السليمانية / سوزان طاهر
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية الاتحادية، تبرز مؤشرات على إمكانية إحياء التحالف الكردستاني بين الحزبين الرئيسين في الإقليم، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، وسط دعوات لتوحيد الموقف الكردي في بغداد بعد سنوات من الانقسام والخلافات حول المناصب والملفات المشتركة.
ومضى نحو عام على انتخابات البرلمان التي أجريت في كردستان لاختيار برلمان الإقليم، من دون أن تتمكن الأحزاب الفاعلة من تشكيل حكومة جديدة والتصويت عليها، في مؤشر على عمق الخلاف السياسي وتعقيدات تتعلق بقرب الانتخابات العراقية العامة في تشرين الثاني المقبل.
وتُطرح تساؤلات حول تكرار السيناريوهات السابقة بذهاب القوى الكردية بشكل منفرد إلى بغداد، ومستقبل تحالفاتها مع القوى السياسية من المكونات الأخرى، وإمكانية إحياء تحالف كردي شبيه بالإطار التنسيقي الشيعي أو إعادة سيناريو التحالف الكردستاني.
وتشهد الحملة الدعائية الانتخابية للأحزاب الكردية، وخاصة الرئيسية الحاكمة منها، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، تراجعاً في حدة الصراع والتصريحات المتشنجة، ما قد يمهد لعودة التحالف بين الحزبين وذهابهما إلى بغداد مجتمعين.
الخلاف على رئاسة الجمهورية
يؤكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفا محمد كريم أن هناك إمكانية حقيقية لذهاب الكرد بكتلة واحدة إلى العاصمة بغداد.
ولفت في حديثه لـ«المدى» إلى أنه «لا نريد تكرار تجربة الدورات السابقة بذهاب الكرد متفرقين، ولا نريد تكرار ما حصل في قضية الخلاف على رئاسة الجمهورية والدخول بأكثر من مرشح لهذا المنصب».
وأضاف أن «هذا الهدوء بين الديمقراطي والاتحاد الوطني هو الخطوة الأولى لإحياء التحالف الكردستاني، على الأقل بين الحزبين الرئيسين والأحزاب الكردية الأخرى القريبة منا».
وخلال الدورات البرلمانية السابقة، ظهر الخلاف الكردي جلياً عندما دخلوا بأكثر من مرشح لمنصب رئاسة الجمهورية، وعدم الاتفاق على هذا المنصب بسبب رغبة كل حزب في الظفر به.
وعلى مدى سنوات، ظلت العلاقة بين بغداد وأربيل محكومة بسجالات متكررة حول الملفات النفطية والمالية، خصوصاً ما يتعلق بتصدير النفط من كردستان ومستحقات الإقليم من الموازنة الاتحادية. هذه الخلافات كثيراً ما انعكست على المشهد السياسي وأعاقت فرص التفاهم بين الجانبين، لتتحول إلى أوراق ضغط متبادلة تُستخدم في أوقات الأزمات.
حلول وسطية
ومع تولي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة، برزت محاولات متكررة لإيجاد حلول وسطية تضمن استقرار العلاقة وتعزيز التعاون، إلا أن الطريق ظل معقداً بفعل تضارب المصالح وتباين التفسيرات الدستورية.
في المقابل، يرى عضو الاتحاد الوطني الكردستاني صالح فقي أن الحديث عن التحالف الكردستاني وذهاب الكرد بشكل مجتمع إلى بغداد ما زال مبكراً، ويعتمد على عدة معطيات، أهمها عدد المقاعد التي يحصل عليها كل حزب.
وأوضح في حديثه لـ«المدى» أن «منصب رئاسة الجمهورية محسوم للاتحاد الوطني وفقاً للاتفاقات المبرمة مع الحزب الديمقراطي، وتوزيع المناصب بين الحزبين في بغداد وإقليم كردستان».
وأشار إلى أنه «بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية ستتشكل لجان تفاوضية من كل الأحزاب، وبعدها يبدأ التحرك من كل حزب لغرض التفاوض والتباحث بخصوص المناصب والمنهاج الحكومي، ونأمل أن يذهب الكرد بشكل مجتمع، وهناك بوادر إيجابية لتحقيق هذا الهدف، ولكن نحتاج إلى إعادة الثقة بين الطرفين أولاً حتى لا تتكرر أخطاء الدورات السابقة».
ولطالما لعبت الأحزاب الكردية دوراً محورياً في تشكيل الحكومات العراقية بعد عام 2003، حيث كان الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني شريكين رئيسيين في الحكومات المتعاقبة.
ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة توترات في العلاقة بين الأحزاب الكردية والقوى السياسية الشيعية، خاصة بعد أزمة تمويل رواتب موظفي إقليم كردستان، والتي اتهمت فيها بعض الأطراف الكردية الحكومة الاتحادية بتعمد تأخيرها لأسباب سياسية.
وحصل الحزب الديمقراطي الكردستاني في انتخابات برلمان كردستان الأخيرة على 39 مقعداً، فيما حصل الاتحاد الوطني على 23 مقعداً. وحتى الآن، فإن موقف أحزاب المعارضة الكردية ما يزال رافضاً للدخول في تحالف مع الأحزاب الحاكمة أو المشاركة في حكومة الإقليم.
رغبة دولية
في السياق ذاته، يقول الباحث في الشأن السياسي آرام خليل إن هناك رغبة دولية، وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، بإعادة توحيد الموقف الكردي في بغداد وذهابهم سوية إلى العاصمة.
وذكر في حديثه لـ«المدى» أن «الهدوء الذي تشهده الحملة الدعائية للانتخابات هو خطوة تمهيدية لإعلان التحالف بين الحزبين، ولكن دخول الأحزاب المعارضة، ومنها الجيل الجديد، صعب جداً ولن يحصل، بسبب خوف الأحزاب المعارضة من خسارة شعبيتها في حال دخلت بتحالف مع الحزبين الحاكمين».
وشدد على أن «اقتراب موعد مفاوضات تشكيل حكومة إقليم كردستان مع تشكيل الحكومة العراقية سيساعد الكرد على توحيد مواقفهم في بغداد، لأنه سيتم حسم المناصب بسلة واحدة، ومنها منصب رئاسة الجمهورية، الذي لن يشكل مشكلة أو نقطة خلاف هذه المرة».










