TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > ناشطون: الإفلات من العقاب في جرائم قمع التظاهرات بات مقنناً ويقوّض الثقة بالدولة

ناشطون: الإفلات من العقاب في جرائم قمع التظاهرات بات مقنناً ويقوّض الثقة بالدولة

نشر في: 3 نوفمبر, 2025: 12:13 ص

ذي قار / حسين العامل

تزامناً مع اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب، دعا ناشطون وعدد من ضحايا القمع في ذي قار إلى إعادة فتح ملف قمع التظاهرات ومحاسبة المتورطين تحت إشراف دولي، مؤكدين أن استمرار الصمت الرسمي إزاء هذا الملف يرسّخ الإفلات من العقاب ويقوّض الثقة بمؤسسات الدولة، فيما أشاروا إلى أن أكثر من 800 متظاهر استشهدوا و30 ألفاً أُصيبوا خلال احتجاجات تشرين 2019.
وشهدت التظاهرات العراقية التي انطلقت في الأول من تشرين الأول 2019 وتواصلت على مدى عام ونصف استشهاد 800 متظاهر وجرح نحو 30 ألفاً جراء استخدام العنف المفرط والقنابل الدخانية والرصاص الحي، فضلاً عن الهجمات المسلحة والعمليات الخاطفة التي نفذتها الميليشيات والفصائل المسلحة ضد تجمعات وميادين اعتصام المتظاهرين، ما أسفر عن خطف وتغييب مئات الناشطين.
وقال عضو التحالف المدني الدكتور عبد الرزاق علي لـ«المدى» إن «الشعب العراقي قدّم أكثر من ثمانمئة شهيد، وثلاثين ألف جريح، ومئات المغيبين، ولم يُكشف حتى الآن عن الجناة أو الجهات التي تورطت في القمع والقتل والإخفاء القسري»، مضيفاً أن «هذا الصمت الرسمي يُكرّس مظاهر الإفلات من العقاب ويقوّض الثقة بالدولة ومؤسساتها».
ويرى علي أن «العدالة الانتقالية والمساءلة لا تسقط بالتقادم، وأن كشف الحقيقة ومحاسبة المتورطين واجب وطني وأخلاقي»، داعياً إلى «تشكيل لجنة قضائية مستقلة بإشراف دولي فني للتحقيق في جرائم القتل والاختطاف منذ تشرين 2019 وحماية الشهود وعوائل الضحايا من التهديد والترهيب»، مشدداً على ضرورة «إقرار قانون العدالة الانتقالية بما يضمن الحق في الحقيقة والمحاسبة والتعويض».
وأشار عضو التحالف المدني إلى أن «تدويل ملف ضحايا القمع من أجل تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا ليس تدخلاً في السيادة، بل هو دفاع عنها، فحين يعجز القضاء الوطني عن أداء دوره، يصبح التعاون الدولي واجباً لضمان الحقيقة والإنصاف».
من جانبه، قال القيادي في تيار الخط الوطني العراقي حامد السيد إن «اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب لا يترك أثراً يُذكر في الساحة العراقية التي شهدت مراحل متعددة من الإفلات من العقاب».
وأوضح السيد في حديثه لـ«المدى» أن «الإفلات من العقاب بات متاحاً في العراق أكثر من بلدان أخرى، من خلال قانون العفو العام الذي يُسهّل لكل من ارتكب جرماً أن يكون بمنأى عن العقوبة التي يستحقها»، مشيراً إلى أن «ذلك أعاد تدوير المجرمين ومكّنهم من مزاولة نشاطهم الإجرامي بصورة طبيعية دون أي ملاحقة أو متابعة».
ويصف السيد الإفلات من العقاب في العراق بأنه «إفلات مقنّن ناجم عن فهم السلطة والمعادلة السياسية التي تشكلها قوى لا تستطيع أن تقيّد نفسها بضوابط قانونية أو دستورية»، لافتاً إلى أن «ذلك وغيره مكّن المجرمين من الإفلات من العقاب بصورة قانونية».
وقال الناشط في الحركة الاحتجاجية الدكتور محمد عفلوك لـ«المدى» إن «الإفلات من العقاب في العراق بات دستوراً تنتهجه الحكومات المتعاقبة سواء في الحقبة السابقة أو بعد عام 2003»، مضيفاً أن «بعض الجهات باتت تتباهى بإنقاذ المجرمين من العقاب».
وروى عفلوك جانباً من مظاهر الإفلات من العقاب، إذ قال إنه «تعرض للقمع على يد جهة معروفة، ورغم تقديم دليل موثّق بمقطع فيديو صوّره الجناة أنفسهم لحالة الاعتداء عليه، تجاهل القضاء ذلك وقرر الإفراج عن المتهمين بذريعة عدم كفاية الأدلة»، متسائلاً: «إن كان القضاء لا يأخذ بأدلة جريمة مكتملة الأركان جرى تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فكيف بجرائم القتل والخطف الغامضة؟».
وتطرق عفلوك إلى الجرائم التي ارتُكبت بحق المتظاهرين، مشيراً إلى أن «تلك الجرائم التي أزهقت أرواح متظاهرين مسالمين موثقة بالأدلة ومعروفة الجهات المتورطة فيها، لكنها لم تُحسم حتى الآن»، متهماً «السلطة الحاكمة ومؤسساتها بالتورط في القمع وحماية القتلة من المساءلة».
وأضاف أن «ملف الإفلات من العقاب يُدار من قبل زعامات سياسية توفر الحماية للمتورطين»، وتساءل: «هل ستحاسب السلطة نفسها؟».
وأشار عفلوك إلى أن «العديد من أسر ضحايا التظاهرات عرضوا مظلوميات أبنائهم أمام مكتب الأمم المتحدة في العراق دون نتيجة»، داعياً إلى «فتح تحقيق دولي في ملف القتل والقمع، وعلى الدول التي أشرفت على تشكيل العملية السياسية في العراق أن تتحمل مسؤولياتها الأخلاقية في هذا المجال».
بدوره، تحدث الناشط المدني هشام السومري، الذي تعرض للقمع أثناء مشاركته في التظاهرات، عن جانب آخر من مظاهر الإفلات من العقاب في وقت تجري فيه ملاحقة المتظاهرين الذين هم ضحايا القمع.
وقال السومري لـ«المدى» إن «الجهات الأمنية ما زالت تلاحق ناشطين في التظاهرات بدعاوى كيدية»، مشيراً إلى أن «عدداً منهم، مثل إحسان أبو كوثر وياسين ماجد، صدرت بحقهم أحكام قضائية قاسية»، مضيفاً: «في المقابل، لم نلمس ملاحقة جدية للمتورطين بسفك دماء الأبرياء من المتظاهرين، بل بلغ الأمر حد الإفراج عن مجرمين سبق أن أدانهم القضاء بارتكاب جرائم معروفة بحق ناشطي التظاهرات، ومن بينهم المتورطون في مجزرة جسر الزيتون واغتيال الناشط هشام الهاشمي وآخرون».
وبيّن السومري أن «أكثر من 27 لجنة شكلتها الحكومات المحلية والمركزية للتحقيق في مقتل نحو 140 متظاهراً في الناصرية، إلا أنها لم تسفر عن نتائج واضحة تفضي إلى محاسبة المتورطين»، لافتاً إلى أن «نتائج التحقيق لو كانت حاسمة لما تكررت حوادث القتل والقمع».
وأشار إلى أن «أسر شهداء التظاهرات والجرحى والمصابين رفعوا أكثر من 900 دعوى قضائية أمام محاكم ذي قار ضد عناصر وضباط من القوات الأمنية وعناصر ميليشياوية تابعة للأحزاب، إلا أن معظم تلك القضايا لم تُحسم رغم مرور أكثر من خمسة أعوام على اندلاع التظاهرات».
وأضاف أن «القضايا المتعلقة بالعنف ضد المتظاهرين ما زالت مركونة على الرفوف وقد تراكم عليها غبار السنين»، مؤكداً أن «نهج الإفلات من العقاب متواصل ولا نهاية قريبة له»، داعياً «المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته الأخلاقية في هذا المجال».
يُذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت يوم 2 تشرين الثاني/نوفمبر يوماً دولياً لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في قرارها رقم 68/163، الذي حثّ الدول الأعضاء على اتخاذ تدابير محددة لمواجهة ثقافة الإفلات من العقاب، وقد اختير هذا التاريخ إثر اغتيال صحفيين فرنسيين في مالي في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2013.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram