متابعة / المدى
سلط موقع مؤسسة «Consultancy» الدولية للاستشارات، الضوء على أهمية التحرك العراقي السوري المشترك لتقييم حالة وجدوى إعادة فتح خط أنابيب النفط كركوك – بانياس، المعطل منذ أكثر من عقدين، رغم كونه من أقدم ممرات الطاقة وأكثرها أهمية إستراتيجياً في المنطقة.
وأوضح التقرير، أن كلاً من العراق وسوريا لم يفصحا عن هوية شركة استشارات النفط والغاز التي تم تكليفها بالمهمة، مشيراً إلى أن الخطوة جاءت عقب اجتماعات رفيعة المستوى بين الجانبين، اتفقا خلالها على تشكيل لجنة فنية مشتركة تعمل مع الجهة الاستشارية لتقييم الجاهزية التشغيلية للخط وأنظمة الضخ وخيارات إعادة التأهيل المحتملة. وذكرت المؤسسة الاستشارية، التي تتخذ من هولندا مقراً لها، بما صرح به رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مقابلة مع وكالة «رويترز» مؤخراً، بأن الدراسة تهدف إلى تحديد إمكانية استعادة الخط الذي تضرر خلال حرب عام 2003، وذلك ضمن خطة العراق لتنويع طرق تصدير النفط الخام.
وأكد السوداني حينها أن العراق وسوريا اتفقا على تكليف إجراء تقييم شامل لخط كركوك – بانياس بهدف إعادته إلى الخدمة. وأشار التقرير إلى أن خط كركوك – بانياس شُيّد عام 1952، وكان ينقل النفط من الحقول الشمالية العراقية إلى ميناء بانياس السوري على البحر الأبيض المتوسط، ما منح العراق منفذاً مباشراً إلى الأسواق الأوروبية. ويمتد الخط لمسافة تقارب 800 كيلومتر بطاقة نقل تبلغ 300 ألف برميل يومياً، وشكل لسنوات طويلة شرياناً رئيساً لتصدير النفط العراقي قبل أن تتوقف عملياته نتيجة الصراعات المتعاقبة والتوترات السياسية.
وأضاف التقرير أن الخط توقف تماماً في عام 2003 بعد تعرضه لأضرار جسيمة خلال الغزو الأميركي للعراق، فيما فشلت محاولات لاحقة لإعادة تشغيله بسبب تقادم بنيته التحتية وتحديات الأمن الإقليمي وتغير موازين التحالفات في المنطقة.
ورغم تلك العوائق، أكد التقرير أن الجدوى الإستراتيجية للمشروع ما تزال قوية، إذ يوفر الخط للعراق بديلاً عن موانئه الجنوبية على الخليج العربي القريبة من مضيق هرمز، وهي منطقة تشهد توترات جيوسياسية متكررة، فضلاً عن أنه يتيح مساراً أقصر وأقل كلفة نحو المشترين في البحر الأبيض المتوسط.
كما أوضح التقرير أن إعادة تشغيل الخط تتماشى مع استراتيجية العراق لتنويع منافذ تصديره وتعزيز قدراته خارج محطاته الجنوبية وخط الأنابيب العراقي – التركي إلى ميناء جيهان، الذي أُغلق منذ عام 2023 بسبب نزاعات التحكيم الدولية. ويُنظر في بغداد إلى مشروع خط البصرة – الحديثة الجاري تطويره حالياً كرافد محتمل لخط بانياس، ما قد يتيح مستقبلاً تصدير النفط إلى الموانئ السورية واللبنانية.
وفي الجانب السوري، أشار التقرير إلى أن إعادة تفعيل خط كركوك – بانياس ستوفر مصدراً مهماً للعائدات يساعد في تعافي الاقتصاد وإعادة بناء قطاع الطاقة، إضافة إلى تعزيز موقع دمشق كممر عبور إقليمي للطاقة. غير أن التقرير حذر من أن نجاح المشروع مرهون بظروف مالية وتقنية وسياسية معقدة، مبيناً أن إعادة التأهيل تتطلب ضمانات أمنية مستقرة، واستثمارات كبيرة من البلدين وشركائهما، وضمانات بعدم تأثر المشروع بالعقوبات التي قد تعيق وصول النفط إلى المشترين الأوروبيين.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن تكلفة إعادة الترميم الشامل قد تصل إلى نحو 8 مليارات دولار إذا جرى توسيع السعة التشغيلية إلى 700 ألف برميل يومياً، بينما يمكن تحقيق إعادة تشغيل جزئية بكلفة أقل بكثير.










