TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > وداعاً للكفيل.. العراق يختبر أول تحول تأميني في تاريخه الإداري

وداعاً للكفيل.. العراق يختبر أول تحول تأميني في تاريخه الإداري

نشر في: 3 نوفمبر, 2025: 12:09 ص

بغداد / محمد العبيدي
لاقى قرار مجلس الوزراء إلغاء شرط الكفيل في معاملات بيع وشراء العقارات واستبداله بوثيقة التأمين ترحيباً حذراً في الأوساط الاقتصادية، إذ اعتبره خبراء خطوة إصلاحية يمكن أن تنظم السوق العقاري وتقلل الروتين الإداري، لكنها في المقابل تواجه عقبات تنفيذية وقانونية قد تحدّ من فعاليتها في المدى القريب.
ويُعدّ نظام الكفالة من أبرز التعقيدات الإدارية التي رافقت المعاملات الحكومية لسنوات طويلة، حيث كانت الجهات الرسمية تشترط على المواطن أو الموظف الراغب بشراء وحدة سكنية أو الحصول على قرض أو حتى إجراء معاملات بيع وشراء العقارات تقديم "كفيل موظف حكومي" لضمان السداد.
وهذا الإجراء، الذي كان يُفترض أنه لحماية المال العام، تحوّل مع مرور الوقت إلى سوق موازية تُباع فيها الكفالات بمبالغ تصل أحياناً إلى ملايين الدنانير، فيما انتشرت حالات استغلال وابتزاز نتيجة صعوبة إيجاد كفيل مناسب.
كما توسعت ظاهرة الكفيل لتشمل معاملات أخرى، مثل شراء السيارات بالتقسيط أو الحصول على تمويلات صغيرة من المصارف، ما جعلها عبئاً إدارياً واقتصادياً على المواطنين، وأحد أسباب تباطؤ النشاط التجاري والعقاري في البلاد.
وبموجب القرار الجديد، سيتم استبدال شرط الكفالة بوثيقة تأمين تُدار عبر شركات التأمين الوطنية، بحيث تضمن الأخيرة الحقوق المالية للمؤسسات والمواطنين في حال الإخلال بشروط العقد.
وتُعدّ هذه الوثيقة بمثابة ضمان قانوني حديث يعتمد على تنظيم العلاقة المالية عبر أدوات التأمين بدلاً من الاعتماد على موظفين أفراد.
خطوة إيجابية.. ولكن!
في هذا السياق، اعتبر الخبير الاقتصادي باسم أنطوان أن القرار "يمثل خطوة إيجابية نحو تنظيم السوق وتحقيق موارد جديدة للدولة"، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن التنفيذ ما يزال يحتاج إلى "تبسيط وتسهيلات حقيقية لتجنب إرباك النشاط العقاري".
وقال أنطوان لـ(المدى): "إن وثيقة التأمين ستُطبق على جميع الموظفين في القطاعين العام والخاص، وستُدار عبر شركات التأمين الوطنية"، مشدداً على ضرورة أن "تُرافَق بخطوات عملية لتسهيل الإجراءات الميدانية في دوائر التسجيل العقاري والبلديات والمصارف".
وأضاف أن "أسعار العقارات أصبحت خارج متناول الطبقات الفقيرة والمتوسطة، حتى مع أنظمة التقسيط"، داعياً الحكومة إلى "الدخول المباشر في بناء الوحدات السكنية وتخصيصها بأسعار مدعومة للموظفين وأصحاب الدخل المحدود"، مؤكداً أن "أكثر من نصف العراقيين لا يمتلكون سكناً دائماً".
ويشير مختصون إلى أن التحول من نظام الكفيل إلى وثيقة التأمين يمثل نقلة في فلسفة التعامل الإداري، لكنه يحتاج إلى بيئة تشريعية ومالية متكاملة تسمح للمصارف وشركات التأمين بالعمل ضمن آليات شفافة وواضحة، مع رقابة حكومية تضمن عدم تحويل هذا الإجراء الجديد إلى شكل آخر من البيروقراطية.
بيئة معقدة
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي عبد الحسين الشمري أن القرار "يُعدّ خطوة إصلاحية مهمة تصب في مصلحة المواطن وتسهم في تسريع إنجاز المعاملات وتقليل الروتين الإداري".
وقال الشمري لـ(المدى): "إن وثيقة التأمين هي بديل حديث وفعّال عن نظام الكفالة التقليدية، كونها تضمن الحقوق المالية بطريقة قانونية ومنظمة وتختصر الوقت على المواطن والدوائر الحكومية"، مبيناً أن "شركات التأمين الوطنية والعراقية والإعادة للتأمين ستتولى تنظيم هذه العملية من خلال إصدار الوثائق للمواطنين".
وأضاف أن "الخطوة يمكن أن تنعش بعض القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالمعاملات العقارية والمالية، وتمنح دفعة جديدة للسوق الذي عانى في السنوات الأخيرة من الجمود والتعقيد".
في المقابل، أبدى خبراء اقتصاديون آخرون تحفظهم على قدرة القرار في معالجة جوهر المشكلة، مؤكدين أن التعديل ليس كافياً ما لم ترافقه إصلاحات قانونية أوسع تشمل تحديث التشريعات المتعلقة بالقروض المصرفية وآليات الإقراض.
ويقول مختصون إن البيئة المالية في العراق ما تزال محدودة من حيث انفتاحها على الإقراض لمختلف فئات المجتمع، إذ تقتصر أغلب القروض على موظفي الدولة، في حين يعاني العاملون في القطاع الخاص من صعوبة الحصول على تمويل بسبب غياب الضمانات القانونية والائتمانية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram