي لم تكن تعمل بصورة صحيحة».
وأوضح أن هناك جهوداً لإدخال محطات جديدة إلى الخدمة، قائلاً: «تم رصد مبالغ مالية لمديرية مياه المجاري لنصب محطات معالجة جديدة، كما أن المحطة المركزية في المحافظة ستُعاد تأهيلها لتعمل بصورة صحيحة خلال الفترة المقبلة، وذلك بعد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات برئاسة محافظ المثنى».
وحذر كاظم من أن دائرته «وجهت عدة إنذارات رسمية إلى مديرية مياه المجاري بضرورة عدم ربط أي مخرج صرف صحي مباشرة بالنهر»، مضيفاً: «عند ثبوت أي مخالفة، سنقوم بإغلاق المحطة فوراً في أي قضاء أو ناحية بالمحافظة، ولن نتساهل مع أي جهة تتسبب بتلويث الفرات».
في المقابل، يرى المختص البيئي أسامة العابدي أن الحلول الجزئية لا تكفي، وأن معالجة الأزمة تتطلب مشروعاً متكاملاً للبنية التحتية وإدارة موحدة للمياه والمجاري والبيئة ضمن خطة وطنية واضحة. فالمثنى، التي تُعد من أكثر المحافظات معاناة من شح المياه والتصحر، تواجه اليوم تهديداً مضاعفاً: تلوث المصدر الوحيد للحياة فيها، نهر الفرات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram