TOP

جريدة المدى > عام > الإلهُ النهرُ وأصدقاؤهُ

الإلهُ النهرُ وأصدقاؤهُ

نشر في: 4 نوفمبر, 2025: 12:24 ص

عمار كشيش
انتزعتم أسمالَ الأنبياءِ الصغارِ
أنبياءَ الإلهةِ المساكينَ:
الإلهَ النهرَ،
الإلهَ الشجرةَ،
الإلهَ النورسَ.
وهكذا،
أنبياءٌ غارقونَ في العملِ الهلاكِ،
كلُّ ساعةٍ تجرحهم أغصانُهُ الشائكةُ،
أغصانُهُ الشائكةُ أكثرُ من ثِماراتِه.
نبيٌّ صغيرٌ يتعطرُ برائحةِ الطلاءِ،
ويمضي لحفلةِ خطبتهِ.
يُقالُ: نزلتْ ورقةُ سِدْرٍ
والتصقتْ بذراعِهِ،
ستكونُ موشومًا مثلَ جدتِكَ الطيبةِ.
نبيٌّ ثانٍ يصنعُ قميصَهُ من الرملِ والوحلِ،
كلُّ الأنبياءِ الصغارِ يمضونَ إلى العملِ
على وقعِ هلوساتِ طائرِ العنقاءِ.
*
بارٌ على نهرِ البدعةِ
ما الذي فعلتموه بالبارِ العتيقِ؟
من منحكم هذا البيتَ؟
هو ليس لكم،
هو للذكرى فقطْ.
كان هذا البيتُ زورقًا،
ويتمايلُ،
وكائناتُ النهرِ ترسمُهُ في دفترِ يومياتِها.
كان ناموسيةً تنزلُ بنعومتِها على وجهِ النهرِ.
لم يعدْ هذا البيتُ هكذا.
أيها الصبيةُ، التقطوا صورًا لهذا البيتِ
قبلَ أن يُمحى.
ثمّةَ قصائدُ مخبأةٌ أسفلَ جدرانِهِ.
ربما يأتي شخصٌ من الجسرِ الأصفرِ،
من مشعلِ الحريةِ،
من بئرِ المدينةِ،
من نهرِ التمرِ.
تسألونني: ما هذه الأمكنةُ؟ وأينَ؟
دعُوها كما هي.
سيطلعُ رجلٌ من المخيلةِ ويحدثكم يا أطفالُ،
قربَ النهرِ،
ورائحةَ النهرِ،
وكنوزَ النهرِ.
ربما صارتِ الجدرانُ مقبرةً،
والنافذةُ لم تعدْ منفذًا لرسائلَ تطيرُ مثلَ البالوناتِ،
والقادمونَ لن يعثروا على شيءٍ.
لا أحدَ منكم التقطَ صورةً لهذا البيتِ القديمِ.
تخافونَ؟
تتحججونَ أن شاحنةً كبيرةً واقفةٌ أمامه،
أو أنكم تقولون: لا فائدة.
وهو مكومٌ مثل بطانيةٍ،
ومنهوشٌ بالأنياب.
سألني حميدُ العقابي قبل سنواتٍ:
(هل ما زال ثمّةُ أشخاصٍ يقعدون على شطِّ البدعةِ
ويشربون العرق؟
صبغتُ أصابعي بطينَهُ،
مثلما تلعب البنات بعجينةِ الحناءِ.)
أدلّك ساقَيّ الهالكينَ،
ربما أشفى،
وأستطيع
الهرولة على حافةِ الطينِ
وأعثر على القصائدِ الشريفةِ،
القصائدِ المخبأةِ.
هل سيحدث ذلك؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

بروتريه: فيصل السامر.. قامة شامخة علماً ووطنيةً

موسيقى الاحد: 250 عاماً على ولادة كروسيل

الحكّاء والسَّارد بين "مرآة العالم" و"حديث عيسى بن هشام"

في مجموعة (بُدْراب) القصصية.. سرد يعيد الاعتبار للإنسان ودهشة التفاصيل الصغيرة

شخصيات اغنت عصرنا.. الملاكم محمد علي كلاي

مقالات ذات صلة

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة
عام

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة

أدارت الحوار: ألكس كلارك* ترجمة: لطفية الدليمي يروى كتابُ مذكرات لي ييبي Lea Ypi ، الحائز على جائزة، والمعنون "حُرّة Free" تجربة نشأتها في ألبانيا قبل وبعد الحكم الشيوعي. أما كتابُها الجديد "الإهانة indignity"...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram