بغداد / حيدر هشام
تشهد الانتخابات النيابية العراقية المقبلة حضورًا نسويًا غير مسبوق هو الأوسع منذ عام 2003، إذ ارتفع عدد المرشحات إلى أكثر من 2250 امرأة يتنافسن على مقاعد البرلمان ضمن مختلف القوائم والتحالفات السياسية، في دلالةٍ على اتساع مساحة المشاركة السياسية للمرأة العراقية بعد سنواتٍ من التراجع والتحديات.
ورغم أن هذا الرقم يعكس نموًا واضحًا في الإقبال النسوي على خوض السباق الانتخابي، فإن مراقبين يؤكدون أن الكمّ لا يعني بالضرورة تمكينًا حقيقيًا أو حضورًا فعّالًا، إذ لا تزال بعض الترشيحات مرتبطة بحساباتٍ حزبية أو باستحقاقات الكوتا أكثر من كونها تعبيرًا عن قناعةٍ بقدرة النساء على صنع القرار والمساهمة في التغيير.
ويستعد العراق خلال الأيام القليلة المقبلة لإجراء الانتخابات النيابية في دورتها السادسة، وسط ترقّبٍ سياسي وشعبي لما ستفرزه صناديق الاقتراع من ملامح جديدة للمشهد البرلماني المقبل.
وفي هذا السياق، قالت المرشحة شروق العبايجي إن مشاركة النساء في الانتخابات لم تعد أمرًا جديدًا، لكنها لفتت إلى أن الظاهرة اتّسعت بشكلٍ ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، إذ باتت المرأة والرجل على حدٍّ سواء يشاركان بفاعليةٍ في العملية الانتخابية.
وأضافت العبايجي في حديثها لـ"المدى" أن "الانتخابات لم تعد حكرًا على السياسيين أو المختصين في الشأن العام، بل أصبحت أبواب البرلمان مفتوحة أمام فئاتٍ متنوعة من المجتمع تسعى لخدمة الناس والمساهمة في صنع القرار"، مشيرةً إلى أن الرغبة في نيل ثقة الجمهور وتمثيله داخل قبة البرلمان حفّزت الكثيرين، رجالًا ونساءً، على خوض التجربة الديمقراطية.
وبيّنت العبايجي أن المرأة العراقية بطبيعتها طموحة ومحبة للعطاء والعمل، وقد أثبتت حضورها في مجالات الإعلام والخدمة العامة والمبادرات المجتمعية، معتبرةً أن "ترشّح النساء للانتخابات أمرٌ طبيعي وإيجابي يعكس وعيًا متزايدًا بدور المرأة في الحياة العامة".
من جانبها، شدّدت الناشطة الحقوقية إسراء سلمان على أن الدستور العراقي حدّد نسبة مشاركة النساء في البرلمان بما لا يقلّ عن 25% ضمن نظام الكوتا، مؤكدةً أنه "لا يوجد ما يمنع من زيادة هذه النسبة لأن المرأة تمثّل أكثر من نصف المجتمع العراقي".
وقالت سلمان لـ"المدى" إن "مشاركة النساء في العملية السياسية تُعدّ قضيةً محورية ومهمة، لكن المطلوب اليوم هو مشاركة نوعية لا شكلية، قائمة على الوعي بدور مجلس النواب ومهام النائب التشريعية"، مشيرةً إلى ضرورة أن يكون المرشحون والمرشحات "قادرين على تشريع قوانين رصينة تخدم المجتمع بكل فئاته، وليس فئةً بعينها".
وبيّنت سلمان أن الترشيح النسوي في الانتخابات المقبلة ينقسم إلى قسمين: "الأول يضمّ نائباتٍ سابقات ومرشحاتٍ جديات يمتلكن خبراتٍ في مجالاتٍ متعددة كالحقوق والطب والإدارة، والثاني يضمّ مرشحاتٍ يفتقرن إلى الخبرة أو التأهيل التشريعي"، مشيرةً إلى أن "مجلس النواب بحاجةٍ إلى تنوّعٍ علمي واختصاصي يسهم في إنتاج قوانين متكاملة وفعّالة".
وأضافت أن "بعض النائبات السابقات لم يكنّ فاعلاتٍ داخل البرلمان، لكن هناك أيضًا من قدّمن مبادراتٍ وقوانين مؤثرة، وكان لهن دورٌ بارز في الدفاع عن قضايا المرأة والمجتمع".
وأكدت سلمان أن "المرحلة المقبلة تتطلّب مرشحاتٍ يمتلكن الإرادة الحرّة والشخصية القوية والقدرة على تمثيل المجتمع بجدارة"، مشدّدةً على أن "العمل النيابي تشريعيٌّ ورقابيٌّ وليس تنفيذيًا، وعلى النائبات المقبلات إدراك هذه المسؤولية والعمل وفقها".
أما الناشطة المهتمة بالشأن السياسي سارة جاسم، فاعتبرت أن ارتفاع عدد المرشحات إلى أكثر من 2250 امرأة "يُظهر حضورًا نسويًا لافتًا"، لكنه لا يعني بالضرورة أن المشاركة السياسية للمرأة أصبحت فعّالة أو مؤثرة.
وقالت جاسم إن "الكثير من هذه الترشيحات ما زالت تحكمها المصالح الحزبية أو الأهداف الشخصية، وبعضها يُستخدم فقط لتجميل صورة الأحزاب واستيفاء متطلّبات الكوتا، دون قناعةٍ حقيقية بتمكين المرأة أو الإيمان بقدرتها على صنع القرار".
وأشارت إلى أن هناك أيضًا نساءً دخلن هذا الميدان بوعيٍ وإيمانٍ بأهمية دورهن في التغيير، ويمتلكن برامج انتخابية واقعية تستند إلى احتياجات المجتمع، ويسعين بجديةٍ لتحسين واقع المرأة من خلال التشريعات، "بعيدًا عن الشعارات أو التسويق الاستعراضي المبتذل الذي نشاهده أحيانًا على وسائل التواصل الاجتماعي".
وختمت جاسم حديثها بالتأكيد على أن "ما نحتاجه اليوم هو تعزيز وعي المرأة المرشحة والناخبة معًا، وإدراك أن المشاركة السياسية ليست مجرد ترشّحٍ أو مكسبٍ شخصي، بل مسؤولية وطنية تتطلّب الكفاءة والاستقلالية والإرادة الصادقة لخدمة الصالح العام".
2250 امرأة يخضن سباق البرلمان.. مشاركة نسوية تاريخية بين التمكين الحقيقي والحضور الشكلي

نشر في: 2 نوفمبر, 2025: 12:27 ص










جميع التعليقات 1
مصطفى
منذ 1 شهر
نهاية كلامك يختصر الواقع العملية السياسية ليست حديثة الولادة وهي اكبر من الاجناس المشاركة مدام تتحكم بها قوى خارجية ومصالح حزبية شخصية مراح تضيف هاي الاعداد شيء وللاسف يا استاذ هشام الوضع يحتاج قوى سياسية جديدة وقويه تستند من الشعب مستعدة للمواجهة