TOP

جريدة المدى > الصفحة الأولى > الافتتاحية: حول مفهوم"التوافق الوطني":التنوع في إطار الوحدة

الافتتاحية: حول مفهوم"التوافق الوطني":التنوع في إطار الوحدة

نشر في: 21 مارس, 2011: 10:04 م

بقلم / فخري كريمكان من الطبيعي، أن تظهر التنوعات "المكوناتية" في المجتمع العراقي، بعد الإطاحة بالدكتاتورية في نيسان ٢٠٠٣ لتعبر كلٍ عن ذاتها، وتبرز "هويتها"، وتعيد تشكيلها "سياسياً"، بقوة ووضوح، وقد اتخذت لجدّتها طابع الصدمة. لقد ظهر العراق الجديد، بالنسبة للخارج العربي والإقليمي بشكل خاص، وكأنه بعد "وحدته الصلبة" يتفكك، وكأن نسيجه الاجتماعي يتمزق، وينحدر سياسياً إلى "الحرب الأهلية" والتقسيم.
اتخذت الصدمة طابعاً "شبه كارثي" بالنسبة لغالبية البلدان العربية والإقليمية، وتلقى البعض الصدمة باعتبارها إنذارا، وأنموذجاً قابلا للتمدد والتكرار في المنطقة. ولكي تعبئ تلك الدول المصدومة شعوبها ضد "الخطر الداهم"، فقد عملت على تكريس صورة للمشهد العراقي في أعقاب التغيير، صورة احتلال جاثم على بلد ويريد أن يتخذ منه منطلقا للعدوان ولاحتلالات أخرى، تستهدف تفكيك البلدان العربية و"تدمير طاقتها القومية العسكرية الضاربة" خدمة لإسرائيل والصهيونية العالمية، وتصفية القضية الفلسطينية.!و بهذا التوصيف، الذي كان يراد منه التحلل من الاستحقاقات الديمقراطية الداخلية، كان الكثير من دول مجاورة وإقليمية تعمل على إبعاد خطر التغيير عنها، وذلك بتصدير أزمتها إلى العراق، وتأليب الأوساط "القومية"و"الاسلاموية" وحشدها ضد العراق الجديد، حيث كانت هذه القوى قد تواطأت، موضوعياً مع أغلبية البلدان العربية والإسلامية مع نظام صدام حسين، في مسلسل قمعه وتصفياته ضد العراقيين، تارة تحت شعار "الدفاع عن الجبهة الشرقية"، وطوراً لتحرير "القدس عبر البوابة الشرقية"، ثم في "الدفاع عن الوطن" في مواجهة الحصار الجائر الذي يهدف، هو الآخر دون عودة العراق "القومي" إلى التعبئة العربية في مواجهة إسرائيل.وإذ سيقت هذه التوصيفات لما جرى في العراق، فإنها أغفلت وغيّبت عن المشهد الجديد، ما تحقق للعراقيين، بإسقاط النظام الدكتاتوري الأكثر قمعاً واستبداداً، بغض النظر عن عدم تمكن الشعب لأسباب ذاتية وموضوعية، من تحقيق تطلعه هذا، بإرادته وأدواته الوطنية، وليس عبر العامل الخارجي، وفرض "الاحتلال" الأجنبي، الذي لم يمرر في مجلس الأمن دون موافقة وتفويض عربي، رغم رفض القيادات العراقية الممثلة في "مجلس الحكم" وقتها واعتراضها على الاحتلال، وإعرابها عن مطالبتها باستعادة سيادتها، ورغم أيضا، أن الأرض العربية والمياه العربية هي وحدها التي كانت منطلقا لآلة الاحتلال العسكرية واللوجستية، وقبلها كانت البوابة الأمينة لتطبيق ولتشديد إجراءات الحصار على البلد.لكن التوصيف الجديد، لم يكن ليستكمل، ويأخذ مداه الأوسع، في التعبئة والتحريض ضد الوضع العراقي الجديد، إذا لم يعزز بعنصر آخر يثير العواطف والعصبيات المذهبية، ويظهره كـ"امتداد طائفي"لإيران، وما يشكله ذلك من خطر وتهديد استراتيجيٍ للأمة العربية.!ولإضفاء صدقية وقوة منطقية على التأليب والتحريض ضد العراق الجديد، سلطت الأضواء بقوة وخارج السياق الاعتيادي، على التغيير الذي جرى، في اصطفاف ومواقع القوى، في اللوحة السياسية العراقية وفقاً للتمثيل العددي، وما تضمنته من تنوع وتعدد المكونات وبروز بعضها، كقوة مقررة، من بعد ما طمست حضورها، العهود الدكتاتورية المتعاقبة، بدعاواها و"وحدتها الشكلانية" المبنية على أقسى أشكال القهر والتمييز الطائفي.وفي لحظة خادعة، تحول كل الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة الأميركية، بمن فيهم، الدول التي تجمعها معها، أحلاف واتفاقيات عسكرية، وتُقيم على أراضيها قواعد عسكرية تضم احدث الأسلحة الضاربة، وأرقى التكنولوجيات العسكرية، إلى مناهضين للاحتلال الأميركي للعراق، وداعمين "للمقاومة" التي ضمت بقايا البعث ونظام صدام حسين، والقاعدة وكل زمر التكفير والإرهاب وفضلات الأنظمة الاستبدادية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دولة القانون ينفي السعي لتشكيل حلف مع إيران وروسيا

دولة القانون ينفي السعي لتشكيل حلف مع إيران وروسيا

 بغداد/ وائل نعمة فيما ينتظر الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد عودة رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي من موسكو لزيارة بغداد، ينفي ائتلاف دولة القانون أن تكون زيارة المالكي إلى العاصمة الروسية والزيارة المرتقبة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram