أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن رفع العقوبات المفروضة على بلاده يشكّل خطوة أساسية نحو تعافي سوريا من آثار الحرب، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب تُظهر دعماً واضحاً لاستقرار بلاده ووحدتها الإقليمية، وذلك في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» عقب لقائه التاريخي مع الرئيس ترامب في البيت الأبيض.

قال الرئيس السوري أحمد الشرع، في حديثه لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية وتابعته وكالة «شفق نيوز»، إن «سياسات الرئيس ترامب تُظهر بوضوح دعمه لاستقرار سوريا ووحدتها الإقليمية، والرفع الكامل للعقوبات عنها، وهو يدفع بقوة في هذا الاتجاه». وأوضح أن «الغالبية من أعضاء الكونغرس الذين التقيت بهم يدعمون أيضاً رفع العقوبات»، مؤكداً أن «الإدارة الأمريكية تتفق على أن سوريا تستحق فرصة لتكون مستقرة، ولتبني اقتصادها وتحافظ على سلامة أراضيها».
وفي ما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل، شدّد الشرع على أن بلاده «تُفضّل اتفاقاً يعيد الأراضي السورية التي تم احتلالها منذ كانون الأول/ديسمبر»، مشيراً إلى أن «المفاوضات مع إسرائيل صعبة لكنها مستمرة بدعم من الولايات المتحدة وأطراف دولية أخرى»، مبيناً أن «شروط أي اتفاق مستقبلي ستتطلب انسحاب القوات الإسرائيلية إلى المواقع التي كانت تتمركز فيها قبل سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي». وأضاف: «أعتقد أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم القادرة على ضبط تصرفات إسرائيل».
واختتم الشرع زيارته إلى واشنطن يوم الثلاثاء بلقاءات رفيعة المستوى، وُصفت بالتاريخية، حيث مُدِّد تعليق معظم العقوبات المفروضة على سوريا لمدة 180 يوماً، وبحث الجانبان انضمام دمشق إلى التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، إلى جانب التعاون في مكافحة الإرهاب والتعافي الاقتصادي، مقابل مطالب سورية بوقف الضربات الإسرائيلية جنوب البلاد ووضع خارطة طريق لرفع القيود تدريجياً.
ويأتي هذا التطور بعد يوم من اللقاء الرسمي الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض، وهو الأول من نوعه بين رئيسي البلدين منذ عقود.
فقد أجرى ترامب والشرع محادثات وُصفت بالهادئة، ركّزت على إعادة بناء العلاقات الثنائية ومناقشة ملفات إقليمية ودولية مشتركة، في إطار سعي واشنطن لإنهاء عزلة سوريا السياسية والدبلوماسية المستمرة منذ سنوات.
وقالت وكالة الأنباء السورية «سانا» إن المباحثات شملت قضايا إقليمية عدة، وشارك فيها وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني ونظيره الأمريكي ماركو روبيو، إلى جانب عدد من المسؤولين من الجانبين.
وتتوج زيارة الشرع عامًا حاسمًا في مسيرته السياسية، إذ انتقل من قيادة المعارضة المسلحة إلى رئاسة سوريا بعد الإطاحة ببشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي، حيث يسعى إلى تقديم نفسه كقائد معتدل يعمل على إعادة توحيد البلاد وإعمارها.
ووصل الشرع إلى البيت الأبيض من دون مراسم استقبال رسمية، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها محاولة لتجنّب الجدل الداخلي الأمريكي حول الزيارة، لكنه خرج لاحقًا لتحية مؤيدين له أمام مبنى الرئاسة.
وفي مؤتمر صحفي لاحق، قال ترامب إن إدارته تعمل مع إسرائيل لتحسين العلاقات مع سوريا، مشيداً بالشرع الذي كان مدرجاً سابقاً على قائمة الإرهاب الأمريكية، مضيفاً: «كلنا مررنا بماضٍ مضطرب، لكنه يقوم بعمل جيد جدًا حتى الآن».
أثارت الزيارة جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية الأمريكية، إذ انتقدت الناشطة اليمينية لورا لومر الخطوة ووصفت الشرع بأنه «قائد لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا»، متسائلة عن دوافع واشنطن لاستقباله رسمياً.
منذ تولي الشرع السلطة، بدأت دمشق بالابتعاد عن حلفائها التقليديين، إيران وروسيا، متجهة نحو علاقات جديدة مع تركيا ودول الخليج والولايات المتحدة. وتعمل واشنطن على وساطة بين سوريا وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق أمني محتمل، بالتوازي مع مساعٍ لجذب استثمارات دولية لإعادة إعمار سوريا التي دمرتها الحرب على مدى 14 عاماً.
وفي هذا السياق، أعلن مسؤول أمريكي أن سوريا بصدد الانضمام إلى التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، في خطوة تمهد لتعاون أمني جديد بين البلدين، مع الإشارة إلى أن الاتفاق في مرحلته الأولى سياسي بحت ولا يتضمن التزامات عسكرية مباشرة.