علي حسين
منذ أن اختفى “الكوميديان” عباس البياتي ومعه صاحبة الصوت الناعم عتاب الدوري، لم نعثر على مشهد كوميدي يريح النفس، إلا أن ظهر القيادي في حزب المؤتمر، وصاحب المصارف التي كانت مهمتها تنظيف الأموال، أراس حبيب، وهو في حالة من غياب الوعي ظلّ يعاني منه كلما جلس أمام إحدى مقدمات البرامج.
ولعل ظهور أراس حبيب هذه الأيام مشهدٌ يحتاجه المواطن العراقي، وخصوصاً الذين تملأ وجوههم الكآبة من أمثالي ليضحكوا، بعد أن أعلن أراس حبيب أنه “أمّة”. فقد تحولت أيامنا مرّةً مضحكةً ومرّاتٍ مبكيةً منذ اللحظة التي أطلّ علينا فيها أراس حبيب وصحبه “المؤمنون”، وعملوا بالتوصيات الديمقراطية التي يتلقونها من الجارة العزيزة، وكان أول مطالبها أن يتقلّد إبراهيم الجعفري يوماً رئاسة الوزراء، وأياماً رئاسة التحالف الوطني، ومرّةً رئاسة مجلس الحكم، ومرةً أخرى وزارة الخارجية.
أراس حبيب، وكعادته، ظهر غائباً عن الوعي، معلناً أنه رجل المرحلة القادمة، وأنه لن يعطي الحكم حتى بعد ألف عامٍ وعام. سيقول البعض: يا رجل، لماذا لا تعذر أراس حبيب الذي يحاول دائمًا الاندماج في الأدوار الكوميدية، إلّا أنّ المثير هو الأدوار التي تخرج عن الخط الكوميدي لتذهب باتجاه المأساة.
المؤسف دائمًا أنّ البعض ينسى، أو يجهل، في خضمّ الحماسة والشعارات، مصير بلدٍ بأكمله عانى ويعاني من “هلوسات” السياسيين.
في أيامٍ فائقة الكوميديا يخبرنا أراس حبيب أنه صاحب مشروع التغيير في العراق، وأنه أسقط نظام صدام، وأنه الآن يناضل ضد الإمبريالية، بينما المواطن يتذكر بحسرةٍ ما فقده: الرفاهية، وضياع الأمل، ونهب المال العام. بعد 22 عامًا من الكوميديا السياسية بين أسطورة المالكي الذي لا يُقهَر، وأسطوانة محمد الحلبوسي المعنونة “كنا وسنبقى”، وأهزوجات “لا تضيعوها”، خرج علينا أراس حبيب ليحذرنا من الاقتراب من قلعته الحصينة.
منذ سنواتٍ وأنا أتابع أراس حبيب الذي لا أعرف بالضبط ما هي وظيفته؛ آخر مهنةٍ مارسها هي الإشراف على معمل غسيل الأموال التي نُهِبت من العراق. أراس الذي ظهر بعد 2003 لا يريد أن يتحلّى بقليلٍ من الرحمة والشفقة تجاه هذا الشعب المغلوب على أمره، الذي يُطلب منه دومًا أن يتابع تصريحاته، ويصرّ أن يحاصرنا في الفضائيات والصحف، ويطلق سيلاً من الكلمات التي فقدت صلاحيتها منذ مدةٍ طويلة. طبعًا، أتمنى ألاّ يتصوّر البعض أنني أريد أن أسخر من السيد أراس، ولكنني أؤمن كما يؤمن غيري كثيرون أنّ كلمات وخطب السيد أراس، لو تم إلقاؤها على شعبٍ آخر، لأُصيب معظمه بنوباتٍ هستيريةٍ من الضحك.
هل تريد أن تعرف ماذا كانت مشاعري عندما شاهدت حوار أراس حبيب مع سحر عباس؟ أنا لم أستطع الصمود؛ فلماذا يُخفي الواحدُ منا ضحكته، مع هذا الكم الهائل من السذاجة؟









