ترجمة عدنان علي
يندرج تحييد باكستان الأخير للانتقادات الموجهة لبعض الخطابات الإعلامية، بما في ذلك الجدل الدائر حول صحيفة "فرونتير بوست"، في إطار نمطٍ راسخ من التلاعب الاستراتيجي ونشر المعلومات المضللة الذي تتبعه الدولة الباكستانية. ويلعب هذا الجهاز، الذي ترعاه الدولة، دورًا محوريًا في التأثير على الانطباعات المحلية والدولية، غالبًا من خلال استغلال الفضاءات الإعلامية العالمية وشبكات التواصل الاجتماعي لعرض خطابات مفضلة تخدم المصالح الجيوسياسية الباكستانية.
لطالما استخدمت الدولة الباكستانية وأجهزتها الاستخباراتية التضليل الإعلامي كأداة رئيسية لإدارة علاقاتها الإقليمية والدولية المعقدة. ويتجلى هذا التلاعب بوضوح ضد جارتها الهند، ولكنه يمتد أيضًا إلى سياق عالمي أوسع، بما في ذلك العلاقات مع دول مثل روسيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة. يتضمن النهج الباكستاني في حرب المعلومات مزيجًا من وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة الدولة، وحملات التواصل الاجتماعي، والاستخدام غير المباشر لمنظمات تابعة لنشر محتوى مشوه أو ملفق يهدف إلى إرباك وتضليل واستقطاب الجماهير المستهدفة. تهدف هذه الأساليب إلى تعزيز الأهداف الدبلوماسية الباكستانية، وتبرير خياراتها السياسية، والتصدي للتدقيق الدولي غير المواتي.
أظهر الجدل الدائر حول حرس مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية، حيث تم تداول حادثة مزعومة تتعلق بعدم احترام الحراس للحجاج داخل المسجد الحرام بشكل مكثف على وسائل التواصل الاجتماعي الباكستانية، حجم استغلال الروايات. فعلى الرغم من التوضيح الرسمي السعودي، بالغت شبكات الإنترنت الباكستانية في تصوير الحادثة، مما أثار غضب الجماهير المسلمة وحاول إعادة توجيه المشاعر الجماعية نحو خطوط طائفية. استغلت باكستان اتفاقية الدفاع السعودية الباكستانية بتضخيم أهميتها عبر قنوات الدولة ووسائل التواصل الاجتماعي، مصوّرةً إياها كتحالف تحويلي يوفر حماية عسكرية، بل وحتى نووية، لا لبس فيها، للمملكة العربية السعودية.
علاوة على ذلك، غالبًا ما تُلقي حملات التضليل الباكستانية باللوم على جهات خارجية، متهمةً الدول المعادية بتدبير روايات ودعاية كاذبة ضد باكستان. وقد رفضت حكومة باكستان رسميًا مزاعم تورطها في التضليل ضد دول أخرى، بينما أدانت في الوقت نفسه حملات التضليل المزعومة التي تستهدفها. يعكس هذا التبادل في تبادل اللوم بيئةً أوسع نطاقًا لحرب المعلومات في جنوب آسيا، حيث تُستغل الروايات لتشويه سمعة الدول المنافسة وتبرير أجندات السياسة الداخلية والخارجية.
وهكذا، يعمل استخدام باكستان للتضليل على جبهتين حاسمتين. محليًا، تُشكل الرأي العام، وتقمع المعارضة، وتُدير المنافسة السياسية من خلال التحكم في الروايات عبر القنوات الرسمية والتابعة. دوليًا، تسعى إلى التأثير على الرأي العام العالمي، والتلاعب بالخطاب الدبلوماسي، ومواجهة الانتقادات الموجهة لسياساتها وأفعالها، بما في ذلك القضايا الخلافية مثل مزاعم الإرهاب العابر للحدود والصراعات الإقليمية. تُبرز هذه الاستراتيجية المزدوجة اعتماد باكستان على التحكم في الروايات كعنصر لا غنى عنه في إدارتها للدولة. يتطلب التصدي لهذه التحديات تدقيقًا دقيقًا للحقائق، وقنوات اتصال شفافة، وتعاونًا متعدد الأطراف لمواجهة انتشار الأكاذيب، مع تشجيع الحوار الصادق والبناء.
يعكس استخدام باكستان المستمر للتضليل الإعلامي كاستراتيجية دولة نمطًا أوسع نطاقًا من التلاعب بتدفق المعلومات لخدمة أهداف جيوسياسية. وسواءً كان ذلك استهدافًا لجيرانها كالهند، أو إدارة شراكات استراتيجية كتلك التي تربطها بالإمارات العربية المتحدة، أو الانخراط في خطاب دولي أوسع، فإن تركيز باكستان على التحكم في الروايات يكشف عن الدور الحاسم لحرب المعلومات في أدواتها الدبلوماسية والأمنية المعاصرة. إن إدراك هذه الظاهرة وفهمها أمرٌ ضروري للمجتمع الدولي لإشراك باكستان بمزيد من الوضوح والحذر والفعالية في السعي لتحقيق الاستقرار الإقليمي والتعاون العالمي.










