TOP

جريدة المدى > سينما > فيلم "البراق" للمخرج المغربي محمد مفتكر.. غرائبية الجسد، إشكالية الأنثى

فيلم "البراق" للمخرج المغربي محمد مفتكر.. غرائبية الجسد، إشكالية الأنثى

نشر في: 23 مارس, 2011: 05:08 م

طاهـــر علـــــوانلاشك في إننا نبحث دوما في عالمنا العربي عن سينما مختلفة، عن رؤى جديدة وأساليب مختلفة تخرج عن الأنماط السائدة وبما فيها أكثـر الأشكال الواقعية التي لا تخرج عن "الحدوتة" او الحكاية معلومة النهاية منذ البداية ، سينما تحرك الساكن وتثير تساؤلات وتدفع بالمشاهد الى التيقظ والتساؤل والجدل والاختلاف ...
وبالطبع هو مطلب يشمل حتى التجارب السينمائية غير العربية لكن المسألة فيما يتعلق بالسينما العربية تتسع بسبب قلة الأنتاج وضعف النوع ، لجهة طريقة المعالجة والحلول الإخراجية .من هذا المدخل اذهب الى فيلم البراق للمخرج المغربي  محمد مفتكر ، وهو فيلمه الروائي الطويل الأول وكان قد نال استحسانا ابان عرضه في المهرجانات السينمائية المحلية في المغرب كمهرجان طنجة ومهرجان خريبكة ليعرض في الدورة الأخيرة لمهرجان نامور الدولي للسينما الفرنوفونية في دورته الأخيرة في مدينة نامور البلجيكية حيث أتيحت لي فرصة مشاهدته.في فضاء القصة في البدء لابد من القول ان هذا الفيلم لا يقدم قصة تقليدية عادية وأحداثاً يمكن مسبقاً توقعها او في الأقل رسم مساراتها او الاقتراب من الشخصيات ومحاولة سبر اغوارها ، وعلى هذا فإننا أمام فيلم يمكن تلخصيه بالبحث عن الذات الهائمة ، الذات التي وقعت ضحية الآخر ووقعت ضحية البحث عن خلاص في وسط دوامة لانهائية من الميثولوجيا والسحر والميتافيزيقيا .من هذه الخلاصة المكثفة سنتوقف عند قصة  فتاة ما في وسط مجتمع ذكوري لا يراد لها ان تكون أنثى ، الأب الذي سيستخدم بطشه وقوته على ذلك الكائن الضعيف ، الفتاة وهي طفلة وعليها ان تتحول الى فتى ، ان تتدرب على ركوب الخيل وان ترتدي ثياب الفتيان ، ذلك عالم مغلق على ذاته في وسط قرية في مكان ما تحف بها الجبال وتمتد مزارع القمح لتكون ملاذا للصبية / الفتى ومكانا للعب مع صبي آخر ، وهناك يمارس الأب سطوته على ذلك الامتداد اللامتناهي ، يقود ابنته الطفلة قسرا الى عالم الذكورة الذي لا خيار لها فيه .العالم الكامن المجهول عبر ذلك الأمتداد عبر الوهاد والجبال لا يصغي لأنين الطفلة التي كل ذنبها انها ولدت أنثى وهي تجوس في غيهب مجهول لا تدريه وتدور في فضائه.ليس هنالك من تحولات كبرى في هذا المسار المقفل سوى اصرار الأب على المضي في تأكيد سطوته رمزا للمجتمع الذكوري .وفي المقابل هنالك المساحات التي تتجلى فيها الطفولة منذ البداية والتي تجدها شبه لازمة متكررة في الفيلم وهي مثلا الكتابة على اللوح ، تلك اللازمة التي تتكرر وتنقش فيها أسماء ووجوه وكأنها الواح القدر الذي تجد فيه الشخصيات أسماءها وسيماءها، فضلاً عن انها لا تكتب الا في تلك الأجواء المعتمة الكابية ، تكتب الأسماء على التتابع ويتحول الخط العربي في التفافاته والتواءاته إلى تعبير حي عن الشخصية ويتحول القلم الى اداة سحرية يجري تسليمها بكثير من الهيبة من شخصية الى أخرى، حتى إذا غصنا عميقاً في هذا المسار ما نلبث ان نذهب الى مسار آخر مواز له ، هنالك مستشفى يشبه الزنزانة يشرف عليها رجل يرتدي البزة العسكرية وهو مصاب بعرج ، وهذا يحتجز فتاة شابة هي "ريحانة" التي تنزوي في تلك الحجرة البائسة البالية وتختلط في عقلها هلاوس وأحلام يقظة وذكريات قاسية وحوادث اغتصاب ومشاهد حب وخوف وموت وسحر ورهبة كلها جميعاً تحتشد في ذلك العقل الصغير لريحانة (الممثلة ماجدولين دريسي)  التي ما تلبث ان تصبح مجرد حالة مرضية لدى زينب (الممثلة سعدية لديب) ، الطبيبة المعالجة النفسية او الباحثة الاجتماعية التي تعقد جلسات متكررة تصغي خلالها الى ريحانة والى ماضيها وذكرياتها ثم لتخبرها ريحانة تاليا انها حامل ..ولكن ممن ؟ في البدء تتوقع انه  ليس غير الحارس او المدير ذي البزة العسكرية القادم من الحرب والذي يتوعد بالحرب ويكرر كلمة الحرب مراراً وهو الذي يحقن ريحانة بالأبر والأدوية ، لكن المشاهد التي ينسخ بعضها بعضا في ثنايا الذاكرة المضطربة لريحانة توجد أكثر من رجل هو على صلة مع ريحانة ويشاركها متعة الجسد راغمة او راغبة ، هنالك الذكريات مع زيد ..الشاب الذي ابتلعته الحرب هو الآخر وهنالك الأب ، وكل منهم يظهر منفرداً بريحانة على افتراض اقتراف الأب للزنا بالمحارم .rnهيمنة الجسد يمتلك الجسد حضوره منذ البداية فالأنثى المرفوض وجودها الأنثوي وهو رفض لوجودها الجسدي المجرد لا أكثر، ولهذا يحضر الجسد كثيرا في سياق الفيلم، كما انه ذلك الجسد الذي كتبت عليه أقداره وحياته ولهذا ساعة ينكشف الجسد في مشهد حلمي – سريالي ممزوج ببعد واقعي فأنه يتكشف عن جسد تغطيه الحروف والكلمات ، تم رسم تلك الكلمات عليه بلا انتهاء - ثم ما يلبث ان يتحول الى جسد واقع في دائرة الوجد المجرد من خلال علاقة ريحانة مع زيد ، فهي تلك العلاقة التي تمر مروراً خاطفاً في ثنايا الفيلم ولا تصمد كثيرا أمام العواصف الأخرى التي تعصف بريحانة ، العلاقة مع زيد تمثل ذلك البحث المضني عن بديل إنساني للاستلاب وقلة الحيلة وانهيار الذات امام ضغط الآخر .في المقابل نجد ان ريحانة في لحظات انهيارها وهي محاصرة في تلك المصحة – السجن ، نجدها أيضاً منهمكة في التعبير عن حصار الجسد فهي حبيسة ذلك القفص الذي تريد الخروج منه لك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

السينما كفن كافكاوي

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram