بغداد / المدى
دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في مقالة رأي نشرها في صحيفة «نيويورك بوست» الأمريكية، إلى إعادة صياغة العلاقة بين بغداد وواشنطن على أساس الشراكة الاقتصادية والتنموية، بعيداً عن الإرث الأمني والعسكري الذي طبعها منذ عام 2003.
ونشر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مقالة رأي في صحيفة «نيويورك بوست» الأمريكية، حملت عنواناً يختصر اتجاه الرسالة، دعوة إلى «شراكة ازدهار بين العراق والولايات المتحدة»، وإعادة صياغة العلاقة بعيداً عن الإرث الأمني والعسكري الذي طبعها منذ عام 2003.
المقالة ليست مجرد «تصريح»، بل كما يبدو هي خطاب موجّه لجمهور أمريكي بصورة مباشرة، وكونها نُشرت في وسيلة إعلام واسعة الانتشار وغير متخصصة أكاديمياً، يعني أنّ بغداد تحاول أن تنقل رسائلها خارج إطار النخب السياسية التقليدية داخل واشنطن.
يبدأ السوداني من النقطة التي تشكّل صلب العلاقة التاريخية بين بغداد وواشنطن، وهي «الأمن»، لكنه يؤكّد أنّ العراق اليوم لم يعد العراق الذي كانت القوات الأمريكية متواجدة فيه بأعداد كبيرة بعد الغزو، مشيراً إلى أنّ القوات العراقية أصبحت أقوى وأن مؤسسات الدولة أصبحت أكثر نضجاً، بفضل تعاونٍ سابق مع واشنطن والتحالف الدولي.
وفي هذا السياق، يقدّم السوداني تفسيراً سياسياً لمسار تخفيض وجود قوات التحالف، معتبراً أنّه ليس انسحاباً متعجلاً بل انعكاس لنضج القدرة العراقية على تحمّل مسؤولية الأمن. وهذه النقطة مهمة في الرسالة الأمريكية، لأنها ترفع عن واشنطن تهمة «الانسحاب قبل الأوان»، وتحوّل الفكرة إلى انسحاب عن قناعة بقدرة الشريك.
وأشار السوداني إلى أنّ العراق لم يعد بحاجة إلى وجود عسكري موسّع، بل يحتاج إلى شراكات في مجالات الاستثمار المختلفة، ودخول الشركات، ونقل التكنولوجيا، وتوفير فرص عمل للعراقيين، مستشهداً بعقود موقعة مع شركتي «شيفرون» و«جنرال إلكتريك» كأمثلة عملية، لا كإعلانات سياسية، وهو ما يمنح العلاقة بعداً تبادلياً لا يعتمد على طلب الدعم.
كما أوضح أنّ العراق اليوم يقدّم موارد بشرية وليس فقط موارد نفطية، إذ إن 40% من سكانه تحت سن الخامسة عشرة، ما يشكّل رصيداً ديموغرافياً مهماً للنمو الاقتصادي المستقبلي.
وفي جزء آخر من المقال، تطرّق السوداني إلى الدور الإقليمي للعراق، مؤكداً أنّ بلاده تسعى إلى أن تكون جسر تهدئة في المنطقة وليس ساحة مواجهة، في إشارة إلى طمأنة المخاوف الأمريكية من ارتباطات بعض القوى العراقية بإيران.
وبيّن أنّ العراق يعمل على ضبط السلاح تحت سلطة الدولة، وقطع تمويل الإرهاب، وبناء سياسة تهدئة إقليمية، مشيراً إلى أنّ العراق ليس تهديداً لأمن المنطقة بل عنصر اتزان فيها.
وختم السوداني بتأكيد أنّ معيار نجاح العلاقة بين بغداد وواشنطن يجب أن يُقاس بحجم المشاريع المشتركة وفرص العمل والاستثمارات، لا بعدد الجنود الأمريكيين داخل العراق، في تحولٍ من مفهوم «الأمن العسكري» إلى «اقتصاد الأمن».
وتلخّص مقالة السوداني في خمس نقاط رئيسية: تحويل العلاقة الأمنية إلى شراكة اقتصادية، جعل العراق عنصر تهدئة في المنطقة، ربط نجاح العلاقة بالمشاريع المشتركة لا بالوجود العسكري، اعتبار الثروة الشبابية رصيد المستقبل، والتأكيد على أنّ العراق دولة ذات سيادة وقرار داخلي مستقل.










