TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المال السياسي في الانتخابات العراقية بين النفوذ والتأثير وتحديات الإصلاح

المال السياسي في الانتخابات العراقية بين النفوذ والتأثير وتحديات الإصلاح

نشر في: 22 أكتوبر, 2025: 12:01 ص

محمد حسن الساعدي

يُعد المال السياسي أحد أبرز العوامل التي تؤثر في نتائج الانتخابات البرلمانية والتي من المقرر أن تجرى في الحادي عشر من شهر نوفمبر من العام الحالي، والتي ستعيد تشكيل خارطة النفوذ داخل البرلمان والحكومة،فبين الطموحات الشعبية بالتغيير، والواقع المعقد الذي تحكمه المصالح، يبرز المال السياسي كقوة خفية تتحكم في مسار الديمقراطية، وتضعف فرص المنافسة النزيهة.
المال السياسي هو استخدام الموارد المالية من قبل الأحزاب أو التيارات أو المرشحين أو جهات خارجية للتأثير على العملية الانتخابية، سواء عبر تمويل الحملات، شراء الأصوات، أو السيطرة على الإعلام والدعاية، وفي العراق يتخذ المال السياسي أشكالاً متعددة منها تمويل الحملات الانتخابية الضخمة التي تتجاوز قدرات المرشحين المستقلين،وشراء الولاءات العشائرية أو المناطقية عبر تقديم خدمات أو وعود مالية، بالاضافة الى التأثير على وسائل الإعلام لترويج مرشحين محددين أو تشويه سمعة المنافسين.
أن عملية استخدام المال العام أو موارد الدولة من قبل بعض الجهات النافذة لتقوية مواقعها الانتخابية، له تداعيات خطيرة المال السياسي بل على خطوات ترسيخ الديمقراطية في البلاد، لان وجود المال السياسي بهذا الشكل يخلق بيئة انتخابية غير متكافئة، ويؤدي إلى حالة إقصاء الكفاءات والمستقلين الذين لا يملكون موارد مالية كبيرة، وتشويه إرادة الناخبين عبر الإغراءات المالية أو الضغط الاجتماعي، بالاضافة الى إضعاف ثقة المواطن بالعملية الانتخابية، ما يؤدي إلى عزوف واسع عن المشاركة.
رغم التحديات، هناك جهود تبذل من أجل الإصلاح والمساءلة في محاولات للحد من تأثير المال السياسي، فدور مفوضية الانتخابات في مراقبة الإنفاق الانتخابي، رغم محدودية الأدوات من أهم الادوات التي يمكن الاعتماد عليها في مراقبة التلاعب بالمال العام وأستخدامه في الانتخابات، ونشاط مؤسسات المجتمع المدني والإعلام المستقل اللذان هما كفيلان في فضح الممارسات غير القانونية التي ترافق العملية الانتخابية في البلاد.
هناك مطالبات شعبية تتعالى في ضرورة تشريع قوانين صارمة لمحاسبة من يستخدم المال السياسي بشكل غير مشروع،ولكن هذه الجهود تبقى محدودة ما لم تتوفر إرادة سياسية حقيقية، ومشاركة شعبية واسعة تضغط باتجاه عملية الإصلاح في الحكومة وتطوير أدائها بما يحقق الاهداف التي رسمتها لنفسها.
يأتي دور المواطن في مواجهة المال السياسي مكملاً في تعزيز دور الاستقرار في البلاد كونه يمتلك قوة التغيير عبر الاختيار الواعي للمرشحين بناءً على الكفاءة والنزاهة، لا على المال أو الوعود، وفضح الممارسات المشبوهة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المحلي، بالاضافة الى المشاركة الفاعلة في الانتخابات وعدم ترك الساحة لمن يشتري النفوذ.
يبقى المال السياسي تحدياً كبيراً أمام الديمقراطية الفتية والتي بدات ملامحها تظهر من خلال الاستقرار النسبي الذي نشهده من خلال توسع دائرة الاستثمار في البلاد والحركة العمرانية ، لكنه ليس قدراً محتوماً. فبإمكان الشعب، عبر الوعي والمشاركة، أن يضع حداً لنفوذ المال، ويعيد للانتخابات معناها الحقيقي كأداة للتغيير والبناء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram