متابعة / المدى
أفادت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية بأن الحرب الدموية في السودان، رغم فظاعتها وسقوط أكثر من 150 ألف قتيل وتشريد 12 مليون شخص، لا تحظى باهتمام إعلامي أو سياسي يوازي حجم المأساة، مرجعة ذلك إلى غياب البعد الأيديولوجي والرهان الجيوسياسي الذي يجعل من النزاعات الأخرى، كغزة وأوكرانيا، محورًا للتفاعل الدولي.
وتساءل التقرير عن سبب خفوت التفاعل مع المأساة السودانية، رغم شهادات المنظمات الإنسانية وصور الدمار والضحايا المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي منذ سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، مشيرًا إلى أن هذه المشاهد لا تولد سوى صدى محدود واستنكار خافت من الرأي العام العالمي.
وأشارت الكاتبة إلى أن الحرب السودانية اندلعت بعد صراع بين القوات المسلحة بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهما جنرالان كانا حليفين قبل أن يتحولا إلى خصمين يتنازعان السيطرة على البلاد وثرواتها.
ويرى محللون –بحسب التقرير– أن ضعف التفاعل الدولي والإعلامي يعود إلى أن الصراع في السودان يخلو من البعد الأيديولوجي أو الاستعماري الذي عادة ما يثير اهتمام الرأي العام العالمي. فالحرب ليست مواجهة بين محتل وضحية، بل صراع داخلي على المال والسلطة والموارد، كما يوضح الباحث مارك لافيرني.
وذكرت الصحيفة أن الطابع الأيديولوجي هو ما يجعل مأساة غزة حاضرة بقوة في النقاش العالمي، بينما لا يلقى السودان التعاطف ذاته. ونقلت عن المحامي والكاتب غيوم غولنادل قوله إن الاهتمام الإعلامي بغزة يرتبط بـ«افتتان خاص بكل ما هو يهودي»، في حين أن مأساة السودان –التي يقتل فيها مسلمون مسلمين– لا تثير الاهتمام نفسه لأن «الموت لا يصبح مهمًا إلا حين يحدث صدى عاطفي جماعي ضمن قالب رمزي محدد».
وأشارت الكاتبة إلى أن مصطلح «الإبادة الجماعية» المستخدم في توصيف ما يجري في غزة يغيب عن النقاش حول دارفور، رغم أن تقارير الأمم المتحدة وجامعة ييل توثق ممارسات ترقى إلى جرائم إبادة، تشمل قتل المدنيين على الطرقات، وحرق الأحياء، وتشريد الأطفال، واغتصاب النساء وسط صمت عالمي.
وأضاف التقرير أن غياب الرهان الجيوسياسي يعد عاملًا آخر في تجاهل المأساة، فالسودان لا يمثل مصلحة إستراتيجية كبرى للدول الغربية، خاصة بعد تراجع النفوذ الفرنسي في أفريقيا وتحول الاهتمام الأوروبي نحو الحرب في أوكرانيا.
واختتمت «لوفيغارو» تقريرها بالإشارة إلى أن الحرب الأوكرانية تمسّ أوروبا مباشرة لأنها تجري على حدودها، بينما يظل السودان بعيدًا جغرافيًا واستراتيجيًا عن المصالح الأوروبية، ما جعله يغرق في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية المعاصرة وسط صمت دولي وإعلامي شبه تام.










