TOP

جريدة المدى > عام > صدور روايتين ترويان سنوات الثمانينات المظلمة في باريس ولبنان

صدور روايتين ترويان سنوات الثمانينات المظلمة في باريس ولبنان

نشر في: 10 نوفمبر, 2025: 12:01 ص

ترجمة : عدوية الهلالي
من باريس إلى بيروت... تُعيد أعمال بنجامين ديرشتاين وفريدريك بولين النظر في مشهدين دمويين هزّا فرنسا ولبنان خلال تلك الفترة، فعن دار فلاماريون للنشر ، صدرت رواية ( رُفِعت راية الدم ) لبنجامين ديرشتاين ، والتي تروي احداثا جرت في باريس خلال سنوات الثمانينات ، وصدرت رواية (لتُظلم الشمس والنور) لفريدريك بولين عن دار اغيلو للنشر والتي تتناول احداثا جرت في لبنان في الفترة ذاتها .وهكذا ، وبعد صدور عدة كتب للكاتبين عن تلك الفترة ، أصبح فريدريك بولين وبنجامين ديرشتاين بطريقة ما ، مؤرخي الثمانينات .
ففي كانون الثاني من عام 1980، وبينما تغرق فرنسا في أزمة اقتصادية خانقة، تُصمّم الشرطة على كشف هوية مُستوردي الإرهاب الثوري إلى البلاد. وبعد اختراقه لحركة «العمل المباشر»، يتقرّب العميد جان لوي غورفينيك من تاجر أسلحة درّبته أجهزة المخابرات الليبية، ويُثير ضجة في وزارة الداخلية، يُلقّب بـ»جيرونيمو».بينما تكون جاكي لينارد، مُديرته في المديرية العامة للمخابرات، وماركو باوليني، الشرطي الشاب المُضطرب من لواء البحث والتدخل، مُستعدّان لفعل أيّ شيء لتحديد مكان التاجر والكشف عنه. وسرعان ما سيجد المفتشان المُتنافسان نفسيهما في مواجهة روبرت فوتييه، المُرتزق المُتحوّل إلى قوّاد، الذي يُشعل النار في الطائرة الباريسية، ويستعد للتوجه إلى تشاد لمطاردة جيرونيمو. ومن ثم ، ستُغرق الحملة الرئاسية وعودة كارلوس إلى صدارة المشهد السياسي هذه الشخصيات الأربع في دوامة من الحيل القذرة والفساد والعنف، لن يخرج منها أحد سالمًا. هذا ماتضمنه الجزء الثاني من رواية ( رُفعت راية الدم) لبنجامين ديرشتاين، وهي ملحمة تاريخية تمزج بين السخرية السياسية والرواية البوليسية ومأساة الطبقة الراقية، وتضم شخصيات ثانوية مثل فاليري جيسكار ديستان، وفرانسوا ميتران، وتشارلز باسكوا، وتاني زامبا، وفرانسوا دي غروسوفر، وكارلوس، وغاستون ديفير.
أما رواية (لتظلم الشمس والنور) لفريدريك بولين فيتساءل فيها الكاتب :» إذا لم تنتهِ الحرب، فمن سيشهد نهاية القتال؟ من سيشهد نهاية دموع الأرامل، وحزن الأيتام، ومعاناة الآباء؟ من، إن لم يكن أولئك الذين سقطوا في الحرب؟»
ففي أواخر عام ١٩٨٦، اشتعلت باريس ويجب العثور على الجاني بسرعة لتهدئة الرأي العام. وتم اختيار عبد الله، وإن كان اختياره مستبعدًا للغاية، لأن مصالح الدولة غالبًا ما تتغلب على الحقيقة، كما يعلم المفوض كايو جيدًا ، وعلى الصعيد الدولي، يواجه ميشيل نادا مهمة شاقة، فالمخاطر هائلة: أزمة الرهائن، المستمرة منذ عدة سنوات،والتي تتشابك بشكل متزايد، بطريقة ساخرة، مع سباق الرئاسة عام ١٩٨٨ بين ميتران وشيراك.
وفي لبنان، تتجدد الحرب بقوة بعد هدوء قصير، وهذه المرة بين المسيحيين، بالإضافة إلى الصراع الأخوي بين الشيعة، وسرعان ما تجد البلاد نفسها بين حكومتين ، فهل ستنتهي هذه المهزلة المروعة يومًا ما؟ هذا ماتضمنه الجزء الأخير من ثلاثيته اللبنانية (لتُظلم الشمس والنور) والتي فيها يأخذنا فريدريك بولين إلى الأيام الأخيرة من صراع دام خمسة عشر عامًا، وانتهى، كما بدأ، بالفوضى، وكان الشعب اللبناني، كما هو الحال دائمًا، الخاسر الحقيقي الوحيد.
ويمكن اعتبار رواية «رُفعت راية الدم» ل(بنجامين ديرشتاين) ورواية «لتُظلم الشمس والنور» ل (فريدريك بولين) كتابان مؤثران للغاية. فبعد قراءتهما، يخرج المرء منهكًا، مذهولًا. والأهم من ذلك، بلا أي أوهام حول تلك السنوات المظلمة. ولو أردنا تلخيص كتاب فريدريك بولين، الأخير في ثلاثية، بكلمتين، لما بحثنا طويلاً:سيكون "منطق الدولة" هو الأنسب. فبعد تفجير دراكار في بيروت (ووفاة خمسة وثمانون مظليًا عام 1983)، أثرت الحرب الأهلية اللبنانية على فرنسا وعلى حكومة جاك شيراك حيث يُخاطروزير داخليته شارل باسكوا بمصير الرهائن الفرنسيين في لبنان، ويعمل مع وسطاء مشبوهين. الحوار في الكتاب واقعيٌّ وجذابٌ بشكلٍ مُقلق. وشخصيات "تسعة عشر" (عميلٌ في المديرية العامة للأمن الخارجي)، وميشال ندا (رجلٌ لبنانيٌّ أصبح عضوًا في البرلمان، يلعب دور شخصيةٍ غامضةٍ لكنه يضيع في أروقة السلطة)، وفيليب كيلرمان (مستشارٌ في قصر الإليزيه) اختاروا الصراع مع ضمائرهم، وأوامرهم المتناقضة في ملحمة رائعة تفكك أحداث الثمانينات بواقعية ودراية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

بروتريه: فيصل السامر.. قامة شامخة علماً ووطنيةً

موسيقى الاحد: 250 عاماً على ولادة كروسيل

الحكّاء والسَّارد بين "مرآة العالم" و"حديث عيسى بن هشام"

في مجموعة (بُدْراب) القصصية.. سرد يعيد الاعتبار للإنسان ودهشة التفاصيل الصغيرة

شخصيات اغنت عصرنا.. الملاكم محمد علي كلاي

مقالات ذات صلة

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة
عام

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة

أدارت الحوار: ألكس كلارك* ترجمة: لطفية الدليمي يروى كتابُ مذكرات لي ييبي Lea Ypi ، الحائز على جائزة، والمعنون "حُرّة Free" تجربة نشأتها في ألبانيا قبل وبعد الحكم الشيوعي. أما كتابُها الجديد "الإهانة indignity"...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram