الموصل / سيف الدين العبيدي
شهدت مدينة الموصل افتتاح كنيستي مار توما والطاهرة، وهما من أقدم الكنائس في المدينة، بعد انتهاء أعمال الإعمار التي استمرت أكثر من خمس سنوات ضمن مشروع «فسيفساء الموصل» الذي أطلقه التحالف الدولي لحماية التراث عام 2019، بمشاركة منظمات دولية وشخصيات دينية ومدنية.
وأُعيد افتتاح كاتدرائية مار توما للسريان الأرثوذكس وكنيسة الطاهرة للكلدان في احتفالية حضرها وزير الثقافة ومحافظ نينوى والسفير والقنصل الفرنسي، إلى جانب رجال دين مسيحيين ومسلمين وأعضاء منظمة «أليف» الداعمة للإعمار، فضلاً عن العوائل المسيحية والمسلمة من أهالي الموصل.
وتعود كنيسة مار توما إلى القرن السابع الميلادي، وكانت خلال فترة سيطرة تنظيم داعش بمثابة سجن ومحكمة ومركز للشرطة. أما كنيسة الطاهرة، فقد شُيّدت بين نهاية القرن السادس وبداية السابع الميلادي، وأعيد بناؤها في القرن الثامن عشر في عهد الجليليين بعد عام من حصار نادر شاه للموصل، وتعرضت هي الأخرى للتدمير والسرقة عام 2017.
وقال المطران نجيب موسى في حديث لـ«المدى» إن كنيسة الطاهرة كانت في الأصل ديراً كبيراً أسسه الرهبان وامتد حتى قلعة باشطابيا التي أُقيمت لاحقاً على موقعه، ثم تحوّل إلى كنيسة فريدة من نوعها في عمرانها وزخارفها. وأضاف أن الأضرار التي لحقت بها بلغت 60 في المئة، واستغرق ترميمها أكثر من عام ونصف، شمل إعادة بناء المذبح الرئيسي والأعمدة والأقواس والزخارف والكتابات وفق المخططات الأصلية.
وأشار إلى أنه أثناء أعمال الإعمار اكتُشفت بيوت قديمة تحت الكنيسة عُثر فيها على أوانٍ قديمة وُضعت في قاعة خُصصت كمتحف صغير، بينما أُعيد دفن البيوت للحفاظ عليها. وكشف المطران عن خطة لإعمار كنيسة أخرى في قضاء تلكيف قريباً.
من جانبه، أوضح المطران مار بندكتوس يونان حنو، رئيس أساقفة السريان في الموصل، أن كاتدرائية مار توما لا يُعرف تاريخ محدد لبنائها بسبب قدمها، وتُعدّ «أم الكنائس السريانية» في العراق. وأكد أن تنظيم داعش «هدم الحجر ولم يستطع هدم الإنسان الموصلي الذي يؤمن بالإنسانية»، معرباً عن سعادته بعودة الكنيسة وافتتاحها مجدداً.
وبيّن أن أحد أبرز عوامل عودة المسيحيين إلى الموصل هو توفير الوظائف وفرص العمل، مشيراً إلى أن اللافت في عملية الإعمار كان التعاون بين المهندسين والبنائين والنحاتين من المسلمين والمسيحيين، تحت إشراف عراقي وأجنبي مشترك.
وأضاف أن الكنيسة كانت متضررة بشكل كبير جراء القصف والتخريب، حيث أزال داعش الرسومات والزخارف من الأعمدة والجدران، لكن أعمال الإعمار أعادت البناء باستخدام الحجارة الأصلية، كما كُشف عن أجزاء من الأرضية القديمة وجرى تغطيتها بالزجاج لحمايتها. واعتبر المطران أن عودة الكنائس تمثل «عودة الجذور والحفاظ على تاريخ الوجود المسيحي في الموصل».
من جانبه، أعلن محافظ نينوى عبدالقادر الدخيل خلال كلمته في الافتتاح عن قرب توقيع اتفاق مع الجانب الأمريكي لإنشاء مركز للتطوير الآثاري والتراثي في الموصل، هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن العمل جارٍ حالياً لبناء المركز الثقافي المسيحي في مجمع حوش البيعة، واستمرار إعمار كنيسة «مسكنتة» المقرر افتتاحها منتصف عام 2026.
فرحة مسيحية في الموصل بافتتاح كنيستي مار توما والطاهرة

نشر في: 23 أكتوبر, 2025: 12:03 ص









