ترجمة: حامد أحمد
عبّر مسيحيون عن استيائهم من قلّة ومحدودية المقاعد المخصّصة لهم في البرلمان وسط هيمنة أحزاب كبرى تعمل على احتكارها، ممّا يساهم في ضعف التمثيل الحقيقي لهم والدفاع عن حقوقهم ومطالبهم وسط تراجع أعدادهم بسبب الهجرة، رغم ذلك يدعو بعض وجهاء الطائفة المسيحية إلى ضرورة المشاركة في الانتخابات للحفاظ على الحدّ الأدنى من التمثيل السياسي لهم.
وأشار تقرير لوكالة “آشور إنترناشنال” (AINA) إلى تزايد حالة الاستياء بين المجتمع المسيحي في العراق، حيث يتحدث الكثيرون منهم عن سنوات من التهميش وسوء الخدمات، وشكوكهم حول ما إذا كانت مقاعد الحصص البرلمانية المخصّصة لهم لا تزال تمثّلهم فعليًا.
ومن بين 329 مقعدًا إجماليًا في البرلمان العراقي، تم تخصيص خمسة مقاعد للمسيحيين، موزعة على بغداد ونينوى وكركوك ودهوك وأربيل. ومع ذلك، يتنافس الآن 19 مرشحًا على هذه المقاعد المحدودة، أغلبهم من حركة بابل.
وكان ملصق انتخابي في كركوك قد أثار اهتمامًا واسعًا، يظهر فيه مرشحة مسيحية كمستقلة ولكن ضمن قائمة تحالف الإعمار والتنمية الانتخابي الذي يقوده رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
قال نوزاد بولص حكيم، رئيس مؤسسة سورايا للثقافة والإعلام: “المقاعد المخصّصة لم تعد في يد المسيحيين الحقيقيين. لقد تم تقسيم هذه المقاعد بين الأكراد والعرب الشيعة والعرب السنة. بدلًا من الدفاع عن حقوق المسيحيين، أصبحت تخدم الآن مصالح الآخرين.”
وتوقّع حكيم أن تنخفض نسبة تصويت المسيحيين مقارنة بالانتخابات السابقة، وهو ما يخشاه لأنه قد يضعف نفوذهم أكثر.
يُذكر أن المرشحين المسيحيين البالغ عددهم 19 مرشحًا من ضمنهم ثماني نساء. وبالنسبة للانتخابات البرلمانية المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، فإن المرشحين موزّعون كالتالي: سبعة في كركوك، وأربعة في أربيل، وأربعة في دهوك، واثنان في بغداد، واثنان في نينوى.
في بلدة القوش التاريخية في سهل نينوى، أعرب نزار حكيم البالغ من العمر 67 عامًا عن إحباطه من الإهمال المحلي. قال: “القوش قديمة. يجب أن يكون لدينا هنا معهد حتى لا يضطر طلابنا للسفر إلى دهوك أو نينوى. كما نفتقر إلى المستشفيات والخدمات الأساسية. لكن رغم كل شيء، يجب على المسيحيين أن يصوّتوا.”
في انتخابات 2021، نصّ قانون الانتخابات العراقي على اعتبار كامل البلاد دائرة انتخابية واحدة لمقاعد الحصص المسيحية. وهذا يعني أن أي شخص — بغضّ النظر عن الدين أو العِرق — يمكنه التصويت لأي مرشّح مسيحي في أي مكان بالعراق. بينما حصل 34 مرشحًا مسيحيًا على أكثر من 118,000 صوت في تلك السنة، تم تحديد المقاعد الخمسة المتاحة في النهاية بواسطة 51,000 صوت فقط.
يصرّ نزار على أن الشعور بالإحباط لا يجب أن يمنع المسيحيين من المشاركة. قال: “لا يمكننا التخلي عن حقّنا في التصويت أو التقليل من أهمية المقاعد الخمسة.”
من بين المرشحين الحاليين، رشّحت حركة بابل — بقيادة ريان الكلداني، قائد سرايا بابل التابعة للحشد الشعبي — خمسة مرشحين، واحدًا لكل مقعد من حصص المسيحيين. وقد حصلت الحركة على أربعة مقاعد في 2021، ممثّلة بغداد وكركوك ودهوك ونينوى.
ويترشّح آخرون كمستقلّين، بينهم سامي أوشانا، مدير سابق لقضاء في دهوك. قال: “أنا أمول حملتي الانتخابية بنفسي وأزور منازل المسيحيين شخصيًا لطلب دعمهم. كل صوت مسيحي مهم. يجب أن نقف معًا للدفاع عن حقوقنا.”
كان عدد المسيحيين في العراق 1.5 مليون نسمة عام 2003، بينما انخفض الآن إلى نحو 250,000، وفقًا للمفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية. ولا تزال المسيحية ثاني أكبر ديانة في العراق ومعترفًا بها دستوريًا، مع اللغة السريانية.
وقد تكبّد المسيحيون خسائر كبيرة بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على الموصل وسهل نينوى في عام 2014، حيث يسكن المسيحيون، مما اضطرّهم للاختيار بين التحول الديني أو دفع الجزية أو المنفى. فرّ معظمهم، تاركين خلفهم كنائس مدمّرة وتراثًا يمتدّ لقرون.
وكان بطريرك الكلدان في العراق والعالم، الكاردينال لويس ساكو، قد عبّر في بيان له الشهر الماضي عن الخطورة التي تحوم حول تمثيلهم البرلماني بسبب أحزاب سياسية متنفّذة، مؤكّدًا في الوقت نفسه على “ضرورة مشاركة العراقيين بشكل عام والمسيحيين خصوصًا في الانتخابات القادمة والتصويت لمن هو الأنسب لخدمة العراقيين من دون تمييز ويحترم التعددية وتنوّع المكونات والقوميات التي يتميز بها العراق.”
وشدّد في بيانه على أن “الكنيسة الكلدانية ترفض أن يمثّل المسيحيين أشخاص مكشوف فسادهم، أو جماعات مسلّحة تتحكم بمقدّراتهم”، مشيرًا إلى أنه طلب رسميًا من بعض الجهات المعنية في الحكومة كمفوضية الانتخابات حصر التصويت في المكوّن المسيحي، كي يُضمن تمثيله وكذلك المكونات الكلدانية والآشورية والسريانية الأخرى، ولكن هذه المطالب لم يتم تنفيذها.
عن “آشور إنترناشنال”










