TOP

جريدة المدى > سينما > (أغنية لاعب صغير) في دور العرض.. كولين فاريل في فيلم إثارة نفسية مدهش

(أغنية لاعب صغير) في دور العرض.. كولين فاريل في فيلم إثارة نفسية مدهش

نشر في: 6 نوفمبر, 2025: 12:01 ص

ترجمة: عدوية الهلالي
أصبح إدوارد بيرغر نجم هوليوود الجديد منذ فيلم "كل شيء هادئ على الجبهة الغربية" عام ٢٠٢٢ على نتفليكس (الحائز على أربع جوائز أوسكار، من بينها جائزة أفضل فيلم روائي عالمي) وفيلم "كونكلاف" عام ٢٠٢٤ (الحائز على جائزة أوسكار لأفضل سيناريو مقتبس). عمل لفترة على فيلم "أوشن ١٤" وفيلم من سلسلة "جيسون بورن ٦"، ويُقال إنه على وشك إخراج فيلم خيال علمي يجمع بين فيلمي "إنترستيلار" و"توب غان" من بطولة أوستن بتلر، بالإضافة إلى فيلم مقتبس من رواية "الراكبون" مع براد بيت. ومن بين هذه المشاريع، أخرج فيلم "أغنية لاعب صغير" لنتفليكس، وهو فيلم إثارة نفسية مقتبس من رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب لورانس أوزبورن، من بطولة كولين فاريل، وفالا تشين، وتيلدا سوينتون، وأليكس جينينغز.
يتناول فيلم "كونكلاف" قصة كاردينال يشك في إيمانه، باحثًا عن الحقيقة والمعنى. ثم يُطرح سؤال جوهري: ماذا يبقى من الإنسان حين يعتقد أنه فقد كل شيء (الإيمان، المعنى، الحقيقة)؟ ومع تطور الأحداث البابوية، استكشف إدوارد بيرغر إمكانية اكتشاف الذات والخلاص، مسترشدًا بعزيمته ونزاهته وأخلاقه، ووجد الكاردينال في النهاية طريق العودة إلى النور (الحقيقي أو الروحي). على نحوٍ مماثل، يطرح المخرج الألماني السؤال نفسه في فيلم "أغنية لاعب صغير"، ولكن بمسارٍ معاكس.
يتناول فيلمه المثير قصة اللورد دويل، وهو لاعب باكارات (لعبة ورق) غارق في الديون، تائه في أزمة وجودية، خالٍ من أي حسٍّ روحي أو أخلاقي. إلا أنه بدلًا من أن يسعى إدوارد بيرغر وراء خلاصه، يروي، على العكس، سقوطه التدريجي (والحتمي) إذ يغرق بطل الفيلم في غرقٍ أعمق مع كل خيار، كما لو كان يرفض بعنادٍ أي فرصةٍ للخلاص، فعالمه مشبع بالخداع والإسراف والمال والرذيلة، مما يؤدي به إلى انحدارٍ في جحيمٍ أخلاقيٍّ وحسيٍّ.
عند مشاهدة فيلم "أغنية لاعب صغير"، لا شك أن إدوارد بيرغر (بوعيٍ أو بغير وعيٍ) يخلق نوعًا من الحوار عن بُعد مع فيلمه الرائع "كونكلاف"، فهذا بالتأكيد ما يناسب هذه المتاهة الذهنية، لا سيما أن جمالياته تُعزّز أيضًا هذه المرآة المقلوبة. بينما اعتمد فيلم "كونكلاف" على شكلٍ من أشكال الصرامة والدقة الهندسية والوضوح ليعكس بشكلٍ أفضل البحث عن النظام والحقيقة، فإن "أغنية لاعب صغير" يقلب الأمور رأسًا على عقب.
سواء أكان ذلك من خلال استخدام التشويش أو الألوان شبه المُخدّرة، أو الضوضاء المُنتشرة المحيطة ببطل الفيلم، فإن الفيلم يعتمد على الإفراط الحسي. هناك غزارة بصرية من أضواء النيون تخترق ليالي الانطلاق المتهور، حيث يقامر اللورد دويل (كولين فاريل) بمصيره، حرفيًا (المقامرة، بالطبع) ورمزيًا (رفضه للواقع، الشيطان الداخلي الذي يطارده، ذهانه).
من هذا المنظور المحدد، من المثير التأمل، فرغم وفرة الحياة والألوان والأصوات… (يروي الفيلم بحق الموت البطيء لرجلٍ سحقته إدماناته ودوافعه المدمرة). وفي خضم هذه الفوضى دائمة الحركة (الكازينوهات التي لا تتوقف أبدًا)، فإن غياب أي علاماتٍ زمنيةٍ حقيقيةٍ يغرقه، بشكلٍ متناقض، في نوعٍ من الوضع الراهن، في شللٍ عقليٍّ، حيث يبدو مستقبله ليس غامضًا فحسب، بل مستحيلًا تمامًا.
من المرعب رؤية هذه الشخصية تُخاطر بحياتها لمجرد أنها ببساطة لا تعرف كيف تعيشها إلا ككاذبٍ، أو لصٍّ، أو مدمنٍ، أو مُحتالٍ ("يتطلب الأمر معجزة لتغييري"). هو نفسه لا يعرف حقًا (أو لم يعد يعرف) ما الذي يبحث عنه، ساعيًا وراء حياةٍ مترفةٍ في فنادقَ فاخرةٍ ومأكولاتٍ فاخرةٍ تُشعره بالرغبة في التقيؤ (إنها وليمةٌ انفراديةٌ مُريعة)… مع أنه لا يُحبها أصلًا: "يا إلهي، أكره الشمبانيا".
ومع ذلك، فإن "أغنية لاعب صغير" أكثر نجاحًا من الناحية الموضوعية والبصرية والموسيقية، فإلى جانب التأثير المُتناقص لمشاهده المُحمومة، يُعاني الفيلم من إيقاعٍ مُتذبذب، وفوق كل ذلك، من حبكاتٍ فرعيةٍ ضعيفةٍ للغاية.
أولًا وقبل كل شيء، تُشكّل الكتابة المُشوّشة لشخصيتي الأنثى الرئيسيتين - موظفة كازينو تُجسّدها فالا تشين، ومُحقّقة خاصة تُجسّدها تيلدا سوينتون - إشكالية. ويُشكّل "أغنية لاعب صغير" عنصرين أساسيين في رحلة اللورد دويل عبر نوعٍ من الرومانسية المزدوجة المُعقّدة. هذه الرومانسية مُرهِقة لدرجة أنها تبدو في غير محلها وسط هذه الرحلة المُفعمة بالهلوسة والحيوية المستمرة. والأسوأ من ذلك، أنها لا تُثير أي مشاعر على الإطلاق في هذه الهاوية الشاسعة على أبواب الجحيم.
وينطبق هذا جزئيًا على الفيلم ككل، إذ يتميز فيلم "أغنية لاعب صغير" الذي يُعرض حاليًا بإخراجٍ رائعٍ، وجهدٍ تقنيٍّ مذهل (عمل المصوّر السينمائي جيمس فريند هائل)، وبالطبع، كان كولين فاريل في قمة عطائه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

محمود هدايت: في السينما الشاعرية لا توجد صور قطّ.. بل أزمنة

"الست" عن حياة أم كلثوم محور حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي قبل عرضه

رحلة إلى عوالم البحر الأحمر السينمائي

مقالات ذات صلة

سينما

"الست" عن حياة أم كلثوم محور حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي قبل عرضه

متابعة: المدى لم يلبث فريق عمل الفيلم المصري "الست" أنْ عرَض الإعلان الترويجي للفيلم الذي يجسّد حياة "كوكب الشرق"، أم كلثوم، التي تقوم بدور شخصيتها الفنانة المصرية منى زكي، حتى ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram