ترجمة: حامد أحمد
تناول تقرير لموقع أراب ويكلي The Arab Weekly الإخباري جانب التنافس القائم بين المرشحين البارزين للكتل السياسية في حملتهم الدعائية للانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة التي تحولت إلى أشبه بمواجهات شخصية في حرب باردة بين خصوم ضمن ائتلاف واحد من أجل السيطرة على سياسات الحكومة المقبلة، حيث إن نتائج الانتخابات ضمن هذا التنافس ستكون بمثابة اختبار لمستقبل النظام السياسي في العراق.
ويشير التقرير إلى أن هذه المنافسة الشخصية ليست سوى واجهة لصراع أوسع بكثير، فنتائج الانتخابات لن تحدد فقط من سيكون رئيس الوزراء المقبل، بل سترسم أيضًا مستقبل الائتلافات السياسية للكتل نفسها، لأن الصراع الحقيقي ليس على المنصب، بل على السيطرة على سياسات الحكومة المقبلة وتعييناتها وموازناتها الضخمة.
ولكن الاختلاف بين كتل المرشحين السياسيين للبيت الشيعي مثلًا المتمثلة بائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري، وعصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي، وائتلاف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، كلٌّ ضد الآخر، سيعودون للاندماج بعد نتائج الاقتراع، حيث أكد المالكي نفسه هذا التفاهم قائلًا: “بعد الانتخابات سنكون كتلة واحدة.”
الهدف هو إعادة تجميع القوى بعد التصويت لتشكيل “الكتلة الأكبر” في البرلمان، ما يضمن لهم الحق الدستوري في تسمية رئيس الوزراء.
ويذكر التقرير أن الأساس القانوني لذلك هو حكم المحكمة الاتحادية العليا عام 2010، الذي عرّف “الكتلة الأكبر” بأنها ليست الفائزة بالانتخابات بالضرورة، بل أي تحالف يُشكَّل بعد إعلان النتائج. وقد أسس هذا الحكم نظامًا يسمح بتجاوز الإرادة الشعبية عبر صفقات خلف الكواليس، إذ يمكن للكتل الخاسرة أن تتحد لتطالب بحق تشكيل الحكومة.
ركز ائتلاف السوداني في حملته الانتخابية على شعار “إعمار وتنمية”، مستندًا إلى سجل ملموس من المشاريع الخدمية والإعمارية، مثل الجسور والطرق والأعمال العامة والمشاريع، مما سمح له ببناء علامة سياسية قوية قائمة على الأداء الخدمي. كما وسّع جهاز الدولة بشكل كبير، مضيفًا عشرات الآلاف إلى قوائم الرواتب العامة، ما خلق له قاعدة ولاء بيروقراطية جديدة داخل الدولة نفسها.
فهو يسعى إلى تقديم نفسه كزعيم وطني بخطاب تكنوقراطي غير طائفي، مع الحفاظ على توازن دقيق بين واشنطن وطهران. وقد نال بذلك إشادة دولية، إذ وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه يمتلك “أجندة عظيمة” لإصلاح العراق.
هذا النهج يجد صدى لدى شرائح واسعة من العراقيين، بمن فيهم السنة والأكراد والشيعة المحبطون من الخطاب الطائفي، الذين باتوا يفضلون كفاءة الحكم على الصراع الأيديولوجي. ومن خلال خوضه الانتخابات بقائمة مستقلة، يسعى السوداني لإثبات أن شرعيته الشعبية تمنحه نفوذًا أكبر من الشرعية التاريخية التي يتذرع بها حلفاؤه القدامى في الإطار التنسيقي.
أما بالنسبة إلى رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، فإن هذه الانتخابات تمثل فرصة لإعادة تأكيد سلطته التي كان لها دور في تأسيس النظام السياسي لما بعد عام 2003، ويرى أن مشروع السوداني خطر على أسس هذا النظام.
ويذكر التقرير أنه بعد مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو والسوداني، طالب فيها الأمريكيون بنزع سلاح الفصائل المسلحة المدعومة من إيران، خرج أحد أعضاء دولة القانون ليتهم حكومة السوداني بأنها “تابعة للإملاءات الأمريكية”.
أما المالكي نفسه، فانتقد بطريقة أكثر حذرًا، معتبرًا أن السوداني يملك أفضلية غير عادلة في الانتخابات بحكم سيطرته على موارد الدولة، وطالب بمنعه من الترشح. ووصف مشاريع السوداني الخدمية بأنها “استغلال لموارد الدولة لأغراض انتخابية”، مشيرًا إلى توزيع 8600 رسالة شكر على موظفي الدولة باعتبارها دعاية انتخابية مقنّعة.
ورغم إقراره بأن حكومة السوداني أنجزت بعض مشاريع الإعمار، وصف أداءها بأنه “أقل من المستوى المطلوب” — انتقاد محسوب لتقويض شعار السوداني الأساسي دون الظهور بمظهر المعرقل.
بلغت هذه الاستراتيجية ذروتها حين ظهر المالكي في مقابلة تلفزيونية ليعلن أن عشرة مرشحين لرئاسة الوزراء عُرضوا عليه لتقييمهم، مشددًا على أن “أي مرشح، حتى محمد شياع نفسه، لا يمكن أن ينجح ما لم يحتضنه الإطار”. وبهذا التصريح، وجّه المالكي رسالة واضحة: “طريق رئاسة الوزراء يمر عبر بوابة الإطار التنسيقي، وأنا أحد من يملك مفتاحها.”
وأشار التقرير إلى أن السوداني قد يتمكن من الفوز بعدد مقاعد يفوق ما سيحققه المالكي، لكن ترجمة ذلك إلى ولاية ثانية ليست بالأمر السهل. ولكي ينجح فإنه سيحتاج إلى أمرين، وهما أن يتفوق ائتلافه بشكل واضح على دولة القانون وبقية كتل الإطار ليشكل له ثقلًا، وأن يستثمر هذا التفوق لفرض توافق جديد داخل الإطار، أو أن يغامر بتشكيل تحالف أغلبية جديد مع قوائم سنية وكردية ومستقلين.
عن AW










