ميسان / مهدي الساعدي
وجّه أبناء أهوار محافظة ميسان انتقادات حادة إلى ناشطي البيئة والمنظمات المعنية بحماية الطبيعة، متهمين إياهم بالتقصير في الدفاع عن الأهوار بعد تعرضها للجفاف، وبالصمت تجاه محاولات تحويل مساحاتها الجافة إلى حقول نفطية، رغم الانتهاكات البيئية الواسعة التي تشهدها المنطقة.
وحدد المنتقدون بدايةً مهام الناشط البيئي والمنظمات العاملة في هذا المجال، ليتسنى للمتابع تقييم مدى التزامهم بواجباتهم. وفي هذا السياق، أوضح الناشط الأهوازي مرتضى الجنوبي لصحيفة «المدى» أن «مهمة الناشط البيئي تسليط الضوء على المجتمعات المتضررة وبيان أسبابها، سواء كانت نتيجة سياسات حكومية متعاقبة أو متغيرات طبيعية، فضلاً عن تحديد الانتهاكات البيئية، ومن واجبه عدم حصر نشاطه في منطقة واحدة فقط، بل تغطية جميع المناطق المتضررة».
وأضاف الجنوبي أن «العراق يعاني من متغيرات حكومية أكثر من الطبيعية، فمنذ عام 2021 تعيش ميسان وضعاً استثنائياً بسبب جفاف مساحات من هور الحويزة، وبدء التوسعات النفطية في المنطقة وما رافقها من انتهاكات بيئية».
من جانبه، بيّن الأكاديمي سجاد عبد الجبار لصحيفة «المدى» أن «دور الناشط يتجلى في الضغط بمختلف الوسائل لتحقيق غاية نشاطه حين يخالف أي مسار مبادئ إنسانية أو بيئية أو اجتماعية، ويُعد وجود الناشطين في أي مجتمع ظاهرة صحية لأنها تخلق ضغطاً على الحكومة لتغيير أو تصحيح مسار معين».
وكشف المهتمون بوضع الأهوار في ميسان عن تواصلهم مع العديد من الناشطين والمنظمات البيئية في عموم العراق لدعمهم في الدفاع عن الأهوار، لكن دون جدوى. وأكد الجنوبي في هذا الصدد أن «أبناء الأهوار تواصلوا طوال السنوات الماضية مع ناشطين ومنظمات بيئية لمساندتهم، لكنهم تجاهلوا موضوع جفاف هور الحويزة بنسبة 90%، رغم تركيزهم على انتهاكات بيئية أخرى ناجمة عن عوامل طبيعية في مناطق مختلفة. الجميع يرى محاولات تحويل الأهوار إلى مناطق نفطية وتوسعات الشركات على حساب البيئة ودفن المخلفات النفطية في المناطق الطبيعية، دون أي موقف واضح من تلك المنظمات».
ولم تقتصر الانتقادات على أبناء الأهوار والناشطين المحليين، إذ شارك كتاب ومدونون من المحافظة في تشخيص الظاهرة. وقال الكاتب الميساني عبد الحسين البريسم لصحيفة «المدى» إن «دفاع الناشطين والمنظمات البيئية عن الأهوار لم يكن فاعلاً بما يكفي، بسبب محدودية الإمكانات أمام تحديات كبرى تتعلق بالسياسات المائية والتغير المناخي. ورغم النجاح الجزئي في إدراج الأهوار ضمن لائحة التراث العالمي، إلا أنها لا تزال تعاني من شحّ المياه، والتلوث، والتحديات البشرية، وضعف تطبيق القوانين البيئية، فضلاً عن نقص الدعم الحكومي والتمويل اللازم لمشاريع الإحياء».
وفي الاتجاه نفسه، قال المستكشف البيئي أحمد جاسم لصحيفة «المدى» إن «اشتداد الجفاف أدى إلى تراجع مطالب أغلب المنظمات البيئية بإعادة المياه إلى الأهوار بسبب اليأس، رغم استمرار بعض الأهالي والناشطين المحليين في الدفاع عنها، لكن استجابة الحكومة تبقى بطيئة، إن لم تكن معدومة».
وجدد أهالي الأهوار والمهتمون مطالبهم بوقفة جادة لدعمهم في إعادة الحياة إلى المساحات الجافة. وقال مرتضى الجنوبي إن «أهوار ميسان تواجه اليوم مشكلة وجودية متمثلة بجفافها، وفي مقدمتها هور الحويزة الذي يُحاول البعض تحويله إلى حقل نفطي، دون أن نجد ناشطاً أو منظمة بيئية تدافع عن الوجود الطبيعي فيه». وأشار إلى أن «الناشطين والمنظمات البيئية يكتفون بالمشاركة في ورش بيئية مدعومة من جهات حكومية يتحدثون خلالها عن حماية المناطق الطبيعية، لكننا لم نرَ لهم موقفاً عملياً في دعم المناطق المتضررة، خصوصاً في الجنوب وميسان تحديداً».
واختتم الكاتب عبد الحسين البريسم حديثه قائلاً إن «السؤال يبقى مطروحاً حول جدوى الجهود المبذولة، وهل تكفي للحفاظ على روح الأهوار من الجفاف والزوال، أم أن الدفاع عنها يحتاج إلى إرادة وطنية أوسع تعيد الحياة إلى مياه ميسان وأرضها الخضراء؟».










