محمد العبيدي/ المدى
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة تتجه الأنظار إلى التصويت الخاص بالعسكريين وقوى الأمن، الذي يُجرى قبل يومين من الاقتراع العام بمشاركة أكثر من مليون وثلاثمئة ألف منتسب من الجيش والشرطة والحشد الشعبي والأجهزة الاستخبارية ونزلاء السجون، وفقاً لبيانات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
ويُعد هذا النوع من التصويت من أبرز ركائز العملية الانتخابية، إذ يمنح للعسكريين فرصة التعبير عن إرادتهم ضمن أجواء خاصة تسبق الاقتراع العام، لكنه في الوقت نفسه يثير منذ سنوات جدلاً متكرراً بشأن حيادية المؤسسة العسكرية وإمكانية استغلال أصوات المنتسبين من قبل بعض القوى السياسية.
ومنحت القوانين العراقية للعسكريين حقّ التصويت في يومٍ خاص يسبق الاقتراع العام، كما أجازت لهم الترشح للانتخابات بعد تقديم استقالاتهم من المؤسسة الأمنية ضمن مدد زمنية محددة.
وتشير المفوضية إلى أن هذا العام سيشهد تطبيق إجراءات رقابية ولوجستية مشددة، تشمل التسجيل البايومتري المسبق وتوزيع الصناديق بإشراف مباشر من موظفيها، إلى جانب حضور مراقبين دوليين ومحليين لمتابعة سير العملية وضمان نزاهتها.
حظوظ مرتفعة
بدوره، قال عضو حزب «تقدم» باسم محمد إن «الكتلة التصويتية للعسكريين تمثل ثقلاً حقيقياً في المشهد الانتخابي، بعد تزايد أعداد المنتسبين في صفوف القوات المسلحة والأجهزة الأمنية خلال السنوات الأخيرة، ما جعل صوتهم حاسماً في العديد من الدوائر الانتخابية». وأضاف لـ(المدى) أن “الكثير من المرشحين ذوي الخلفية الأمنية أو العسكرية يمتلكون حظوظاً مرتفعة في الفوز نتيجة قربهم من هذه الشريحة وانعكاس صورتهم الإيجابية لدى المواطنين”، مؤكداً أن “من المهم فسح المجال أمام العسكريين لاختيار من يمثلهم بحرية كاملة، بعيداً عن أي تأثير حزبي أو إداري”. وتُظهر التجارب السابقة أن تصويت المنتسبين كان في كثير من الأحيان عاملاً مهما في ترجيح كفة مرشحين بعينهم داخل الدوائر المتقاربة، وهو ما يجعل التصويت الخاص موضع اهتمام بالغ من الأحزاب والكتل السياسية التي تسعى لاستقطاب هذه الأصوات عبر برامج أو علاقات مباشرة داخل المؤسسات الأمنية.
مخاوف من الاستغلال
في المقابل، تتصاعد مخاوف من استغلال بعض التشكيلات شبه العسكرية لأصوات المنتسبين أو ممارسة ضغوط عليهم، خصوصاً في المناطق التي ينتشر فيها الحشد الشعبي والحشود العشائرية، حيث يشير سياسيون إلى وجود محاولات لجمع بطاقات انتخابية من المنتسبين لصالح جهات محددة.
وفي هذا السياق، أوضح الباحث في الشأن السياسي علي السامرائي أن «التشكيلات العسكرية بطبيعتها تقوم على نظام هرمي دقيق يعتمد على الأوامر والانضباط الصارم، وهذه الخصائص، وإن كانت ضرورية للحفاظ على كفاءة المؤسسة العسكرية، إلا أنها قد تتعارض أحياناً مع جوهر العملية الديمقراطية التي تقوم على حرية الاختيار».
وبيّن السامرائي لـ(المدى) أن «التجارب الانتخابية السابقة أظهرت تفوقاً ملحوظاً للسياسيين الذين يمتلكون خلفيات عسكرية أو ارتباطات بالمؤسسة الأمنية، ما يعكس حجم التأثير الذي يمكن أن تمارسه هذه الشريحة في نتائج التصويت»، مشدداً على «ضرورة ضمان الشفافية ومنع أي تأثير مباشر أو غير مباشر على إرادة المنتسبين».
وخلال السنوات الماضية، تقول منظمات مراقبة إن نسب المشاركة داخل الأجهزة الأمنية تُعد من الأعلى مقارنة ببقية فئات الناخبين، ما يمنحها وزناً انتخابياً حاسماً يستدعي رقابة ميدانية دقيقة، لضمان أن تكون نتائج التصويت الخاص مؤشراً حقيقياً لإرادة المشاركين فيه، لا امتداداً لصراعات القوى السياسية أو نفوذها داخل المؤسسة الأمنية.
«صناديق العسكر».. اختبار جديد لنزاهة الانتخابات العراقية!

نشر في: 28 أكتوبر, 2025: 12:02 ص









