عمار كشيش
انتزعتم أسمالَ الأنبياءِ الصغارِ
أنبياءَ الإلهةِ المساكينَ:
الإلهَ النهرَ،
الإلهَ الشجرةَ،
الإلهَ النورسَ.
وهكذا،
أنبياءٌ غارقونَ في العملِ الهلاكِ،
كلُّ ساعةٍ تجرحهم أغصانُهُ الشائكةُ،
أغصانُهُ الشائكةُ أكثرُ من ثِماراتِه.
نبيٌّ صغيرٌ يتعطرُ برائحةِ الطلاءِ،
ويمضي لحفلةِ خطبتهِ.
يُقالُ: نزلتْ ورقةُ سِدْرٍ
والتصقتْ بذراعِهِ،
ستكونُ موشومًا مثلَ جدتِكَ الطيبةِ.
نبيٌّ ثانٍ يصنعُ قميصَهُ من الرملِ والوحلِ،
كلُّ الأنبياءِ الصغارِ يمضونَ إلى العملِ
على وقعِ هلوساتِ طائرِ العنقاءِ.
*
بارٌ على نهرِ البدعةِ
ما الذي فعلتموه بالبارِ العتيقِ؟
من منحكم هذا البيتَ؟
هو ليس لكم،
هو للذكرى فقطْ.
كان هذا البيتُ زورقًا،
ويتمايلُ،
وكائناتُ النهرِ ترسمُهُ في دفترِ يومياتِها.
كان ناموسيةً تنزلُ بنعومتِها على وجهِ النهرِ.
لم يعدْ هذا البيتُ هكذا.
أيها الصبيةُ، التقطوا صورًا لهذا البيتِ
قبلَ أن يُمحى.
ثمّةَ قصائدُ مخبأةٌ أسفلَ جدرانِهِ.
ربما يأتي شخصٌ من الجسرِ الأصفرِ،
من مشعلِ الحريةِ،
من بئرِ المدينةِ،
من نهرِ التمرِ.
تسألونني: ما هذه الأمكنةُ؟ وأينَ؟
دعُوها كما هي.
سيطلعُ رجلٌ من المخيلةِ ويحدثكم يا أطفالُ،
قربَ النهرِ،
ورائحةَ النهرِ،
وكنوزَ النهرِ.
ربما صارتِ الجدرانُ مقبرةً،
والنافذةُ لم تعدْ منفذًا لرسائلَ تطيرُ مثلَ البالوناتِ،
والقادمونَ لن يعثروا على شيءٍ.
لا أحدَ منكم التقطَ صورةً لهذا البيتِ القديمِ.
تخافونَ؟
تتحججونَ أن شاحنةً كبيرةً واقفةٌ أمامه،
أو أنكم تقولون: لا فائدة.
وهو مكومٌ مثل بطانيةٍ،
ومنهوشٌ بالأنياب.
سألني حميدُ العقابي قبل سنواتٍ:
(هل ما زال ثمّةُ أشخاصٍ يقعدون على شطِّ البدعةِ
ويشربون العرق؟
صبغتُ أصابعي بطينَهُ،
مثلما تلعب البنات بعجينةِ الحناءِ.)
أدلّك ساقَيّ الهالكينَ،
ربما أشفى،
وأستطيع
الهرولة على حافةِ الطينِ
وأعثر على القصائدِ الشريفةِ،
القصائدِ المخبأةِ.
هل سيحدث ذلك؟
الإلهُ النهرُ وأصدقاؤهُ

نشر في: 4 نوفمبر, 2025: 12:24 ص









