ترجمة : عدوية الهلالي
لسنوات عديدة، سمعنا عن تحضير كريستين ستيوارت لفيلمها الإخراجي الأول، المقتبس من كتاب السيرة الذاتية للكاتبة ليديا يوكنافيتش الصادر عام ٢٠١١. وأخيرًا، صدر فيلم «التسلسل الزمني للماء».
عُرض هذا الفيلم الدرامي العنيف، والعميق، من بطولة الممثلة الرائعة إيموجين بوتس التي تميزت في عدة افلام منها (الغرفة الخضراء، فيفاريوم، الأب)، في مهرجان كان السينمائي لعام ٢٠٢٥ ضمن فئة «نظرة ما». ويعرض الفيلم حالياً في دور العرض. وقد استحقّ الفيلم كل هذا الانتظار.
وعندما تسمع أن كريستين ستيوارت استغرقت ثمان سنوات لإخراج فيلمها الأول، قد تعتقد أن هناك خطبًا ما. فكيف يُمكن لممثلة مشهورة كهذه أن تُكافح لجمع ميزانية متواضعة لإنتاج فيلمها الأول؟ لكن عندما تشاهد فيلم «التسلسل الزمني للماء»، ستبدأ بفهم الأمر.
ربما يجمع الفيلم المقتبس من السيرة الذاتية لليديا يوكنافيتش كل ما يُرعب المنتجين : فهو يتناول الجنس، وزنا المحارم، والعنف، والحزن، والإبداع، وتدمير الذات، والتحول، ويتمحور حول بطلة ثنائية الجنس تُحب الماء والكلمات، وتروي قصتها في فوضى عارمة ينبثق منها حل جذري .
كان بإمكان كريستين ستيوارت أن تُخفف من حدة التشويش، أو أن تُؤدي دور البطولة بنفسها لتُكسب ود المُمولين. لكن من الواضح أنها اختارت الخيار الآخر: القتال، والعزيمة، وحتى الهوس. وبعد تصوير فيلمها في لاتفيا ومالطا، وبمشاركة عدد كبير من شركات الإنتاج (ولا سيما شركة سكوت فري للانتاج )، اختتمت فيلمها الأول، الذي شاركت في كتابته بمساعدة آندي مينجو.
ومنذ الثواني الأولى، كانت الرسالة واضحة: ستستخدم كريستين ستيوارت كل لقطة صغيرة من الصورة، وكل صوت، وكل تعديل في المونتاج لخلق مساحة خاصة بها وملؤها.ويكفي هذا ليُشعرك بالتوتر والانزعاج والإرهاق. وهذا تحديدًا ما يجعل فيلم «تسلسل الماء» رائعًا ومميزًا.
من أين إذن نبدأ وصف هذا الفيلم المدمر؟ ربما مع أبرز حضور على الشاشة: الممثلة إيموجين بوتس التي برزت لسنوات، منذ أدوارها الأولى في أفلام «بعد 28 أسبوعًا»، و»كراكز»، و»غرفة الدردشة»، و»ليلة الرعب»، و»الحاجة إلى السرعة». سنوات من العمل المميز، لا سيما في مسرحيات برودواي، و»الغرفة الخضراء»، و»فيفاريوم»، و»الأب». لكنها لم تحظَ قط بمثل هذا القدر من المساحة للظهور.
وفي «تسلسل الماء»، هي تمثل كل شيء. ليديا التي تعانق جدران منزل والديها، وتسبح بأقصى سرعة في المسبح، وتقع في غرام أحدهم تلو الآخر، وتصدم رأسها بالجدار ثم تنهض. تلك التي تصرخ، وتبكي،وتحب ، وتكتب، وتغادر. ويحلق الفيلم فوق جبل هائل من اللحظات، من أخفها إلى أكثرها مأساوية،والتي تتراكم لتحكي قصة كيانها وجسدها. وفي هذه العاصفة،ستكون إيموجين بوتس هي طوق النجاة.
هذا العمل ضخم لأن الفيلم بأكمله مرتبط بها. صوتها هو الذي يُملي القصة، وطاقتها هي الوقود، وجسدها هو الذي يسكن كل لقطة تقريبًا. ومثل كريستين ستيوارت، التي تشبثت بهذا المشروع بشغف لسنوات، رغماً عن الجميع تقريباً، تتحرك إيموجين بوتس عبر الفيلم بطاقة مدمرة كشهاب سينطفئ قبل أن يصطدم بالأرض. هذا الأمر أكثر إثارة للإعجاب، خاصةً وأن «التسلسل الزمني للماء» مبنيٌّ كأحجية زمنية عملاقة، لدرجة أن الشخصية نفسها تجرفها عاصفة السرد. ومع تقاذفها من مكان إلى آخر، ومن شعور إلى نقيضه، ومن عصر إلى آخر، إلا أن إيموجين بوتس، مع ذلك، تحافظ على ثباتها في قلب العاصفة. سواءً كانت تُسيء معاملة حبيبها طيب القلب، أو تُعاني من التالي، الذي يُبالغ في جنونه، أو تُعاني من أسوأ حزن، أو تُروي حياتها على خشبة المسرح، فإنها تُجسد أدنى صمت وأدنى إيماءة تُثير التشويق. و»التسلسل الزمني للماء» مدينٌ لها بكل شيء تقريبًا.
كُتبت هذه القصة للسينما، وعندما عُرض فيلم "تسلسل زمني للمياه" لأول مرة في قسم "نظرة ما" بمهرجان كان السينمائي لعام ٢٠٢٥ ، نال إشادة النقاد وحظي بتصفيق حار لمدة ست دقائق ونصف. وفي آب 2025، حصلت شركة "ذا فورج" على حقوق توزيع الفيلم الذي يعرض حاليا في دور عرض محدودة وسيعرض على نطاق واسع مع مطلع عام 2026 .وفي الفيلم، تجد شابة صوتها من خلال الكتابة، وتجد خلاصها كسباحة، لتصبح في النهاية معلمة منتصرة وأمًا وكاتبة معاصرة فريدة.وقد قال عنه الناقد السينمائي إم سيلرز جونسون : "من المؤكد أن أول ظهور قوي لستيوارت سيثير جدلًا واسعًا حول جمالياته الفنية العدوانية، ومحتواه العنيف والجنساني المتحدي، ونظرته الدقيقة لموضوع الصدمة. ولكن على الرغم من كل تجاربه واستفزازاته المتعمدة، يجد الفيلم نفسه متجذرًا في معنى شخصي عميق.
فيلم صادم من اخراج النجمة كريستين ستيوارت
التسلسل الزمني للماء

نشر في: 23 أكتوبر, 2025: 12:01 ص









