TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الأوصياء على العراقيين

العمود الثامن: الأوصياء على العراقيين

نشر في: 28 أكتوبر, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

أفضل وأغنى رواية عن خراب الأمم، تركها لنا مواطن نمساوي اسمه ستيفان تسفايج، ففي لحظة فارقة من تاريخ البشرية يكتب هذا الرجل النحيل مذكراته عن عالم مضى.
ما هو الشعور الذي سيخامرك وأنت تقرأ حكاية صعود القوى الكارهة للحياة، كما يصفها في مذكراته “عالم الأمس”؟ لا أدري... حاول أن تقرأ.
يقول تسفايج: "الكاره للحياة لا يعرف إلا طريقاً واحداً هو طريقه، لا يقبل حلاً وسطاً، يتوهم أنه وحده الذي يعلم، وعلى الآخرين أن يتعلموا منه، وتراه يرغي ويزبد إذا تجاسر أحدهم على إبداء رأي مضاد لرأيه".
لا أحب أن ألقي عليكم دروس الكتاب، لكن لا مفر من مراجعة تجارب الآخرين. وعندما نقرأ كم تكرر الظلم والعنف نشعر بأن العالم كله كان في يوم من الأيام مسرحاً للعبث والخراب.
هذا الفشل والخوف من المجهول يريدون لنا أن نعيش معه إلى النهاية، فالمسؤول والسياسي العراقي لا يذهب إلّا ويأخذ معه كلّ شيء، لأنه ما أن يصل إلى كرسي البرلمان أو الوزارة، حتى يتراءى له، بل حتى يرى، أنه ليس موظفاً أو نائباً منتخباً، بل ورث الكرسي.
الذين انتظروا الديمقراطية من الأحزاب التي تحكمنا يعانون من سذاجة مثلي، لأنهم يعتقدون أنهم يعيشون في ظل أحزاب تحترم الآخر.
اليوم هناك قواعد جديدة وواضحة للعمل السياسي، عبَّر عنها معظم شيوخ وخطباء هذه الأحزاب.
في الانتخابات الأخيرة أصدر السيد كاظم الحائري فتوى بتحريم انتخاب الشخصيات المدنية لأنها في نظره شخصيات كافرة، وبالأمس خرج علينا شيخ آخر ليخبرنا أن تغيير الوضع في العراق ممنوع شرعاً ولا يجوز وعلى المتضرر، وهو الشعب بالتأكيد أن يلجأ إلى الصمت.
اليوم في الوقت الذي يحاول العراق أن يبتعد عن حروب "القائد الضرورة"، يدخل بعض رجال الدين طرفاً في السجال بدعوتهم إلى ترك الخدمات وعدم الحديث عن الفشل السياسي وسرقة أموال البلاد، والتوجه نحو الحرب، وهو أمر يثير الاستغراب بنفس القدر الذي يثير التعجب! .
ربما يقول البعض: يا رجل هل أنت إمبريالي؟ يا سادة أنا ومعي ملايين العراقيين لم نطالب الأمريكان بغزو بلادنا، ولم نرحب بهم... الذين ملأت الفرحة وجوههم هم الذين استقبلوا جورج بوش بالأحضان والابتسامات.
قد يرى البعض "بطراً" في مثل هذه الأحاديث، لكني أحاول أن أنقل لكم آخر أخبار مفرحة، فلم أجد سوى مشاهد "محمد الصيهود" وهو يحيي الجماهير التي خرجت لنصرته. العراق الذي وصلت فيه نسبة البطالة إلى أرقام مخيفة، وشعبه الذي يعيش مئات الآلاف منه تحت خطر الفقر. بينما العراق هو مصدر حل الأزمات المالية في بعض البلدان التي تهرب لها أموال البلاد.
وكل شيء يهون ما دامت دماء هذا الشعب رخيصة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram