 متابعة / المدى

أكد النائب عدنان الجحيشي، أمس الاثنين، أن معدلات الإقبال على مصحات علاج الإدمان تضاعفت ثلاث مرات خلال الشهرين الماضيين، في مؤشر على تصاعد الوعي المجتمعي بخطورة ظاهرة تعاطي المخدرات التي تعد أحد أبرز التحديات الصحية والاجتماعية في العراق.

وقال الجحيشي في حديث تابعته «المدى»، إن «تجربة المصحات المنتشرة في بغداد وبقية المحافظات لمعالجة المدمنين على مختلف أنواع المخدرات حققت نتائج إيجابية ومميزة»، مبيناً أن «معدلات الإقبال عليها تضاعفت خلال الشهرين الماضيين ثلاث مرات، وهو ما يؤكد ثقة المدمنين وذويهم ببرامج العلاج التي أثبتت فعاليتها في إعادة الأمل والرغبة في الحياة».
وأضاف أن «إعطاء فرصة ثانية للمدمنين يمثل خطوة مهمة لإنقاذ الآلاف من مستنقع الإدمان والانحراف، وتحويلهم إلى طاقات إيجابية داخل المجتمع»، مؤكداً أن «الإدمان خطر لا يهدد الفرد فقط، بل يمتد أثره إلى الأسرة والمجتمع، مما يتطلب استمرار دعم المصحات وتوسيع برامج التأهيل النفسي والاجتماعي».
من جهتها، ترى الخبيرة الاجتماعية أمل الكبيسي أن «ازدياد الإقبال على المصحات يشير إلى تحوّل تدريجي في نظرة المجتمع إلى المدمن، من كونه مجرماً إلى شخص مريض يحتاج إلى دعم ومساندة»، مشددة على أن «الوصمة الاجتماعية كانت في السابق من أبرز الأسباب التي تدفع الكثيرين إلى عدم طلب المساعدة، ما يؤدي إلى تفاقم حالات الإدمان والعنف الأسري والانحراف». وأضافت أن «العراق بحاجة إلى برامج وقائية متكاملة تبدأ من المدارس والجامعات لتثقيف الشباب حول مخاطر المخدرات، إلى جانب دعم العوائل التي تضم أفراداً مدمنين، عبر توفير استشارات ومتابعة نفسية واجتماعية مستمرة».
وتشير خلفيات الظاهرة إلى أن العراق شهد في السنوات الأخيرة تصاعداً واضحاً في جرائم وتعاطي المخدرات، خصوصاً بعد عام 2018، مع ازدياد عمليات التهريب عبر الحدود الجنوبية والغربية، وظهور أنواع جديدة من المواد المخدرة مثل «الكريستال» و«الكبتاغون» التي تستهدف فئة الشباب.
وتشير تقارير وزارة الداخلية إلى ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة خلال العام 2025، إضافة إلى مئات المتهمين بترويجها أو تعاطيها، فيما تعمل وزارة الصحة بالتعاون مع مؤسسات دولية على توسيع نطاق المصحات العلاجية الحكومية والأهلية في المحافظات.
وتؤكد الجهات الصحية أن برامج العلاج تعتمد على ثلاث مراحل أساسية: إزالة السموم من الجسم، ثم التأهيل النفسي والسلوكي، وأخيراً متابعة المريض بعد خروجه لضمان عدم الانتكاس.
ويشير مختصون إلى أن نسب النجاح في بعض المصحات تجاوزت 60 بالمئة، بشرط استمرار الدعم الأسري والالتزام بالجلسات العلاجية.
وفي ظل هذا التحول الإيجابي في الإقبال على العلاج، يرى مراقبون أن تنامي الوعي العام يمثل فرصة حقيقية لمواجهة الإدمان بوسائل إنسانية وعلمية، شرط أن تواكبه تشريعات مرنة تفرّق بين المتعاطي الباحث عن العلاج والمتاجر بالمخدرات الذي يستحق العقاب، لضمان توازن بين الردع والعلاج وبناء مجتمع أكثر وعياً وأماناً.