بغداد / حسين العامل
حذّر ممثل عن طائفة الصابئة المندائيين ومنظمات مجتمعية في ذي قار من مخاطر التفاف الأحزاب المتنفذة على الكوتا الانتخابية الخاصة بالأقليات العراقية، مؤكدين أن هذا الالتفاف يؤدي إلى تمثيل شكلي للأقليات، فيما تكون ولاءات الفائزين للأحزاب الداعمة لهم وليس لمكوناتهم الأصلية.
وتتمثل مظاهر الالتفاف السياسي على الكوتا الانتخابية بقيام بعض الأحزاب المتنفذة بدعم مرشحين من الأقليات الموالين لهم بأصوات من خارج الوسط الانتخابي للأقليات، مقابل ضمان ولاء المرشح للكتلة السياسية الداعمة له عند الفوز، وهو ما استدعى إطلاق دعوات سابقة لاعتماد استمارة انتخابية خاصة بمرشحي الأقليات وحصر التصويت فيها بأبنائهم فقط لضمان وصول نواب يمثلون خيارهم الانتخابي الحقيقي.
وقال ممثل طائفة الصابئة المندائيين في ذي قار، سامر نعيم، في حديث لـ«المدى»، إن «الكوتا الانتخابية بوضعها الحالي لا تمثل الأقليات بصورة صحيحة، كون هناك حالات التفاف من قبل الأحزاب على استحقاق الأقليات»، مشيراً إلى أن «جميع الأقليات وليس المندائيين وحدهم يعانون من هذه الحالة».
وكشف نعيم عن «اختيار الأحزاب لمرشحين ينتمون للأقليات وليس لديهم حظوظ كبيرة بالفوز بأصوات الأقليات، ومن ثم يقومون بدعمهم بأصوات أتباعهم من ناخبي المكونات الأخرى لضمان فوزهم»، مبيناً أن «ولاء ذلك المرشح سيكون للجهة السياسية التي دعمته أكثر من ولائه للأقلية التي يفترض أنه يمثلها وفقاً للكوتا الانتخابية».
وأوضح أن «ما أعطاه الدستور باليد اليمنى أخذته الأحزاب باليد اليسرى»، منوهاً إلى أن «ما يحصل هو تحايل على الكوتا، فالفائزون يمثلون الأقليات بالاسم فقط في حين مرجعيتهم وولاءاتهم لغيرها».
وتحدث نعيم عن «حالات صوّت فيها بعض نواب الأقليات التابعين للأحزاب لتشريعات تتعارض مع مصالح أقلياتهم»، مشيراً إلى وجود «حالات من التلاعب والاستحواذ على أملاك الأقليات».
ويرى ممثل الصابئة المندائيين أن «تدارك هذا الالتفاف يمكن أن يكون من خلال اختيار الأقليات لمرشحين جديرين بتمثيلهم وتزكيتهم للدخول في المنافسة الانتخابية»، لافتاً إلى أن «الطائفة رشحت في إحدى الدورات الانتخابية السابقة أحد المرشحين وفاز بالانتخابات».
واستبعد نعيم نجاح فكرة أن تكون للأقليات استمارة انتخابية منفصلة يقتصر التصويت فيها على أبناء الأقليات فقط، معتمدة على بطاقة تعريفية خاصة بهم.
ويمنح الدستور العراقي الذي أُقر عام 2005 كوتا خاصة بالأقليات، تضمن لهم حق التمثيل في مجلس النواب وبعض مجالس المحافظات، حيث خُصص لهم تسعة مقاعد من أصل 329 مقعداً في البرلمان.
من جانبه، أكد مدير مكتب منظمة تموز للتنمية الاجتماعية في محافظة ذي قار، رزاق عبيد ظاهر، رصد حالات من الالتفاف على كوتا تمثيل الأقليات، مبيناً أن «حالات الالتفاف على الكوتا باتت تحصل ليس في العراق فحسب، وإنما في بلدان أخرى تحاول فيها الجهات السياسية إفراغ نظام الكوتا من محتواه الحقيقي الذي يُفترض أن يعبر عن صوت الأقليات في المؤسسات التشريعية».
وأوضح ظاهر في حديثه لـ«المدى» أن «مشكلة شراء الذمم أو الأصوات ليست سهلة السيطرة عليها في ظل وجود إرادات سياسية متنفذة تعمل على ذلك»، مشدداً على أن «معالجة المشكلة لا تتعلق بالإرادات السياسية فقط، وإنما بالأقليات نفسها التي ينبغي أن تحصن مرشحيها وتحسن اختيار ممثليها وتطرحهم كمرشحين للتنافس الانتخابي مع توفير الدعم والتثقيف والترويج الذي يمكنهم من تحقيق الفوز».
ويأتي ذلك في ظل تحذيرات واسعة من استخدام المال السياسي في العملية الانتخابية المقررة في 11 تشرين الثاني الجاري، وسط مقاطعة معلنة من أطراف سياسية وشعبية مؤثرة في المشهد السياسي.
وكان رئيس مجلس أبناء الصابئة المندائيين في ذي قار وخبراء في مجال الانتخابات والإعلام قد أعربوا في أواخر أيلول 2021 عن قلقهم من الالتفاف الحزبي على الكوتا الانتخابية الخاصة بالأقليات، مشيرين إلى توجه بعض الأحزاب المتنفذة لدعم مرشحي الأقليات الموالين لهم بأصوات من خارج أبناء الأقليات، داعين إلى اعتماد استمارة انتخابية خاصة بمرشحي الأقليات وحصر التصويت فيها بأبنائهم فقط لضمان تمثيل حقيقي لهم.
وفي الأول من تموز 2025، أعرب ناشطون في محافظة ذي قار عن قلقهم من انتشار ظاهرة بيع وشراء البطاقات الانتخابية، متهمين مكاتب حزبية وسماسرة باستغلال حاجة الشرائح الفقيرة للتأثير على نتائج الانتخابات المقبلة، وسط تحذيرات من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من خطورة هذه الممارسات واعتبارها جرائم انتخابية يعاقب عليها القانون.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد حذرت في 29 حزيران 2025 من مغبة التورط في عمليات بيع وشراء بطاقات الناخبين البايومترية أو استغلال موارد الدولة لأغراض انتخابية، مؤكدة أن هذه الأفعال تعد جرائم انتخابية يعاقب عليها القانون.
كما حذرت أوساط نقابية ومدنية في ذي قار مطلع أيار 2025 من استغلال معاناة الخريجين والعاطلين عن العمل في الترويج والكسب الانتخابي، مشيرة إلى تورط برلمانيين وجهات سياسية بإطلاق وعود انتخابية تتضمن إدراج شرائح من العاطلين ضمن شبكة الحماية الاجتماعية، ودعت حينها إلى تفعيل مواد قانون الأحزاب التي تحد من استغلال النفوذ الوظيفي في المجال الانتخابي.










