د.عماد عبد اللطيف سالم
مساء السبت كنتُ مدعوّاً مع «خبراء اقتصاديّين» من لبنان والمغرب والأردن ومصر وماليزيا وسنغافورة على غداء عملٍ في أحد المطاعمِ الفاخرة ببغداد، لاستكمال «المداولات» حول موضوع رئيسٍ وهامٍ هو «تنويع الاقتصاد العراقي».
العامِلون والعاملات في المطعم جميعهم أجانب .. من المدير اللبناني، إلى عامل النظافة البنغلاديشي.
نباتات الظل والزينة .. كانت من دول شرق آسيا، وربما من دول أميركا اللاتينية.
الديكورات والأسقف الثانوية والأبواب.. كانت تركيّة.
المناضد والمفروشات والستائر والإناوة والأطباق والملاعق والسكاكين والشوكات .. كانت صينية.
عندما تمَ تقديم وجبة الغداء.. الرز .. كان تايلنديّاً وربما فيتناميّاً.
مرفقات الرز من الزعفران واللوز والفستق والصنوبر والكشمش .. كانت إيرانية.
اللبن .. كان سعوديّاً.
الفواكه .. كانت لبنانيّة يمنية إيرانية صومالية.
اللحوم الحمراء والبيضاء .. كانت متعددة الجنسيات (سورية، أسترالية، برازيلية، هندية، إيرانية، تركية).
حتّى السَمَك تمّ اصطياده من «المياه الإقليميّة» الكويتية!! من قبل صيادين عراقيّينَ مغامرين.
الشوربات مكوناتها تركية، العدس والشعيرية والزيت.
السلطات مكوناتها غير عراقية وعليها رشة ملح تركيٍّ وخل تفاح إيرانيٍّ وزيت زيتون إسبانيٍّ.
الشاي.. كان سريلانكيّاً.
القهوة .. كانت «صناعة تعليب» أردنيّة.
قناني الماء.. كانت إماراتيّة.
أخيراً.. غسلنا أيدينا بصابون تركيٍّ ومسحنا أفواهنا بكلينكس أردنيٍّ.
«أنا».. كنتُ «العراقيّ» الوحيد على المائدة. في البداية شعرتُ بالغربة.. وعندما بدأ الحديث بين «الخبراء» عن «تنويع الاقتصاد العراقي»، أجهشتُ ببكاءٍ مُر وثقيل، ثُمَ بدأتُ بالعويل من شدّة الوحشة. انتهى غداء العمل «الباذخ» بفشل «مهني» ذريع، وبقرار (باتّ وغير قابل للنقض والاستئناف)، باستبعادي عن المشاركة في المداولات القادمة، نتيجةً لـ «سوء السيرة والسلوك» الذي بدَرَ منّي.










