TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مدنية الإسلاميين الزائفة

مدنية الإسلاميين الزائفة

نشر في: 23 مارس, 2011: 04:52 م

فريدة النقاش كان شعار الدولة المدنية أي الدولة غير الدينية وغير العسكرية التي يريدها المصريون، واحدا من أقوى شعارات ثورة 25 كانون الثاني وأبرزها، ولم يقلل من شأن قوة هذا الشعار وتعبيره عن احتياج مجتمعي وسياسي، هو الاحتياج للديمقراطية الحقة التي تتمكن فيها الجماهير من السيطرة على مصيرها وصنعه ولم تقلل منه محاولات جماعة الإخوان المسلمين للسيطرة
على ميدان التحرير والظهور بمظهر المهيمن على حركته، سواء حين جرى استدعاء «يوسف القرضاوي» ليخطب في مئات الآلاف خطبة الجمعة، أو حين مرافقة د. محمد البلتاجي لرئيس الوزراء د. عصام شرف لدي زيارة الأخير لميدان التحرير، ليعلن للمتظاهرين أنه يستمد شرعيته من ثورة 25 كانون الثاني وأن مطالبها هي مطالبه.وأثارت الواقعتان قلقا عميقا بين القوى الديمقراطية واليسار على نحو خاص، ومصدر القلق هو أن الجماعات الإسلامية كافة، والإخوان المسلمين خاصة لم يتقدموا خطوة واحدة - رغم المراوغات الكثيرة والخطابات الملتبسة - في اتجاه مبدأ المواطنة.ومايزال المواطن بالنسبة لهم هو المؤمن المسلم، أما الآخرون فلابد أن يبقوا في درجة أدنى، وفي واقعنا المصري فإن هذه الدرجة الأدنى تضم المسيحيين والنساء، ولم تتحرر لا ممارسات هذه الجماعات ولا خطابها من التميز ضد هاتين الفئتين في المجتمع المصري.وإمعانا في المراوغة يقول الإخوان المسلمون: إنهم يساندون «الدولة المدنية» شرط أن تكون لها مرجعية إسلامية، وهو ما يعني طبقا لبرنامج الإخوان المسلمين تشكيل لجنة من كبار علماء الإسلام لمراجعة القوانين والتشريعات والتحقق من مدى مطابقتها للشريعة الإسلامية، وهنا يمنح الإسلاميون كافة للمادة الثانية من الدستور مكانة أعلى من مواده الأخرى التي تنص على المساواة بين المواطنين وتحرم التمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين، ففي هذا السياق يقول برنامج الإخوان المسلمين إنه لا يجوز لامرأة أو مسيحي تولي منصب رئيس الدولة طبقا للشريعة، وهو ما عاد وأكد عليه أحد المتحدثين باسم مكتب الإرشاد في مصر، وأكده أيضا «علي صدر الدين البيانوني» المراقب العام السابق للإخوان المسلمين في سوريا، وهو ما يعني أن هذا التوجه هو مسألة مبدأ في فكر الإخوان المسلمين عامة.وهكذا فإن فكرة الدولة المدنية ذات المرجعية الدينية تظل فكرة مراوغة، يجرى استخدامها للتلاعب السياسي، ومحاولة خداع القوى السياسية بمن في ذلك قوى الثورة التي رفعت شعار الدولة المدنية بمرجعيتها المتعارف عليها وهي مبدأ المواطنة والدستور والمواثيق العالمية لحقوق الإنسان وهي المواثيق التي أنتجتها بعض خيرة العقول الإنسانية من كل الديانات والثقافات، وتوافقت عليها البشرية تعبيرا عن الاحترام لكرامة الإنسان أيا كان دينه أو جنسه أو لونه أو طبقته أو بلده.. وتستمد هذه المواثيق مشروعيتها العالمية من مجموعة المثل والقيم العليا التي انطلقت منها وتأسست عليها.وكان الإخوان المسلمون والجماعات الجهادية المختلفة قد استثمروا -على أفضل نحو- التدين البسيط للمواطن العادي وتلاعب بوعيه على مدى السنين، وظلوا يعملون منذ نشأتهم كرافعة لتشويه الصراع القائم في المجتمع، وإضفاء طابع ديني عليه لإخفاء طابعه الاجتماعي والطبقي الأصيل، وذلك في المرحلة العاصفة من تاريخ بلادنا التي قامت فيها الرأسمالية الطفيلية التابعة ومن بينها كبار الملاك من الإخوان المسلمين بفرض ما اسمته بسياسة الانفتاح الاقتصادي وما أدت إليه هذه السياسة من انقسام وحشي في المجتمع، وبدلا من مساندة المظلومين والكادحين ليدافعوا عن مصالحهم أخذت الحركة الإسلامية تتوغل في المجتمع أفقيا ومن جميع طبقاته وفئاته مستخدمة الدين لتوحد تحت عباءتها ما فرقه الصراع الاجتماعي.ويقول المفكر سمير أمين «إن عمومية ومرونة هذا الأسلوب الذي تعتمده هو ما يفسر قوتها حيث يمكنها من استقطاب قوي جديدة ومتباينة ولها مصالح ليست بالضرورة متوافقة لكنها كلها متفقة من حيث رفضها للوضع القائم» أي أنها تقدم برنامجا زائفا عابرا للطبقات.ورفض الإخوان المسلمين للوضع القائم ليس هو رفض ثوار 25 كانون الثاني، ولا دولة الإخوان المسلمين المدنية الزائفة هي دولة ثوار 25 كانون الثاني، فقد ارتقى وعي الثوار الجماعي في ظل حركتهم وعملهم المشترك ليكون قادرا على معرفة الحدود بين الزائف والحقيقي هم الذين سبق أن اكتشفوا زيف سلطة مبارك وآلته الدعائية الضخمة، ولا يزال الطريق طويلا أمام المصريين لبناء دولة مدنية حقيقية على أساس من المواطنة والعدالة والديمقراطية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram