TOP

جريدة المدى > سياسية > العجز المالي يتضخم.. اختبار صعب يواجه الحكومة المقبلة

العجز المالي يتضخم.. اختبار صعب يواجه الحكومة المقبلة

نشر في: 10 نوفمبر, 2025: 12:01 ص

محمد العبيدي/ المدى
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، تعود الأزمة المالية إلى واجهة النقاش العام في العراق، حيث تتصاعد المخاوف من تنامي العجز في الموازنة وتضخم الدين العام، وسط تراجع الإيرادات النفطية وغياب إصلاحات مالية حقيقية.
ويأتي ذلك في وقتٍ تُعد فيه المؤشرات الاقتصادية مثقلة بالعجز والديون الداخلية والخارجية، ما يجعل الملف الاقتصادي أحد أكثر الملفات حساسية في موسمٍ انتخابي تتسابق فيه القوى السياسية على تقديم وعودٍ إنقاذية للناخبين.
وبحسب تقرير حديث لمرصد “إيكو العراق”، بلغ العجز المالي في الاقتصاد العراقي نحو 12.15 تريليون دينار حتى نهاية تموز الماضي، فيما سجلت الإيرادات غير النفطية للمرة الأولى نسبة 10% من إجمالي الإيرادات العامة، وهو تطور يُنظر إليه بوصفه إيجابياً لكنه لا يزال محدود الأثر قياساً بحجم الإنفاق الحكومي.
ووفق التقرير ذاته، فإن إجمالي النفقات العامة وصل إلى أكثر من 84 تريليون دينار، بينما لم تتجاوز الإيرادات العامة 72 تريليوناً، ما يعكس فجوةً متزايدة في إدارة الموارد.
مديونية غير مسبوقة
وتزامن ذلك مع إعلان رسمي عن ارتفاع الدين الداخلي إلى 91 تريليون دينار، وهو أعلى مستوى تسجله البلاد في تاريخها الحديث.
ويرى خبراء أن هذا الرقم يؤشر إلى أزمة هيكلية متجذرة في بنية الاقتصاد العراقي، ناجمة عن تراكم سياسات مالية متقلبة اعتمدت على الاقتراض لتغطية النفقات التشغيلية بدل توجيه الموارد نحو الاستثمار والإنتاج.
وفي هذا السياق، حذّر الخبير الاقتصادي ناصر الكناني من أن الحكومة العراقية ستواجه صعوبة حقيقية في تغطية العجز المالي في موازنة عام 2026 في ظل محدودية الخيارات التمويلية وارتفاع الديون الداخلية والخارجية.
وقال الكناني لـ(المدى)، إن “الحكومة لا تملك سوى اللجوء إلى بيع السندات والاقتراض من المصارف الأهلية لتسديد العجز”، مشيراً إلى أن “الخيارات الأخرى شبه معدومة بعد أن فقد العراق ثقة العديد من الجهات الدائنة الدولية”.
وأضاف أن “العراق مطلوب لأكثر من 80 جهة مالية، الأمر الذي يجعل إمكانية الاقتراض الخارجي محدودة جداً”، موضحاً أن “القروض الداخلية هي الخيار الأكثر واقعية، لكنها تزيد من عبء الفوائد على الموازنة وتقلص مساحة الإنفاق الاستثماري”.
وتابع الكناني أن “أي تقدير لسعر النفط في الموازنة المقبلة يقل عن 70 دولاراً للبرميل سيكون خطيراً على التوازن المالي”، مشيراً إلى أن “الاقتصاد العراقي لا يحتمل استمرار الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للإيرادات دون إصلاحات هيكلية في قطاعات الإنتاج الأخرى”.
هشاشة مالية متزايدة
أشار تقرير البنك المركزي العراقي مؤخراً إلى أن إجمالي الديون الداخلية والخارجية للبلاد بلغ نحو 150 مليار دولار، وأن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لا تزال عند حدود “آمنة” تقارب 43%.
وفي ظل غياب استراتيجيات مالية واضحة، تتعمق الفجوة بين الإيرادات والنفقات، لا سيما مع تزايد الإنفاق التشغيلي على الرواتب والدعم الحكومي في مقابل تراجع المشاريع الاستثمارية، ما جعل العجز البنيوي يتراكم عاماً بعد آخر. كما أن أي هبوط في أسعار النفط ينعكس فوراً على الموازنة ويهدد الاستقرار النقدي.
اقتصاد ريعي هش
من جانبه، حذر الخبير الاقتصادي عبد السلام حسن من أن استمرار اعتماد العراق الكامل على عوائد بيع النفط سيجعل أزمة العجز في الموازنة المقبلة أكثر تعقيداً.
وقال حسن لـ(المدى) إن “العراق ما زال اقتصاداً ريعياً بامتياز، إذ تعتمد أكثر من 90% من إيراداته على صادرات النفط، وهو ما يجعل الموازنة العامة رهينة لتغيرات السوق الدولية”، مضيفاً أن “أي انخفاض في الأسعار ينعكس فوراً على الإنفاق الحكومي والخدمات والمشاريع الاستثمارية”.
وأشار إلى أن “الحكومة تمتلك في بعض الأحيان سيولة نقدية كافية، لكنها تُظهر عجزاً في الوفرة المالية من أجل تغطية نفقات أخرى أو تدوير الأموال لأغراض آنية، بدلاً من استثمارها في مشاريع تنموية طويلة الأمد تعزز الموارد المستدامة”.
إصلاحات مؤجلة
ويجمع اقتصاديون على أن معالجة الأزمة الراهنة تتطلب رؤية إصلاحية بعيدة المدى تشمل ترشيد الإنفاق، وتحديث النظام الضريبي، وتفعيل أدوات الرقابة على المال العام، كما يدعون إلى إعادة هيكلة الدين الداخلي بما يقلل من كلف خدمته، وفتح قنوات استثمار جديدة تسهم في خلق إيرادات حقيقية بدلاً من الديون قصيرة الأجل.
ومع اقتراب موعد الاقتراع، يُتوقع أن يتصدر الملف الاقتصادي أولويات الحكومة المقبلة بوصفه التحدي الأبرز، إذ ستجد نفسها أمام اختبارٍ صعب بين تلبية المطالب الشعبية وضمان استدامة المالية العامة في بلدٍ لا يزال يعيش تحت ظل الريعية المزمنة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تعطيل الدوام غداً في ذكرى النصر على داعش

الخطوط العراقية: 1523 رحلة و214 ألف مسافر خلال تشرين الثاني

العدل: تأهيل 3000 حدث خلال عامين وتحديث مناهج التدريب وفق سوق العمل

إيران تكشف لغمًا جوّيًا يصطاد الطائرات المسيّرة من السماء

هيئة الرصد تسجل 8 هزات أرضية في العراق والمناطق المجاورة خلال أسبوع

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

اتهامات
سياسية

اتهامات "القتل" و"الاجتثاث" تغير نتائج الانتخابات في اللحظات الأخيرة

بغداد/ تميم الحسن بعد مرور نحو شهر على الانتخابات التشريعية الأخيرة، ما تزال "مقصلة الاستبعادات" مستمرة، لتعيد خلط أوراق القوى السياسية الفائزة. فقد ارتفع عدد المرشحين الفائزين الذين جرى "حجب أصواتهم" أو "إبعادهم" أو...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram