ميسان / مهدي الساعدي
خيّم الحزن على مدينة العمارة بعد وفاة الطبيب الإنساني الدكتور حميد مهدي الربيعي، المعروف بلقب «طبيب الفقراء»، الذي توفي خلال رحلته العلاجية خارج العراق، تاركاً أثراً عميقاً في نفوس أبناء ميسان، خصوصاً سكان الأحياء الشعبية الذين عرفوه بقربه منهم ومساعدته الدائمة لهم.
وتناقل أبناء المدينة خبر رحيله على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى غطّى على مجمل الأخبار المتداولة محلياً ووطنياً. ويقول المهتم بالشأن الإعلامي علي حسن لصحيفة «المدى» إنّ «خبر وفاة الدكتور حميد غطّى على كل الأخبار الرائجة، لما كان يتمتع به من شعبية واسعة في العمارة، وهذا يعكس عمق العلاقة الاجتماعية التي جمعته بأهالي المدينة، الذين تفاعلوا بشكل كبير مع نبأ وفاته ونشروا صوره وتعازيهم بحزن واضح».
ويضيف حسن: «إنّ هذا التفاعل الشعبي الكبير يدلّ على مكانةٍ راسخة تركها الدكتور الربيعي في قلوب الناس، وخصوصاً الفقراء الذين وجدوا فيه رمزاً للرحمة والعطاء».
نال الراحل لقب «طبيب الفقراء» لسببين رئيسيين؛ الأول تمسّكه بالعيش والعمل في أحد أكبر أحياء العمارة الشعبية، منطقة «الماجدية»، والثاني امتناعه عن رفع أجور الكشف في عيادته التي لم تتجاوز خمسة آلاف دينار. ويقول الناشط الإنساني أحمد فاضل لصحيفة «المدى»: «عشرات السنين قضاها الدكتور حميد في عيادته المتواضعة في الماجدية، تربطه علاقات وثيقة بأهلها، يشاركهم أفراحهم وأحزانهم، ويخصّ الفقراء بمعاملةٍ إنسانية مميزة جعلت عيادته ملاذاً للبسطاء من جشع العيادات الأخرى».
ويضيف فاضل: «لم يرفع أجور الكشفية منذ عقود، لذلك كانت عيادته مكتظة بالمراجعين، أغلبهم من ذوي الدخل المحدود».
ويقول المواطن محمد حسن لصحيفة «المدى»: «الجميع يعرف عطف الدكتور حميد ومواقفه الإنسانية التي لا تُحصى. في زمن الحصار الاقتصادي، كان يشتري الحليب للأطفال الرضع من الفقراء، ويتكفّل بثمن الدواء للمتعففين، فضلاً عن كلماته الطيبة التي كانت تبثّ الأمل في نفوس المرضى».
كان رحيل الدكتور الربيعي صدمةً لأبناء المدينة، الذين عبّروا عن حزنهم العميق بتنظيم موكب عزاءٍ كبيرٍ سار نحو منزله، حيث توافد الأهالي من مختلف المناطق لتقديم التعازي. ويقول كريم سالم لصحيفة «المدى»: «قاد أبناء منطقة الماجدية جمعاً كبيراً من المعزين إلى مجلس عزاء الدكتور حميد، مردّدين مستهلات حزينة تعبيراً عن وفائهم لطبيبهم الذي عاش بينهم سنين طويلة، ووقف إلى جانبهم في الأزمات والمحن».
ويضيف سالم: «مثل هذه المواقف لا تحدث إلا نادراً، وتختص بشخصيات مؤثرة تركت بصمات لا تُمحى، مثل الدكتور حميد».
زملاء المهنة عبّروا بدورهم عن حزنهم الشديد على فقدانه، ودوّنوا كلمات مؤثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وكتب الدكتور كريم صويح عيادة في مقالٍ مقتضب اطلعت عليه «المدى»: «أصبت بالرعب لساعات وأنا أقرأ تدوينات الزملاء وتعازيهم، ليس لذكر الموت بحد ذاته، بل لشدة الصدمة من فقدان أخ وصديق عشنا معاً نصف قرن. لا أملك سوى الذهول والصمت، فالحزن يحجب العقل ويحبس الكلمات».
وأضاف عيادة: «أعرف يا حميد أنّك تجد صعوبة في الابتعاد عن الفقراء الذين أحببتهم، لكن روحك الطيبة لن تسكن الفراغ، بل ستظلّ تتهادى بين القبور تبحث عن حزينٍ أو مكلومٍ لتخفّف ألمه كما كنت تفعل في حياتك».
وتناقلت صفحات محلية مقطعاً مصوّراً للفقيد وهو يلقي محاضرة لزملائه الأطباء، قال فيها: «الطبيب شمعة أينما حلّ يضيء، ولا علاقة له بالتفاهات الكثيرة، ولا يجعل هدفه المال. أنا أتقاضى أقل الأجور رغم أني استشاري، لكن بيني وبين الله أقول: عسى أن ينفعنا الله، لأن الطريق موحش، والفقراء مهمّون حتى المسيئين منهم، فَقَدِّمْ للفقير خدمةً ولو كان سيئاً».











جميع التعليقات 1
حسيني رفعت الشمري
منذ 3 أسابيع
اسال الله ان يسكنه فسيح جناته وان يلهم اهله ومحبيه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا اليه راجعون استشاري هندسة مدنية حسيني الشمري