علي حسين
منذ أن إطلقها الراحل سلطان بن علي العويس في نهاية عام 1987 ، حافظت "جائزة العويس" على التقدير والاحترام الذي كان يحظى به اسم مؤسسها الراحل ، والأثر الكبير الذي تركه في تكريمه للمبدعين العرب الذين عَّكست نتاجاتهم أصالة الفكر، وطموحات الإنسان العربي في النهوض بواقعه بعيداً عن نظريات المؤامرة وهتافات الموتورين .
الجائزة هذا العام جمعت بين المشرق ممثلاً بالعراق والمغرب ممثلاً بتونس والمملكة المغربية ، لكنها منحتنا نحن المتابعين لها بريقاً خاصاً هذه السنة ، حين قررت تكريم ومنح الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بـ "جائزة الإنجاز الثقافية " ، تقديراً لمسيرته الاستثنائية في المجال الثقافي والمعرفي حول العالم، هذا الدور الذي تحول الى منجزات ونهضة عمرانية وثقافية ، فقد حول الشيخ محمد بن راشد دبي الى مدينة جاذبة للمعرفة ، مهرجان تحدي القراءة، مكتبة عامة تضم ملايين العناوين، جائزة متميزة للغة العربية، مشروع الحي الثقافي، برنامج دولي للكتابة، مؤسسة ضخمة للمعرفة، تكريم لنوابغ العرب وكبار صحفييهم. يضاف الى ذلك شغف بالقراءة والعمل تحول الى مؤلفات تروي سيرة العلاقة بين الإنجازوالسعي للتفوق بدأت من "رؤيتي" و"قصتي" ، مرورا بـ " ومضات من فكر " و " من الصحراء الى المريخ " و " علمتني الحياة " ، وفي معظم هذه المؤلفات هناك إيمان بان، المعرفة والكتاب هما أفضل سبل التقدم وأكثرها ضمانة لبناء مجتمع متطور، فانت امام ظاهرة تثير الدهشة، وتجربة من تجارب التحضر، وتطور لا يتوقف ، حيث نجد المسؤول يتسم بسعة الافق والتواضع ومحبة الخير ، والعمل اليومي الذي يسعد الناس بجميع طبقاتهم.
الذين يقلبون صفحات السيرة المضيئة والمتميزة للشيخ محمد بن راشد ، سيدركون قضية جوهرية خلاصتها : لكي تبقى ذكرى الحاكم ساطعة في نفوس أبناء بلده عليه أن يحررهم من العوز والخوف من المجهول ، وان يحجز لمواطنيه مكانا في المستقبل .
حول الشيخ محمد بن راشد دبي الى مقر لاضخم جائزة تمنح للنابغين من بلاد العرب ، ولم تتوقف المسيرة عند نوابغ العرب ، بل هناك في الافق خطط مستقبلية لتحويل هذه الجائزة الى نوبل عربية ، حتى لا يقول المبدع العربي أنه حُرم من الجوائز العالمية الكبرى .
تخبرنا كتب الفلسفة أن السعادة نتاج لمجتمعات متطورة تحترم الإنسان وحقوقه، واذا عدنا الى الوراء سنجد سقراط يقول لتلميذه افلاطون: أتعرف ما هي السعادة؟، إنها خير آخر، وحين يسأل أفلاطون عن الأرض التي تزدهر فيها السعادة يقول سقراط: تخضر السعادة وتزدهر في أرض تشيع العدالة الاجتماعية وتراعي شؤون الحكماء . وأنا استعيد قراءة جملة سقراط ، تذكرت ما كتبه الشيخ محمد بن راشد ذات يوم :" السعادة مسؤولية مشتركة بين القيادة والمجتمع " .









