TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الانتخابات التي ابتلعتها الأحزاب

العمود الثامن: الانتخابات التي ابتلعتها الأحزاب

نشر في: 10 نوفمبر, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

كالعادة صباح كل يوم أبحث عن موضوع جديد لهذه الزاوية ، لكن بعد إعلان تحالفات ما بعد انتخابات مجالس المحافظات ، أدركتُ ما كان يفوتني كلّ مرّة ، من أنّ البعض مصرّ على السخرية منّا جميعاً. لذلك، سأظلّ أُكرّر القول إنني لن أتوقف عن تذكير الناس بما يجري حولهم من دمار وأسىً باسم الانتهازية الطائفيّة أحياناً ، وباسم الاستحقاق الانتخابي أحياناً كثيرة .
في كل مرة يذهب االمواطن العراقي إلى الانتخابات يأمل أن تصلح الديمقراطية أحواله المعيشية، لكن بعد أن تغلق الصناديق بالأقفال، يجد المواطن ان القوى السياسية لا تزال تتمتع بفيتو ضد أي مطالبات شعبية لا تراها ملائمة مع ثوابت الديمقراطية العراقية.
في كل مرة نجد الأحزاب السياسية تصر على "لفلفة" الديمقراطية ووضعها في جيبها الأيمن، وتعلن خشيتها من دولة العدالة الاجتماعية حيث يعتقد البعض من دراوشة الساسة أن مشكلة العراقيين ليست مع غياب الخدمات والفقر والمحسوبية والانتهازية ، وانما مشكلتهم أنهم قوم "كفرة " يعيشون عصور الجاهلية ، وأن من واجب حماة الفضيلة أن يهدوهم إلى طريق الهداية. كانت الناس تتمنى أن تحقق الانتخابات التعايش بين مكونات المجتمع العراقي كافة، وكانت الناس تتمنى أن تترجم صناديق الانتخابات إلى مؤسسات تحتضن الكفاءات، وقوانين تحارب الطائفية والانتهازية السياسية وسرقة المال العام، غير أن السنين والأيام الماضية أثبتت أن أحزابنا "الفاضلة" مصرة على اختطاف مفهوم دولة المواطنة بعيداً عن جوهره الحقيقي، محاولين تسويقه على أنه معركة للفضيلة والإيمان أو وفقاً لحالة الانتشاء التي يظهر عليها البعض منهم حين يعتقدون أنهم بصدد تهيئة المعركة من أجل دحر كفار العراق، وأن هذه البلاد لم تعد مكاناً لأقوام الجاهلية، طبعاً في خضم الشعارات الثورية ونشوة الانتصار ينسى جميع السادة دراويش البرلمان أن معظمهم يحملون جنسيات لدول أجنبية، قوانينها مدنية، ولم نسمع يوماً أن أحداً اعترض على قانون في الدنمارك أو وضع أنفه في تشريعات هولندا أو السويد أو بريطانيا. اعتقد العراقيون البسطاء في البداية أن ذهابهم بكثافة إلى الاستفتاء على الدستور في تشرين الأول من عام 2005 سينهي كل مشكلاتهم، ففوجئوا بأنه يعمق هذه المشكلات والانقسامات، ثم وقفوا في طوابير طويلة في انتخابات البرلمان ومجالس المحافظات أملاً في تهدئة نفوس الساسة الثائرة من أجل الكراسي والمناصب، والانطلاق نحو عملية ديمقراطية، فاكتشفوا أن الانتخابات انطلقت بهم إلى عالم زائف ومخادع من الممارسة السياسية. لا أريد أن استبق الأحداث والانتخابت ستجري غدا الثلاثاء ، ولكن ليس مستبعداً أن نفاجأ جميعاً بأن مجلس النواب القادم هو استنساخ للبرلمانات التي عشنا معها فصولاً من الكوميديا الديمقراطية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram